شباب ضد التجهيل.. يمني يواجه "دجل" الحوثي والإخوان على يوتيوب
منذ الانقلاب أواخر 2014، كان قدر اليمن البقاء تحت آلة تجهيل حوثية إخوانية تسعى لقمع الأصوات التي تعبر عن إرادة الناس، لكن الشاب "غازي" تحدى هذا الواقع الصعب.
اختار أحمد غازي مغادرة البلاد والعمل كـ"يوتيوبر" لفضح جرائم مليشيات الحوثي وتنظيم الإخوان الإرهابي، وأخذ على عاتقه مواجهة "تزييف الوعي" المنظم عبر "الكتائب الإلكترونية" على مواقع التواصل الاجتماعي، رفضا للأكاذيب والتأثير السلبي على اليمنيين.
يقول غازي إنه اضطر لمغادرة بلاده بعد حملة اعتقالات طالت ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي من قبل مليشيات الحوثي أدت إلى اعتقال زملائه خريجي الإعلام، واقتحام ومداهمة مكتب عمله في مدينة الحديدة في عام 2017.
يحكي الشاب اليمني لـ"العين الإخبارية" تفاصيل خروجه من اليمن مجبرًا نتيجة قمع المليشيات الحوثية وحملات الاعتقالات التي كانت تشنها بحق الناشطين.
هذه الممارسات دفعته إلى النزوح من محافظة الحديدة (غرب) إلى صنعاء ومنها إلى تعز ثم إلى عدن، وانتهى به الحال للاستقرار في مصر و"من هناك بدأت أتحدث بأريحية وحرية، وأصبح لديّ قاعدة جماهيرية أكبر"، كما يقول.
مواجهة عصابة حوثية
يحاول الشاب اليمني التركيز في مواضيعه على الجوانب الاجتماعية ورفع وعي المواطنين اليمنيين وإخراجهم من دوامة التزييف والتجهيل والسرقة المنظمة الممارسة ضدهم من مليشيات الحوثي.
يكشف اليوتيوبر اليمني عن استغلال الحوثيين وسائل التواصل الاجتماعي لتشكيل "عصابات تسول إلكترونية" في إحدى المحافظات الخاضعة للمليشيات تديريها قيادات أمنية رفيعة.
ويقول: "تناولت في أحد الفيديوهات على قناتي أن هذه العصابات الإلكترونية لا يقتصر نشاطها على التسول، وإنما يتضمن أيضاً الدعارة والابتزاز".
ويؤكد أن مَن يدير هذه العصابات استطاع الحصول على مبالغ كبيرة من المغتربين اليمنيين في الخارج والإثراء عبرها، إما باستخدام أساليب الاستعطاف الإنساني أو الابتزاز.
ويشير إلى أنه يملك أدلة وتسجيلات عن أن العصابات تتبع قيادات وشخصيات أمنية رفيعة في محافظة عمران، شمال اليمن، بالإضافة إلى وثائق بالتحويلات المالية التي تصلهم.
ويلفت إلى أن سطوة القيادات الأمنية جعلتهم يستغلون ويجبرون متسولات من النساء والفتيات على العمل في الدعارة وأعمال قذرة أخرى، ذكرها في فيديوهات على قناته.
دجل الإخوان
يتحدث اليوتيوبر اليمني عن الكثير من الأنشطة التي يمارسها عبر قناته على يوتيوب أو صفحته على فيسبوك، غير أنه يلفت النظر إلى كشفه لدجل قيادات تنظيم الإخوان في اليمن وفضح أكاذيبهم في أكثر من فيديو، خصوصًا عائلة الزنداني في ما يتعلق بعلاجات كورونا أو دواء الإيدز الذي زعم الزنداني الأب اكتشافه.
ويؤكد غازي لـ"العين الإخبارية" أنه دائماً ما يستعين بالأدلة والوثائق والبراهين العلمية، التي تثبت أن ما يقوم به قيادات جماعة الإخوان ليس سوى خرافة.
ويصف أحمد حزبًا مثل "الإصلاح" الإخواني بأنه حزب "منغلق على نفسه" ولا يقبل الانتقاد، مستدلاً على ذلك بقيامه ذات مرة بانتقاد أحد قياديي الحزب ومشاهيره على مواقع التواصل الاجتماعي، فما كان من أنصار الحزب المتابعين لقناته إلا إلغاء اشتراكهم ومتابعتهم للقناة، وهذا يؤكد مدى انزعاجهم من الانتقاد.
ويقول غازي إن الخطاب الإعلامي لحزب "الإصلاح" متناقض، إذ يزعمون أنهم مع وحدة البلاد ومدافعون عن الوطن، غير أن أغلب مشاركات أنصاره على مواقع التواصل تشير إلى عكس ذلك.
