هجمات الحوثي وسواحل اليمن.. «العين الإخبارية» تبحر بالبؤرة الأكثر توترا في العالم
تحت سماء صافية تحرك زورق على متنه مراسل "العين الإخبارية" من ساحل بلدة "الفجرة" في المخا غربي تعز على ساحل البحر الأحمر.
بدت أجواء الرحلة هادئة فيما كان الزورق يشق طريقه باتجاه المياه الدولية حيث واحدة من أكثر بؤر التوتر سخونة في العالم.
كان اليوم قد بدأ مبكرا في مطعم "الشجرة" بمدينة المخا التاريخية على البحر الأحمر قبل أن نشق طريقنا باتجاه مدينة الخوخة، حيث كان ينتظرنا في منتصف الطريق منصور الحيدري أحد ضباط خفر السواحل.
انعطف بنا الحيدري، وهو محتزم سلاحه الخاص ونظارته السوداء، نحو طريق بري ساحلي بمحاذاة البحر الأحمر تماما، وقطعنا لنحو ساعة الطريق على متن السيارات وصولا إلى بلدة "الفجرة" وهي بلدة يرابط بها خفر السواحل وتشكيلات بحرية للقوات المشتركة لتأمين مياه اليمن الإقليمية.
وفور وصولنا، كانت سرية من الجنود في خفر السواحل تؤدي طابور الصباح استعدادا للمهام الأمنية والعسكرية المعتادة وذلك بقيادة الشاب رضوان عبدالله الذي استقبلنا بابتسامة عريضة وهو يشير لنا للاستعداد لصعود الزوارق التي سوف تقلنا إلى عمق البحر، هناك حيث تتشكل تحالفات دولية وتتحرك أساطيل دول عظمى، تحت عيون عناصر مليشيات التي تلقم فوهات منصات الإطلاق بالصواريخ في انتظار الهجوم على سفن تجارية.
وعطلت هجمات تشنها مليشيات الحوثي طريقا تجاريا رئيسيا يربط أوروبا وأمريكا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس، وتسببت في ارتفاع تكاليف شحن الحاويات بشكل حاد مع سعي الشركات لشحن بضائعها عبر طرق بديلة أطول في كثير من الأحيان.
وتلقي الأزمة بظلال قاتمة على الوضع الاقتصادي الدولي وسط توقعات بارتفاع أسعار السلع على خلفية تهديد الممر الملاحي الذي يستحوذ على 15% من حجم التجارة الدولية بحسب بعض التقديرات.
ووسط هذه الظروف تلعب قوات خفر السواحل اليمنية في قطاع البحر الأحمر إلى جانب التشكيلات البحرية التابعة للقوات المشتركة دورا محوريا ورئيسيا في مكافحة التهريب والهجمات الحوثية وذلك رغم الإمكانيات المحدودة والتحديات الكبيرة.
وتؤمن القوات المشتركة سواحل يصل طولها إلى أكثر من 150 كيلومترا ابتداء من باب المندب مرورا بميناء المخا وحتى ميناء الحيمة أطراف مديرية الخوخة جنوبي الحديدة، فيما تلتزم قوات خفر السواحل بتأمين مياه اليمن الإقليمية قبالة هذه السواحل عبر تسيير دوريات ليلية ونهارية مستمرة.
جاهزية عالية
وتقف القوات المشتركة بدعم من التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بالمرصاد لمخططات مليشيات الحوثي في البحر الأحمر والتي تحاول جر البلاد إلى مزيد من المآسي والويلات.
وقال متحدث القوات المشتركة في الساحل الغربي لليمن العقيد وضاح الدبيش إن "نائب رئيس المجلس الرئاسي العميد طارق صالح، يولي اهتماما كبيرا بخفر السواحل والقوات البحرية والتي تقف على أتم الاستعداد والجاهزية".
وأوضح في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن "القوات المشتركة تمتلك قدرات وجاهزية واحترافية على مستوى عال، وتقوم بتأمين الجزر اليمنية كافة والسواحل والممر الملاحي الواقع تحت نطاق سيطرتها بعد تحريره من مليشيات الحوثي".
وأضاف أن "المليشيات تحاول نقل هذا الصراع إلى البحر الأحمر لكننا لن نسمح بذلك، هذا تهديد بجر البلاد والمنطقة إلى مزيد من الاضطراب والمعاناة".
وأكد المتحدث العسكري أن اليمن يعيش "أوضاعا وتحديات كبيرة، علينا التصدي لها" مؤكدا أن قواته لن نسمح لهذه المليشيات أو غيرها بإشعال نار الفوضى لخدمة أجندات إقليمية".
