ضربات متلاحقة تطول القيادات.. «درونز» أمريكا تدمي «قاعدة اليمن»

خسر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ومقره اليمن، مؤخرًا عددًا من قياداته في ضربات أمريكية مباغتة استهدفت معاقله المحصنة في شبوة وأبين.
ورغم تكتم التنظيم على جملة خسائره، فإن المعلومات الأولية تشير إلى مقتل عدد من كبار القيادات، منهم القيادي أبومحمد الهذلي المكي، وهو أجنبي، وكذلك القيادي أيوب اللحجي، أمير ولاية لحج سابقًا.
وتأتي الغارات الأمريكية بعد أيام فقط من مقتل قيادي ميداني في التنظيم يدعى أبويوسف الحضرمي، وهو محمد سعيد المحمدي، ومعه عنصر يدعى أبوعاصم الصنعاني، إثر انفجار دراجة نارية مفخخة في منطقة الصمَّدة بمديرية وادي عبيدة شرقي محافظة مأرب.
وقبل أسابيع من ذلك، قُتل أمير الحرب في التنظيم وعضو مجلس الشورى أبو علي الديسي، بالإضافة إلى القيادي عمار صالح محمد العولقي، المكنى أبو صالح الديولي، بغارة أمريكية في شبوة.
وتثبت هذه الضربات الأمريكية المتلاحقة، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جدية دولية أكبر في مكافحة تنظيم القاعدة، الذي يعاني من اختراق أمني في عمق بنيته التنظيمية، ما جعل قياداته المختبئة في كهوف جبال شبوة وأبين عرضة لغارات المسيرات مؤخرًا، بحسب خبراء في شؤون الجماعات الإرهابية.
صدمة مقتل أمير الحرب
كشف الباحث اليمني في شؤون الجماعات الإرهابية محمد بن فيصل أن تنظيم القاعدة أصيب بالذهول والصدمة عقب "استهداف الغارات الأمريكية القيادي المكنى أبا علي الديسي، أمير الحرب، ومسؤول اللجنة العسكرية، وعضو مجلس شورى التنظيم في جزيرة العرب".
ويعتقد فيصل، في حديثه مع "العين الإخبارية"، أن الصدمة التي ضربت التنظيم كان سببها "التدابير الأمنية الشديدة والاحترازات المكثفة لحماية أمير حرب القاعدة"، مشيرًا إلى أن الصدمة الأكبر، والتي وصلت من قيادات التنظيم إلى الأفراد، "هي استهداف قيادات أخرى في سلسلة من الغارات".
وقال الباحث اليمني: "عقب الضربات، باتت أزمة الجواسيس داخل تنظيم القاعدة اليوم هي العنوان الأبرز، والتنظيم يعاني من أزمة ثقة داخليًا، وهو ما قد يؤدي إلى خلخلة وتفكك داخل بنيته".
وحول تعليقه على سياسة إدارة ترامب، يرى فيصل أن "الإدارة الجديدة تبدو أشد حزمًا فيما يخص استهداف الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وهي خطوات عرقلت إدارة الرئيس السابق جو بايدن الكثير من قراراتها".
وأضاف: "مع عودة ترامب للبيت الأبيض، هناك سلسلة استهدافات لا تكاد تتوقف، ليس فقط في اليمن، وإنما في سوريا وأيضًا في الصومال ضد تنظيم داعش".
وكان مدير شؤون مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض سيباستيان جوركا قد تحدث مؤخرًا عن "إجراءات عسكرية قادمة ستلجأ لها الولايات المتحدة مع جماعات أخرى تشكل تهديدًا"، في مؤشر إلى أن القادم أشد حسمًا وفتكًا، وفقًا لفيصل.
الغارات الأمريكية ليست وحدها
من جهته، قال الباحث اليمني في شؤون الجماعات الإرهابية سعيد الجمحي إن الغارات ليست وحدها من أدمت التنظيم، ملخصًا جملة من الأسباب التي جعلت قيادات القاعدة وجبة سهلة أمام الضربات الأمريكية المباغتة مؤخرًا.
وأرجع الجمحي، في حديثه مع "العين الإخبارية"، السبب الأول في ذلك إلى "التراكمات الصعبة وجملة المشكلات التي ورثها زعيم القاعدة الحالي في اليمن سعد العولقي عن سلفه خالد باطرفي".
وقال: "تكمن بعض المشكلات في تشدد باطرفي، الذي مر عام على وفاته، ودخوله في خصومات مع بعض قيادات التنظيم، فضلًا عن الخلل الذي لم يستطع التنظيم حله والمتمثل في كيفية خلق آلية تضمن عدم تسرب عناصر دخيلة إلى القاعدة، وهو ما جعل قادته وجبة سهلة للطائرات الأمريكية".
وأضاف الخبير اليمني: "الأمريكيون وجدوا أنفسهم أمام اعتماد استراتيجية الضرب بالطائرات دون طيار كنهج أسهل وأكثر نجاحًا، لذلك هم يمارسونها منذ ما يقارب عقدين من الزمان".
وأشار إلى أن التنظيم حاليًا يعاني من أزمة في القيادة، بجانب أزمة مالية تعصف به، وهناك تراجع أيضًا في قبول فكرته، ولعل هذه هي الأخطر.
وقال إن "تراجع قبول فكرة تنظيم القاعدة بين الشباب، خاصة بعد تطاول الزمن عليه، فضلًا عن موجات الصراعات الداخلية التي كانت هي الأشد نكاية بالتنظيم، والصراعات بين القيادات".
وأشار إلى قيام التنظيم، بعد شدة الصراعات بين قياداته، بسلسلة من الإعدامات تحت ذريعة التجسس والتآمر مع الأعداء، وهي أخطاء جسيمة وقع فيها التنظيم، وأفقدته عناصر ربما كانت بالنسبة له مخلصة ومؤيدة وفاعلة.
وأوضح أن "الإعدامات الداخلية منعت أيضًا التعاطف مع التنظيم من قبل من كانت لديهم القابلية للانتساب إليه، حيث أصبحوا يرون أن هذه الإعدامات والمشكلات الداخلية تحول بينهم وبين الالتحاق بالتنظيم".
وأضاف: "أصبح الشباب يتخوفون من أن يتم اتهامهم بالتجسس أو حتى التعاون مع التنظيم، وهذا منع القابلية للانتساب أو حتى مجرد التعاون مع التنظيم عن بُعد، وهذا يشمل الأفراد وأيضًا التعاطف القبلي"، وفقًا للخبير ذاته.