ويضيف: "أغلب نشاطاتهم تسعى إلى شق الصف، وإلقاء التهم على الآخرين بالمناطقية والعنصرية، بينما هم من يمارس ذلك، وهم سبب تدني وعي الناس".
أهم مواقع التأثير باليمن
يرى غازي أن أفضل منصتين لمخاطبة الجمهور اليمني هما فيسبوك أولاً، ثم يوتيوب، وقد لاحظ ذلك من خلال مشوار وتجربة خاضها في النشاط الإلكتروني.
وخلال نصف عام من العمل على قناته في يوتيوب أصبح لدى الشاب اليمني 50 ألف مشترك.
يقول: "بدأت أشعر في قناتي على يوتيوب بثمرة الجهد الذي أبذله من خلال الأشخاص المتابعين، والذين ساهمت أعمالي على رفع مستوى وعيهم واستيعابهم لرسائلي".
ويعتقد اليوتيوبر أن الجمهور اليمني لا بد أن تخاطبه بطريقة خاصة، فمشكلة قلة الوعي تفرض عليك إيصال المعلومات بشكل تدريجي؛ بهدف توسيع مدارك المواطنين، خاصة الجيل الصاعد من الشباب.
ويضيف: "نذرت نفسي لمساعدة اليمنيين على مواجهة سياسة التجهيل، والتي تتبناها المليشيات باستخدام مشاهير التواصل الاجتماعي؛ بهدف إشغال اليمنيين بمواضيع أقل ما توصف به أنها تافهة".
ويشير إلى أن هناك حملات تزييف منظمة للحقائق عبر "الكتائب الإلكتروني" للانقلابيين الحوثيين وجماعة الإخوان؛ للإساءة إلى دول عربية شقيقة.
واستدل غازي على ذلك، بتنفيذ حملات إلكترونية لتصبح "تريند"، وهو في الأساس عمل تزييفي "مفبرك" يتم مقابل مبالغ مالية بسيطة، كما حدث في قضية تأليب المغتربين اليمنيين على السعودية.
ويشير إلى أن "التريندات" الشهيرة يقودها ناشطون وشخصيات في مواقع التواصل الاجتماعي ينفذون أجندات المليشيات الحوثية، وكأنهم يتعمدون إبقاء الوضع على ما هو عليه، ويجتهدون في تغييب المواطنين عن حقيقة ما يدور حولهم.
ورسالة غازي تكمن في محاولة إخراج الشعب من دوامة هذا التغييب، ورفع وعيه وفضح ممارسات الجماعات الدينية والسياسية والعسكرية في اليمن.
وتأسّف اليوتيوبر اليمني على هذا الوضع الذي جعل من المواطنين ومرتادي مواقع التواصل في اليمن مجرد أدوات بيد هذه الجماعات الطامعة في حكم البلد بالحديد والنار.
ويوضح أن هناك تناغما وانسجاما بين النشطاء الإلكترونيين المحسوبين على الحوثيين وبين نشطاء الإخوان، وهو ما أثبته "التريند" المزيف المتعلق بالمغتربين اليمنيين في السعودية، والذي كان هدفه الإساءة للمملكة.
القبضة الأمنية بصنعاء
عاش أحمد غازي سنتين في مدينة صنعاء، ويقدم توصيفًا لطبيعة القبضة الأمنية التي تخضع لها المدينة من قبل المليشيات الحوثية، مشيرًا إلى أن الوضع مزرٍ، والمواطنين يستشعرون القمع بسبب "حياة المخابرات" التي يعيشونها.
ويضيف أن مجرد الحديث مع أحدهم في صنعاء، تستشعر وكأن هناك من يستدرجك في الكلام؛ لمعرفة هويتك وانتماءك ورأيك بما يجري من أحداث.
يقول غازي: "الناس ناقمون على الحوثي في صنعاء، ومستاؤون من الأوضاع المعيشية المتردية، لكن لا توجد أصوات تنقل هذه الصورة من داخل المدينة، مخافة الاعتقال أو حتى مجرد الاشتباه".
ويؤكد أن الاعتقالات باتت تتم بمجرد نشر منشورات على مواقع التواصل، فالمليشيات تمنع حتى مجرد توصيف الوضع الذي يعيشه الناس، فإما أن تمتدحهم أو تغلق فمك.
يختتم الشاب حديثه مع "العين الإخبارية" بالإشارة إلى حلمه بتشكيل "جبهة إعلامية"، مكونة من إعلاميين ويوتيوبرز لمخاطبة الشباب ورفع وعيهم واستهدافهم بتوضيح ما يدور على الساحة، وفضح تزييف الحوثيين والإخوان.
aXA6IDE4LjIxNy4xMTguNyA= جزيرة ام اند امز