فصل وحرمان من الرواتب وعسكرة الجامعات.. مليشيا الحوثي تغتال عقول اليمن
الحوثيون يختطفون ويفصلون مئات الأكاديميين عن وظائفهم ويعملون على عسكرة الجامعات بل وحولوا بعضها إلى مقابر لعناصرهم
جاء إعلان الحكومة اليمنية صرف مرتبات موظفي الجامعات الخاضعة لسيطرة الانقلاب الحوثي، بمثابة طوق نجاة لمئات الأكاديميين في ظل قمع المليشيا التي شنت ضدهم حملة اعتقالات واسعة وعمليات فصل من الوظيفة، فضلاً عن حرمانهم من رواتبهم منذ 4 سنوات.
كما يفرض الحوثيون في الجامعات اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم برامج وفعاليات لحشد الطلاب وحثهم على الالتحاق بالمعسكرات وجبهات القتال، في وقت وجهت قياداتها بافتتاح مقبرة لدفن قتلاها في مساحة إحدى الجامعات.
وقالت الحكومة اليمنية، الأربعاء، في بيان، إنها بدأت صرف 50% من مرتبات الأكاديميين وموظفي الجامعات في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، موضحة أنه رغم استمرار الانقلابيين بنهب الإيرادات ورفض توريدها إلى البنك المركزي في عدن (جنوب)، إلا أنها ملتزمة بتحمل مسؤوليتها تجاه كل اليمنيين.
واستبقت مليشيا الحوثي احتفالية اليوم الدولي للتعليم 3 مايو/أيار الجاري، بتسديد عدة طعنات بحق عدد من الأكاديميين رفضوا تمرير أجندة الانقلابيين في مقررات الجامعات، أبرزها جامعتا صنعاء والحديدة (غرب).
وقالت مصادر حقوقية وأخرى أكاديمية لـ"العين الإخبارية" إن مليشيا الحوثي تغيّب في سجونها نحو 60 أكاديمياً كما فصلت نحو 115 من أساتذة الجامعات، وذلك ضمن محاولات إحلال كوادر غير مؤهلة موالية لها لتكريس منهج تعليمي يؤسس لثقافة نظام ملالي طهران.
مأساة أكاديمي
تداول نشطاء يمنيون مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لأكاديمي كان يعمل في جامعة إب الحكومية (وسط)، وأصبح عاملاً بالأجر اليومي يحمل صناديق المياه بعد قطع مليشيا الحوثي لمرتبه، المصدر الوحيد لسد احتياجات أسرته.
الأكاديمي عبده النمير، أحد أساتذة كلية الزراعة بجامعة إب، يعيش مع أسرته منذ 4 أعوام بلا راتب، ورغم الظروف المعيشية، لايزال يجري بحوثه العلمية، وفق أحد طلابه، تحدث لـ"العين الإخبارية"، وفضل عدم ذكر اسمه لاعتبارات أمنية.
وأضاف المصدر أن مليشيا الحوثي نهبت المخصصات المقررة للجامعة كما حرمت الأساتذة من الراتب رغم المبالغ الطائلة التي تتلقاها من رسوم التعليم الموازي.
ووصف نشطاء صورة النميري بالمأساة الأكاديمية لما يكابدونه نخبة المجتمع اليمني من مآس وعزوفهم عن التعليم والبحث العلمي إلى العمل بالأجر اليومي والبحث عن مردود مالي بالكاد يكفي لتوفير متطلبات أسرهم.
فصل وحرمان
منصور القدسي، متحدث المجلس الأعلى لنقابات التدريس بالجامعات الحكومية، أكاديمي آخر فصلته مليشيا الحوثي من وظيفته بعد عام من اقتحام منزله لاعتقاله، غير أنه أفلت مع أسرته وفر إلى المناطق المحررة الخاضعة للشرعية.
وقال القدسي، وهو أحد أساتذة قسم الصحافة والإعلام البارزين في جامعة الحديدة، لـ"العين الإخبارية"، إن مجلس الجامعة المعين من مليشيا الحوثي اتخذ الأسبوع الماضي قراراً بفصله عن وظيفته مع آخرين رفضوا تمرير أجندة الحوثيين في المناهج التعليمية وطالبوا بمرتباتهم.
