لماذا لم نر ملايين اليمنيين مهاجرين ولاجئين يركبون عرض البحر إلى أوروبا وأمريكا بحثاً عن لجوء سياسي
لماذا لم نر ملايين اليمنيين مهاجرين ولاجئين يركبون عرض البحر إلى أوروبا وأمريكا بحثاً عن لجوء سياسي كما كل الشعوب التي تعرضت بلادهم لأزمات وحروب أهلية في المنطقة؟.
هل تتذكرون ملايين السوريين الذين سكنوا العراء والخيام في الأردن وتركيا والعراق بحثاً عن أمن مفقود وحياة لا تعود، هل نسينا السوريين والليبيين وهم يركبون السفن والقوارب باتجاه أوروبا؟.
في الحقيقة أن هذا السؤال هو الجواب المنطقي على كل ادعاءات المنظمات الإنسانية وبعثات الإغاثة العاملة في اليمن ووسائل الإعلام الغربية التي استسلمت لدعاية إيران والحوثيين والقطريين المسمومة لتشويه حملة التحالف.
يعود ذلك لأن الحملة المساندة للشرعية في اليمن ليست حرباً عشوائية بين بلدين متخاصمين، بل هي عملية جراحية دقيقة، المقصود منها استئصال الورم الحوثي فقط
لو كانت الحرب في اليمن كما هي الحروب العبثية في سوريا أو ليبيا لرأينا اليمنيين بمئات الآلاف، وهم في القوارب يبحرون نحو شواطئ جيبوتي وإرتريا على سواحل أفريقيا القريبة منهم، أو إلى سلطنة عمان حيث الحدود القريبة جداً بحثاً عن ملاذات آمنة، بل وحتى المملكة العربية السعودية لا تزال حدودها مفتوحة مع اليمن وتستقبل من يريد، ومع ذلك بقي اليمنيون في مدنهم وقراهم وبين مزارعهم.
يعود ذلك لأن الحملة المساندة للشرعية في اليمن ليست حرباً عشوائية بين بلدين متخاصمين، بل هي عملية جراحية دقيقة، المقصود منها استئصال الورم الحوثي فقط من الجسد اليمني صاحبها تحوط كبير من استهداف المدنيين بالقصف العشوائي أو التهجير.
مع التذكير بأن البرامج الإنسانية التي قادتها المملكة خاصة برنامج الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ساعدت كثيراً في التخفيف من معاناة المدنيين؛ وتعويض خسائرهم التي تسببت فيها المليشيات.
ولنكن منطقيين أكثر فلا يمكن لأي حرب مهما كانت إلا وتخلف وراءها قتلى وجرحى وأسرى ومعاناة؛ إلا أن هناك فرقاً هائلاً بين من يتعمد إصابة المدنيين وبين من يبذل كل الجهد لتجنيبهم الآلام، بل إن التأخير في الحسم يعود في أساسه للقرار السياسي السعودي الذي يقدم مصالح وحياة مواطني اليمن على الانتصار العسكري.
لا شك أن اليمن يعيش أزمة إنسانية قديمة ليست وليدة اليوم، هي نتيجة لما تعرض له من أزمات وانفلات وحروب متعددة، فالشرعية اليمنية التي يمثلها الرئيس هادي اليوم خاضت ثماني حروب متتالية مع الحوثيين، واليمن الشمالي والجنوبي خاضا حروباً طاحنة قبل وبعد الوحدة انتهت بانتصار حكومة اليمن الشمالي نتج عنها عشرات الآلاف من الضحايا بين قتيل وجريح.
شهد اليمن قبل ذلك حرباً أهلية طاحنة بدأت العام 1962 واستمرت لثمانية أعوام حتى سنة 1970 بين الإماميين الموالين للملكية وبين الثوريين الموالين للقوميين العرب؛ تدخلت فيها مصر بعشرات الآلاف من الجنود، تلاها موجة من الانقلابات الدموية والعسكرية حين أطاح ضباط ببعضهم البعض حتى استولى علي عبدالله صالح على الحكم نهاية السبعينيات بمساعدة القبائل.
هكذا بقي اليمن ضحية صراعات وحروب كبّلته وجعلته خارج التاريخ الحديث، ومع محاولة الحوثيين الانقلاب على الشرعية واحتلال اليمن لصالح طهران؛ والدخول في حروب مباشرة مع دول الجوار أصبح من الضروري إنقاذ اليمن ليس من الحروب الأهلية والانقلابات فقط، ولكن من إعادة سيطرة «فارس» على اليمن وهو الاحتلال الذي انتهى قبل ألف وخمسمائة عام.
نقلاً عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة