من صنعاء إلى الحديدة.. «شعلة الثورة» تحرق قمع الحوثيين
في أحد ميادين صنعاء، وقف طفل في الـ13 من العمر للعمل كعادته في بيع بالونات الهواء لإعالة أسرته الفقيرة،
وبحسب شاهد عيان لـ"العين الإخبارية"، فإن مليشيات الحوثي اختطفت الطفل بسبب بيعه بالونات الهواء والتي كانت تحمل ألوان العلم اليمني الحمراء والبيضاء والسوداء في ظل انتشار كثيف لعناصر المليشيات في الشوارع والحارات والأزقة وتقسيم المدن لمربعات أمنية.
مصدر آخر أبلغ "العين الإخبارية" أن مليشيات الحوثي ألزمت محلات بيع وتصنيع الأعلام في محافظة صنعاء بعدم بيع أي قطعة علم قماشية إلا بتصريح مسبق من عاقل الحارة أو مشرف المربع التابع للحوثيين.
اختطافات وشرارة مقاومة داخلية
ونشر الحوثيون مئات الآليات والدوريات واستعرضوا بالعناصر المدججة بالأسلحة وسط المدن الرئيسية كصنعاء والحديدة وإب وذلك بعد موجة اختطافات هي الأعنف طالت بين 300 و500 ناشط وصحفي وسياسي ومعلم ومحامي ومواطنون عاديون إثر الكتابة أو الحديث عن الثورة في مختلف المناطق غير المحررة.
ودفع الحوثيون بكبار قياداتهم ووسائل إعلامهم لإطلاق التحذيرات والوعيد لكل من سيحتفل بالعيد الـ62 لثورة 26 سبتمبر/أيلول وأجبروا شخصيات وقوى سياسية لإصدار البيانات التي تشجب إقامة المناسبة بعيدا عن التصريح المسبق من المليشيات.
وتحت الضغط ولتخفيف وطأة النقمة الشعبية، نظم الحوثيون فعالية بالإكراه في ميدان التحرير بصنعاء، بعد أن حولوه لساحة لمقصلة الإعدامات لليمنيين لطمس آثار الثورة التي قوضت نظام الإمامة عام 1962.
واستدعى الحوثيون شخصيات يريدون ضمان ولائها وآخرين بالإكراه للحضور وأحاطوهم بالعناصر المسلحة، وحددوا ساحة ميدان التحرير كساحة وحيدة لإحياء المناسبة على عكس فعاليتهم التي تقام في المؤسسات وساحات المدن ويسخرون لها إمكانيات مهولة.
وردا على خطوة مليشيات الحوثي التي استهدفت من إيقاد شعلة 26 سبتمبر/أيلول، استغفال اليمنيين مجددا وسرقة الثورة من قلوبهم وعقولهم، قاطع الملايين من اليمنيين أحياء المناسبة على طريقة الجماعة وأقاموها في منازلهم بين أطفالهم واحبائهم، بحسب ما نشر الكثير من الناشطين عن شرارة هذه المقاومة العفوية الفردية.
وهذا ما أكده القاضي عبدالوهاب قطران أنه كغيره أوقد شعلة الذكرى الـ62 لثورة 26 سبتمبر/أيلول في منزله بالطريقة العائلية بعد أن جرمت المليشيات "الاحتفال واحتكروه بالشارع لهم وحدهم.
الحديدة وإب.. معقل ورئة الثورة
حلت محافظتا الحديدة وإب في المرتبة الأولى مع صنعاء في مستوى القبضة الأمنية الحديدية التي فرضتها مليشيات الحوثي منذ مطلع الشهر الجاري وعززتها اليوم الأربعاء عشية ذكرى 26 سبتمبر/أيلول، إذ تعد إب معقل زعيم الثورة اليمنية، فيما الحديدة هي رئة تهريب تنفسية للمليشيات وتخشى من أي حراك يشل مصدرا رئيسيا اخزينتها.
وفي الحديدة، قال مصدر محلي لـ"العين الإخبارية" إن الحوثيين نشروا بشكل مكثف آليات مكافحة الشغب وعربات ودوريات منها جوالة باستمرار وأخرى وزعت للتوقف في مداخل الشوارع وداخل الحارات في استنفار غير مسبوق للجماعة الانقلابية وجاء بعد أيام من حملة اعتقالات سرية وعلنية طالت العشرات.
عند تمام الساعة الـ12 من ظهر اليوم الأربعاء، أعاد الحوثيون مشهد اجتياح مدينة الحديدة عام 2014، بعد دخول المئات من الآليات والدوريات العسكرية المحملة بالعناصر المسلحة من المدخل الشمالي للمدينة المطلة على البحر الأحمر.
وعمد الحوثيون لاستعراض القوة أمام أنظار سكان المدينة الساحلية لبث حالة من الرعب الجماعي، واكتظ الشارع الرئيسي في قلب المدينة "شارع صنعاء بالدوريات والعناصر ذات الوجوه المقنعة، بحسب وصف شاهد عيان لـ"العين الإخبارية".
وذكر الناشط إبراهيم مطيع المطري أن حجم القوة التي دفعت بها المليشيات تتجاوز 500 آلية ودورية عسكرية مدججة بالعناصر المسلحة للإرهاب الجماعي للسكان ومنعهم من أحياء العيد السنوي.
ووجه زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي قياداته لقمع كل من يقوم بإحياء العيد السنوي للثورة بما في ذلك "التنكيل بكل من يخالف توجيهات الجماعة القاضية بمنع الاحتفال في أي مكان باستثناء الفعالية الشكلية في ميدان التحرير بصنعاء على طريقتها وبشكل قسري".
ولم يختلف المشهد في محافظة إب، معقل زعيم ثورة 26 سبتمبر/ أيلول علي عبدالمغني، حيث شيد الحوثيون حواجز تفتيش في مداخل الأحياء السكنية والشوارع بالتزامن مع دوريات تجول المدينة مع استمرار حملات الاختطافات التي طالت المئات بينهم أطفال.
وفي ريمة المجاورة، علمت "العين الإخبارية" من مصدر خاص أن "مليشيات الحوثي اجتمعت مع كافة شيوخ ووجهاء وأعيان المحافظة وهددت باعتقالهم على خلفية احتفالات ومواكب عفوية لمواطنين بينهم شبان وأطفال في أرياف المحافظة الجبلية ذات المرتفعات الشاهقة المطلة على الملاحة البحرية بمناسبة عيد الثورة.
تباين يعري المليشيات
واعتبر مسؤولون يمنيون ونشطاء أن القمع والقوة المفرطة لمليشيات الحوثي مع كل من أراد أحياء المناسبة الوطنية يفضح "رعب المليشيات وأنها بلا رصيد شعبي أو بصمة مجتمعية".
وقال نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح في تدوينة على حسابه بمنصة "إكس" للتواصل الاجتماعي إن "التباين الحاد بين موقف الشعب اليمني ومليشيات الحوثي بشأن ذكرى شعلة الـ26 من سبتمبر/أيلول، يكشف عمالة الحوثي لقوى خارجية، وموقفه العدواني من الوطن وثورته".
وأضاف أن "الابتهاج الشعبي العارم في كل مناطق الجمهورية تقابله غربة حوثية تتحول إلى خوف وعنف.. فالشعب اليمني لن تقهره جماعة ولن تستعبده إمامة ولن تمسخه خرافة، وأنها لثورة حتى يستعيد الشعب جمهوريته".
وكانت مدن مأرب وتعز والمخا والخوخة وحيس الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا قد أحيت الذكرى الـ62 لشعلة الـ26 من سبتمبر/ أيلول التي قامت في الشطر الشمالي للبلد عام 1962 ونجحت في الإطاحة بنظام ملكي عزل البلاد لعقود وكان السبب في تخلفها لقرون ونشر الأمراض والجهل، وفقا لتقارير محلية ودولية.