"شبوة".. قلب حضارة اليمن وموطن النفط والعسل
تتصدر محافظة شبوة المشهد اليمني مجددا باعتبارها مسرحا لمعركة جديدة وفاصلة مع مليشيات الحوثي.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تحولات سياسية مهمة في اليمن تستهدف إعادة رسم مسرح العمليات العسكرية ضد تمدد المشروع الإيراني، كما جاء مع توافد حشود عسكرية كبيرة إلى محافظة شبوة كقاعدة انطلاق لتحرير ما تبقى من مناطق تحت سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية.
وتسعى القوات اليمنية (العمالقة، المقاومة الجنوبية، النخبة الشبوانية، محوري عتق وبيحان بالجيش الوطني) بدعم تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية إلى تحرير مديريات بيحان وعسيلان وعين وأجزاء من مرخة تقع غرب وشمال المحافظة على الحدود من مأرب والبيضاء.
وتشكل المحافظة الغنية بالثروات النفطية وموطن أجواد أنواع العسل في العالم، أشهره عسل "جردان" عمقا حضاريا وتاريخيا فريدا في المنطقة وليس في اليمن وحدها كونها كانت عاصمة لـ 3 من خمس ممالك يمنية قديمة تمدد حكمها الى حدود بعيدة.
وتشير النقوش القديمة وإفادات المؤرخين وعلماء الأثار إلى أنه على جغرافيا محافظة شبوة تعملقت 3 ممالك يمنية قديمة هي "أوسان" و"حضرموت" و"قتبان" إذ كانت " يهر" عاصمة مملكة أوسان و”شبوة" القديمة، التي أشتق أسمها الحالي منها عاصمة مملكة حضرموت القديمة و " تمنع " عاصمة مملكة قتبان.
وأقيمت هذه الممالك اليمنية القديمة خلال الفترة من القرن الأول حتى القرن السابع قبل الميلاد، وفقا للمراجع التاريخية.
أهمية استراتيجية
تطل شبوة على بحر العرب وسواحله وتضم ميناء "قنا" القديمة الذي يعد أعظم موانئ العالم القديم، حيث ربط بين دول جنوب شرق آسيا ودول شرق أفريقيا بالحضارات التي كانت قائمة في بلاد ما بين النهرين وسوريا ومصر وبلاد اليونان والرومان ، عبر طريق القوافل التجارية البرية.
جغرافيا، تقع محافظة شبوة وسط الجزء الجنوبي من اليمن على بعد 474 كليو مترا من صنعاء وتربطها حدود جغرافية مع محافظات حضرموت ومأرب وأبين والبيضاء وتطل من الجنوب على البحر العربي وتمتد سواحلها لنحو 300 كيلومتر.
كما تتمدد على مساحة تقدر على نحو 43 ألف كيلومتر مربع وتتوزع في 17 مديرية وتعد ثاني أكبر محافظة من حيث المساحة بعد حضرموت.
موطن أعرق قبائل اليمن
تستوطن شبوة قبائل عريقة تعد المكون الإجتماعي الرئيسي فيها ومن أبرز هذه القبائل "العوالق" حيث تعد من أكبر قبائل اليمن وتزعمها المحافط المعين حديثا الشيخ عواض ابن الوزير.
كما تسكنها قبيلة مصعبين وقبيلة بلحارث وقبيلة بني هلال وقبيلة حِمْيَر وقبيلة نعمان وقبيلة سعد وقبيلة بلعبيد ومن هذه القبائل الثمان الرئيسية تتفرع بطون قبلية صغيرة عديدة.
وتعد القبيلة في شبوة هي الرابط الأساسي بين مكونات المجتمع المحلي بأعرافها وتقاليدها الأصيلة.
كما أن الأحزاب السياسية رغم وجودها منذ عام 1990 لم تنجح في سلخ أبناء شبوة إلى تكتلات حزبية متصارعة حيث لازالت القبيلة هي الحزب والدولة بمؤسساتها العادلة وهي مطلب الشبوانيين.
ورغم التكوين القبلي للمجتمع الشبواني الا أن أبناء المحافظة سجلوا حضورا فاعلا في التعليم والحصول على شهادات عليا ومتخصصة إضافة الى حركة اغتراب نشطه وناجحة ربطت أبناء شبوه بدول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات.
ثراء نفطي
وتعتبر محافظة شبوة إحدى المحافظات الرئيسية المنتجة للنفط في اليمن إلى جانب حضرموت ومأرب، أو ما تسمى المثلث النفطي.
وكان أول أعلان عن اكتشاف النفط في محافظة شبوة من قبل شركة " تكنو أكسبورت " السوفيتية عام 1987م حيث كانت دولة اليمن الجنوبي قبل الوحدة التي قامت عام 1990 ضمن المعسكر السوفيتي.
ومن بين القطاعات النفطية التي تتوزع على 4 محافظات يمنية يوجد قطاع جنة في شبوة بمديرية عسيلان، التي تعد الأن هدفا للتحرير إثر سيطرت مليشيات الحوثي على أجزاء منها في سبتمر الماضي بتواطؤ من الإخوان.
كما يتواجد بشبوة واحد من 3 موانئ نفطية في اليمن هو ميناء بلحاف النفطي (بئر علي) ويقع على البحر العربي ويستخدم لتصدير النفط الخام ويوجد به 5 خزانات سعة كل منها 126 ألف برميل وتم إنشاء الميناء عام 1990.
وتوقف هاذا الميناء 2015 أثناء سيطرة المليشيات الحوثية على محافظة شبوة ومغادرة الشركات المشغلة للمشروع.
ويعد المشروع الذي زادت كلفته عن 5 مليار دولار من أهم مشاريع الغاز التي أنشأت في المنطقة وتملك شركة توتال الفرنسية 40 % من المشروع الذي يستقبل الغاز المنقول من حقول الغاز في القطاع رقم (18) بصافر محافظة مأرب المجاورة وعبر خط الانبوب الممتد الى منشآت التسييل والتصدير في بلحاف بطول 322 كلم.
أكبر محمية بحرية
تتمتع محافظة شبوة بإمكانيات سياحية طبيعية كالسياحة العلاجية في مياه حارة كبريتية (منطقة رضوم ) والسياحة الشاطئية مثل شاطىء بالحاف بئر علي في مديرية رضوم ويعد من أجمل شواطىء البحر العربي.
وفي شبوه توجد محمية "بير علي – بروم" والتي تمتد من شبوة إلى حضرموت كأكبر محمية بحرية ساحلية في اليمن، تمتد لمسافة 125 كيلومتر حتى غرب مدينة المكلا.
وتتألف هذه المحمية الخلابة من 5 جزر بحرية تقع بالقرب من فوهة بركان بير علي وهي: "جزيرة الحلانية"، جزيرة "سخى"، جزيرة "براقة"، جزيرتي "غضرين" الكبرى والصغرى.