وأوضح أن مليشيا الحوثي فصلت 15 موظفاً أكاديمياً وهي ترتب لقرارات فصل أخرى كما تواصل حرمان أكثر من 200 أكاديمي وإداري بجامعة الحديدة من نصف الراتب الذي تدفعه خلال فترات متقطعة في السنة.
وأشار إلى أن جامعة الحديدة تمر بأصعب مراحلها منذ تأسيسها عام 1997 بعد اجتياح مليشيا الحوثي للمدينة المطلة على البحر الأحمر، وتدخلها لفرض أجندتها بهدف التجييش الحربي للطلاب، علاوة عن التغيرات الطائفية والعلمية التي تجريها في المقررات الدراسية.
ولفت إلى أن الانقلاب الحوثي يوجه ضد الأكاديميين في المناطق الواقعة تحت سيطرته حملات ترهيب وتخوين متعمدة، بغية إفراغ الجامعات من الكوادر المؤهلة وملشنتها لخدمة أهدافها الطائفية والحربية.
وعلمت "العين الإخبارية" من مصادر حقوقية أن الحوثيين فصلوا نحو 100 أكاديمي من جامعة صنعاء، أكبر جامعات البلاد بعد نحو 20 عاماً من تعيينهم بشكل قانوني ومهني، في إجراءات جديدة للمليشيا لإحلال أساتذة ذي خلفيه طائفية من أتباعهم وتغيير ملامح الجامعات الواقعة في المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
اختطاف
نقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء أفادت مؤخراً، في بيان، أن مليشيا الحوثي اعتقلت يحيى العوامي، عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والقانون، من مقر عمله بالجامعة، ونسبت له تهماً ملفقة.
وطبقاً للنقابة، فإن مليشيا الحوثي اقتحمت الكلية واختطفت العوامي وسحبته بطريقة مهينة أثناء تأدية عمله وأمام الجميع، بناء على تهمة كيدية من إحدى الطالبات تم ضبطها متلبسة بالغش.
وحمّلت النقابة الحوثيين مسؤولية تفاقم الأحداث داخل الجامعة، والتي قد تؤدي إلى توقف العملية التعليمية للفترة المقبلة على وقع تحمل الأكاديميين فوق طاقتهم حرصاً على مصلحة الطلبة، رغم توقف المستحقات المالية.
ووفقاً لتقارير حقوقية، يقبع 60 أكاديمياً في سجون مليشيا الحوثي، فضلاً عن تسجيل عشرات الحالات لأساتذة جامعات تعرضوا للتهديد بالتصفية والإخفاء القسري والملاحقة وتعرض منازلهم للنهب وتشريد أسرهم وأطفالهم.
الجامعات.. معسكرات ومقابر
يفرض الحوثيون في الجامعات اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم برامج وفعاليات لحشد الطلاب وحثهم على الالتحاق بالمعسكرات وجبهات القتال، في وقت وجهت قياداتها بافتتاح مقبرة لدفن قتلاها في مساحة إحدى الجامعات.
وأكدت المصادر أن مليشيا الحوثي كلفت الأكاديميين التابعين لها بتكثيف عملية التعبئة والاستقطاب للطلاب، إذ نشطت قياداتها التربوية في جامعة الحديدة قبيل بدء الإجازة الصيفية، بدعوة الطلاب لرفد الجبهات ضمن مساعي التجيش والتبعية التقليدية لمشروع إيران التدميري.
وقالت المصادر إن المليشيا الحوثية المدعومة من نظام طهران، شرعت في تسوير مقبرة داخل الحرم الجامعي لجامعة ذمار الحكومية (شمال)، لاستقبال القتلى، وذلك على وقع النزيف البشري الحاد في جبهات القتال وخسارة مئات المقاتلين التي تدفع بهم كوقود لحربها العبثية منذ 5 أعوام.
aXA6IDMuMTQ5LjIzLjEyNCA=
جزيرة ام اند امز