وأوضح أن "العميد طارق صالح وقيادة قوات التحالف تولي دعما واهتماما كبيرين لتنمية قدرات خفر السواحل والقوات البحرية ونحن في أتم جاهزية لصد أي عدوان حوثي".
وبشأن رفض القوات المشتركة المشاركة في عملية حارس الازدهار، أكد الدبيش أن "القوات المشتركة تتواجد في أرض الميدان وهي لن تكون شريكة في التحالف البحري بقيادة واشنطن" المعني بحماية ومرافقة السفن في المياه الدولية بالبحر الأحمر.
وفي 18 من ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت الولايات المتحدة عن تشكيل تحالف "حارس الازدهار" الذي يضم عدة دول، من أجل ردع هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
مهام خفر السواحل
برنامج يومي مكثف تلتزم به قوات خفر السواحل اليمنية في البحر الأحمر يبدأ من الساحل إلى عمق البحر ضمن انتشار واسع النطاق لمساعدة حركة السفن وإنقاذ الأرواح ومنع التهريب والقرصنة.
هذا ما أكده رئيس أركان خفر السواحل اليمنية قطاع البحر الأحمر العقيد إبراهيم فتيني قائلا إن "مهام خفر السواحل حماية المياه البحرية والاقتصادية لليمن، ومكافحة القرصنة البحرية، والحفاظ على البيئة والثروة السمكية، والاستجابة لنداء الاستغاثة، وتنظيم حركة الصيد".
وأضاف في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن "قوات خفر السواحل طالما أحبطت محاولات حوثية لتهريب الأسلحة والمواد المتفجرة".
من جهته، قال قائد سرب قوات خفر السواحل في بلدة الفجرة في البحر الأحمر النقيب رضوان عبدالله إن مهام خفر السواحل تبدأ من "الحيمة وحتى باب المندب وتقوم بحماية المياه الإقليمية".
وأكد أن "قواتنا مستعدة وجاهزة للتصدي لأي هجوم من المليشيات الحوثية وحماية المياه الإقليمية من القرصنة وغيرها من الأعمال".
كما أكد أن هجمات مليشيات الحوثي في البحر الأحمر " ضاعفت التهديدات على قوات خفر السواحل اليمنية، لكنها لا تبالي بها، وهي مستعدة لتنفيذ جميع المهام والتصدي لأي هجوم".
وخلال الرحلة قال أحد جنود قوات خفر السواحل بالبحر الأحمر ويدعى سالم العنبري ، إن قوات خفر السواحل تقوم بواجبها على أكمل وجه في المرابطة والحفاظ على السواحل اليمنية.
وكشف العنبري لـ"العين الإخبارية" عن "إحباط قوات خفر السواحل تهريب شحنة أسلحة قبل عدة أيام كانت متجهة لمليشيات الحوثي".
وأضاف "نقوم بواجبنا على أتم وجه في المرابطة والدوريات حسب البرنامج اليومي الليلي والنهاري".
وكانت ملاحظة الجنود والضباط لنا واضحة، حيث أكدوا أن مهمة خفر السواحل والتشكيلات البحرية للقوات المشتركة تنتهي في حماية المياه الإقليمية اليمنية فقط وليس الممرات الدولية التي أصبحت مهمة تأمينها من صميم عمل البوارج الغربية.
وبعد 3 ساعات ونصف الساعة تقريبا بدأت الزوارق الحربية بإعادتنا إلى نفس الوجهة التي صعدنا منها، لتنتهي الرحلة البحرية التي جرى التنسيق لها بتسهيلات من قبل نائب مجلس القيادة الرئاسي العميد الركن طارق صالح.
وعلى الشاطئ، التقينا بعض الصيادين في مدينتي المخا والخوخة الساحليتين وكانوا بوجوه متجهمة يرفضون الحديث عن هجمات الحوثي في البحر الأحمر التي تسببت باستدعاء البوارج وأساطيل العالم إلى بحر يعد الملجأ الوحيد لمصدر رزقهم وأطفالهم، كما يقولون.
وقال سالم لبيب وهو صياد يمني إن "رحلات الصيد باتت خوف في خوف وأنه عندما يذهب للبحث عن رزق لأطفاله لا يتوقع أن يعود سالما أبدا بعد أن تم عسكرة البحر".
aXA6IDMuMTcuNzkuMTg4IA== جزيرة ام اند امز