يمني يعيد 10 ملايين ريال لصاحبها.. «العين الإخبارية» توثق قصة «سفير الأمانة»
لم يدر العم علي سعيد أن قيامه بعمل حتمته عليه قيمه سيجعل منه حديث العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، ومضرب المثل في الأمانة والإخلاص.
الرجل الستيني العامل في مطار عدن الدولي هرع لمساعدة أحد المسافرين واللحاق به إلى طائرته قبل إقلاعها بلحظات، لتسليمه ما أضاعه من أموال، ولم تحدّثه نفسه بالقيام بغير هذا العمل الأخلاقي.
6 آلاف دولار أمريكي و800 ريال سعودي، أي ما يعادل 10 ملايين ريال يمني، بحسب سعر الصرف في الأسواق المحلية، لم تغرِ العم علي سعيد، ولم تكن أكثر أهمية من مبادئه التي فرضت عليه إدراك طائرة المسافر ليرد له ماله، وسط دهشة هذا الأخير الذي لم يصدق ما قام به العم علي.
تفاصيل ما حدث، يرويها علي سعيد، الذي يعمل في مطار عدن الدولي منذ عقود، حين عثر على المبالغ المالية بعد أن سقطت من أحد المسافرين وهو يراه من مسافة بعيدة.
العم علي سعيد يعيش في مدينة عدن، في ظل ظروف معيشية صعبة، وبراتب شهري لا يتجاوز 40 ألف ريال يمني (25 دولارا أمريكيا تقريبا)، يعيل منه ثمانية أولاد وأمهم، إلا أن وضعه هذا لم يمنعه من الاستجابة للنداء الأخلاقي وتسليم المال لصاحبه.
تغليب الأخلاق
يقول علي سعيد لـ"العين الإخبارية": "لم تفلح مناداتي للمسافر لتنبيهه بما سقط منه، فما كان مني إلا اللحاق به إلى متن الطائرة قبل إقلاعها وتسليمه نقوده، وعلى الرغم من أن المسافر رفض المبالغ بمبرر أنها ليست نقوده، إلا أن إصرار العم علي وحثه للمسافر على تفقد حقائبه جعلته يدرك أنه أضاع أمواله".
المشهد على متن الطائرة كان دراميا للغاية، بحسب العم علي، خصوصا بعد معرفة الركاب بما حدث، عندها حاول المسافر إعطاء مكافأة للعم علي إلا أنه أبى ذلك، وقال إنه بادر بتسليم النقود لصاحبها من منطلق الأخلاق والأمانة، وليس من أجل غاية أخرى.
فرحة بحب الناس
ما قام به العم علي ذاع صيته في مختلف أنحاء اليمن لا سيما عدن، وبات محور اهتمام الناس، وتقاطر إليه مَن يعرفه ومَن لا يعرفه، للإشادة ومباركة ما قام به.
ويضيف العم علي أنه سعيد و"فرحان" -بلهجته الدارجة- باحتفاء الناس به وحبهم، الذي تجسد في الزيارات التي تأتيه إلى البيت والاتصالات التي لم تنقطع عن هاتفه، من الأحباب والأصدقاء والجيران لدعمه بما قام به من عمل شهم.
ويشير إلى أن مكالمات تصله حتى من خارج اليمن، لتحيته على موقفه، ويواصل قائلًا: "حتى إني أصبحت محور اهتمام الناس في الأسواق العامة وحتى سوق القات تحديدا (يضحك)، فكل مَن يلتقي بي يعبر عن حبه ويطلب مني التصوير معه".
العم علي سعيد يرى أن ما قام به رسالة يجب أن تصل إلى كل الناس، ويمكن من خلال القيم والمعاملات الحسنة أن تتوقف الخلافات والمشاكل بين الناس إذا سادت الأخلاق.
ويعتقد أن حب الناس واحتفاءهم به دليل على أن الخير يلقى قبولا شعبيا ومجتمعيا، والناس يحتاجون إلى أن تنتشر مثل هذه الممارسات، مختتمًا حديثه لـ"العين الإخبارية" بالقول: "أنا فرحان بحب الناس".
رجل يعكس وجه عدن
الإعلامي في مطار عدن الدولي عادل حمران وصف العم علي سعيد بأنه "نموذج للعامل الأمين في عمله والصادق في تعامله".
واعتبر أنه نقل صورة طيبة عن الموظفين المحترمين في مدينة عدن، وعن الصورة التي ينبغي أن يتحلى بها الجميع في مطار عدن، باعتباره واجهة المدينة.
وقال حمران لـ"العين الإخبارية" إن العم علي سعيد رجل تربّى على الحلال، ما دفعه لإعادة مبالغ كبيرة عثر عليها خلال الفترات السابقة، في إشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها بهذا العمل.
ويضيف: تم تكريم العم علي من قبل إدارة مطار عدن الدولي، كما تم تكريمه من بنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك) ومؤسسة الرابطة الاقتصادية بعدن، في أجواء غلبت عليها مشاعر دافئة عكست تأثر العم علي وبساطته.
رجل مثله لم يتخيل أن تسلط عليه أضواء الكاميرات، ولم يتخيل أن تقام الحفلات والحضور اللافت لأجله، حتى إن عيونه فضحته أمام الجميع حين ذرف دموع الفرح، وكأنه غير مصدق بأن كل هذا التكريم لأجله هو فقط، حسب حمران.
وأشار المسؤول الإعلامي اليمني إلى أن "العم علي سعيد شخص قضى جل حياته في خدمة الوطن مقابل ريالات زهيدة يتلقاها كراتب شهري، في ظل انهيار العملة وغلاء الأسعار، لكن قناعة الرجل وأمانته أجبرته على المضي في طريق الخير وإن كانت صعبة ومزروعة بالأشواك".
aXA6IDE4LjExNi4yMy41OSA=
جزيرة ام اند امز