الحديدة "مجرد بداية".. ملحمة عسكرية فرضت كلمة التفاوض
مشاورات السلام اليمنية في السويد لم تكن تصل لأي نتيجة لولا نجاحات عسكرية للتحالف العربي والمقاومة اليمنية بالحديدة.
انتهت جولة مشاورات السلام اليمنية في السويد، قبل ثلاثة أيام، باتفاق لم تخرج بنوده عما تطالب به الحكومة الشرعية؛ لكن الدروس التي قدمها التحالف العربي لدعم الشرعية لم تنته بعد.
حاولت إيران القفز على الساحة اليمنية "عسكريًا وسياسيًا"، وساعدت الحوثيين في الانتشار أفقيًا على الأراضي اليمنية العربية، إلا أن التحالف العربي بقيادة الإمارات والسعودية، كان حائط الصد الأول لهذا المشروع، فنجح في تعرية محاولات طهران لمد الانقلابيين بـ"الأسلحة والصواريخ والتدريب".
- محافظ الحديدة: دعم التحالف العربي للشرعية أثمر "انتصار السويد"
- سفير الرياض بواشنطن: السعودية والإمارات أكبر المساهمين بحل أزمة اليمن
على كافة الجبهات سجل الجيش الوطني اليمني والمقاومة اليمنية بطولات غير عادية، وإن ظلت "الحديدة" ملحمة قوية لتحرير كل شبر من الأرض اليمنية؛ إذ أدرك التحالف العربي منذ بداية الأزمة (2015) أن استمرار سيطرة الحوثيين على الحديدة يعني بالضرورة مواصلة تعنتهم والضرب بالمفاوضات عرض الحائط.
ولم يغفل التحالف العربي للحظة عن تأمين الملاحة البحرية في باب المندب، بشكل كامل، ومنع أي تهديد لها ناجم عن منصات الصواريخ الحوثية، ومع قصة بطولة المقاومة تراجعت إيران وذراعها الحوثية خطوات كثيرة للوراء.
تراجع الإيرانيون كثيرًا عن استراتيجيتهم التوسعية في اليمن، والتزمت أذرعها في قطر وحزب الله بالصمت، فالقبول بمشاورات السويد بعد رفض لمفاوضات جنيف والكويت يعني أن تنازلات إيرانية واضحة أرغمت عليها طهران من قلب "الحديدة" نفسها.
قدم التحالف العربي واليمنيون "جيشًا ومقاومة"، نموذجًا عسكريًا احترافيًا، تجلت نتائجه في اتفاق ستوكهولم، الذي لم تتوقف حدوده عند نسف منصات إطلاق الصواريخ أو التحركات الحوثية على مستوى الملاحة البحرية؛ بل إجبارهم على إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان الحديدة والمناطق الشمالية، عبر ميناء الحديدة والموانئ الأخرى.
وتؤمن الحكومة اليمنية الشرعية – ومن خلفها التحالف العربي – بأن تحرير اليمن قادم لا محالة، ولن يتحقق ذلك دون إجبار الحوثي على التخلي عن سلاحه المتوسط والثقيل، وتسليمه للدولة الشرعية، وقطع أيدي عصابات حزب الله "الإرهابي" في اليمن.
كما أدركت حكومات العالم جيدًا أن وجود التحالف العربي منع الزحف الإيراني على باب المندب بالبحر الأحمر، باعتباره الممر البحري الاستراتيجي المهم للملاحة الدولية؛ وفرض التحالف كلمته أيضًا على جماعات "القاعدة" المسلحة، التي تلاحقها الولايات المتحدة، بالتعاون مع الإمارات والسعودية، في اليمن منذ نحو عشر سنين.
لم يكتف التحالف بذلك بل سارع إلى تدريب قوات أمنية من أبناء المحافظة بغية تولّي عملية تأمين مدينة وميناء الحديدة، مشيرا إلى اتخاذ ترتيبات تُلزم مليشيا الحوثي بالانسحاب من الحديدة والصليف ورأس عيسى، بحسب ما أكده الحسن طاهر محافظ الحديدة لـ"العين الإخبارية".
وبكلمات أدق، فرضت الحالة الأمنية والضغط العسكري أنفسهما على طاولة المفاوضات، فالحوثي لم يخضع إلا بالقوة العسكرية، واتفاق مشاورات السويد لم يكن ليرى النور لولا الحملة الناجحة للتحالف العربي عسكريًا وسياسيًا وإعلاميًا، وإذا أراد النجاة بنفسه فعليه سرعة تسليم خرائط الألغام الأرضية والبحرية في جميع موانئ الحديدة والمدينة، إثر عملية تفخيخ ممنهج أنجزها الانقلابيون عند التحصن داخل الأحياء السكنية.