يوسف المداني.. ذراع "سليماني" ومهندس محارق الحوثي
يعد الأكثر ارتباطا بـ"قاسم سليماني"، ومهندس محارق الحوثي، إنه القيادي "يوسف المداني، التي أدرجته مؤخرا واشنطن على لائحة الإرهاب.
ويعتبر يوسف أحسن إسماعيل المداني، 45 عاما، ثاني مؤسس للحركة ومؤسس الجناح العسكري منذ إعادته تشكيل المليشيا مجددا بعيد مصرع مؤسس الجماعة الأول حسين الحوثي 2004، وفرار زعيم الانقلاب الحالي "عبدالملك" إلى أحد كهوف بلدة نقعة شمال شرق صعدة.
- "ثنائي محارق الموت".. تفاصيل عقوبات أمريكا ضد قادة الحوثي
- "مقصلة" العقوبات الأمريكية تطول اثنين من قادة الحوثي
وينحدر "المداني" من أسرة سلالية استوطنت مديرية "مستبأ" بمحافظة حجة، ويعد من أوائل رجالات مليشيا الحوثي الذين انتقلوا إلى إيران وجنوب لبنان وقد تلقى تدريبه العسكري باكرا على أيدي خبراء حزب الله.
وحسب مصادر خاصة لـ"العين الإخبارية"، فإن القيادي في حزب الله "عماد مغنية" هو من وقف خلف تزكية "المداني" للارتباط بقائد فيلق القدس "قاسم سليماني" لتستمر هذه العلاقة إلى أن تم الإطاحة بـ"سليماني" بغارة جوية مطلع 2020.
ووفقا للمصادر فإن "سليماني" كان هو المسؤول الإيراني على معركة البحر الأحمر فيما كان ذراعه "المداني" القائد الميداني للمليشيا الحوثية في هذه المعركة، على امتداد شريط الساحل الغربي لليمن.
ولا يزال المداني، يكنى "أبوحسين"، ومتزوج من ابنة مؤسس الجماعة "حسين الحوثي"، وحتى اليوم يدير المسرح الغربي لليمن أو ما يعرف بـ"المنطقة العسكرية الخامسة"، ونظرا لأهميتها استمرت العلاقة التي تربطه بقائد العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني "قاسم سليماني".
وبحسب المصادر فإن سليماني كان يولي اهتماماً كبيراً للساحل الغربي لليمن، لأهميته الاستراتيجية للبحر الأحمر في مسار الصراع وتحركات إيران بجوار مصالح العالم.
وتشير مصادر لـ"العين الإخبارية" إلى أن "سليماني" هرب العديد من خبراء العسكريين الأجانب للحديدة للعمل مع "المداني" في إدارة العمليات العسكرية، سواء ما يتعلق بتهريب السلاح والمعدات أو في التدريب وإدارة العمليات الميدانية على الأرض والهجمات البحرية.
وأشرف هؤلاء الخبراء على تشكيل كتائب عسكرية في المنطقة الحوثية الخامسة باسم "كتائب المندب"، وتلقت تدريبات مكثفة في العمليات البحرية والبرية، وتم تسليحها بشكل خاص من قبل الحرس الثوري الإيراني خلافا لكل المجموعات المتطرفة للمليشيا، وفقا لذات المصادر.
وأدرجت الخارجية الأمريكية يوسف المداني على لائحة العقوبات ضمن حالات مكافحة الإرهاب على أساس أنه يشكل خطرا كبيرا بارتكاب أعمال إرهابية تهدد سلامة المواطنين الأمريكيين ومصالحها.
كما يهدد إعادة تموضع الحوثيين المستمر في المسرح القتالي الذي يديره المداني، وغيرها من انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة وتأثيره على الاستقرار في مدينة تعد ممرا حيويا للسلع الإنسانية والتجارية الأساسية.
قائد الجناح العسكري
ويضع التحالف العربي "يوسف المداني" في المرتبة الـ8 ضمن قائمة الـ40 إرهابيًا حوثيًا، ويرصد 20 مليون دولار أمريكي لمن يدلي بأي معلومات للقبض عليه أو مكان وجوده، لسجله الوحشي كونه من أهم قادة الحوثي العسكرية وقائد أغلب محارق الموت، بل إن المليشيا تصفه بـ"مهندس الحروب الست".
ويرجع ذلك إلى دوره العسكري عقب مقتل "حسين الحوثي" عام 2004 وصراعه الحاد مع القيادي الحوثي البارز "عبدالله الرزامي" الذي حاول فرض نفسه زعيما للجماعة باعتباره أبرز أتباعه والمقربين منه.
وفرض المداني نفسه قائدا عسكريا للمليشيا ليحسم "بدر الدين الحوثي" الصراع بين المداني والرزامي بتعين نجله "عبدالملك" زعيما للجماعة رغم أن المداني الأكثر التصاقا بقاسم سليماني والحرس الثوري الإيراني، وكان يعتبر نفسه الأحق بالقيادة لانتمائه للعائلات السلالية.
وبحسب مصادر يمنية لـ"العين الإخبارية"، فإنه بعد تولي "عبدالملك" زعامة جماعة الحوثي استمر المداني قائدا عسكريا للمليشيا وشقيقه "طه المداني" قائدا أمنيا (قتل عام منتصف 2015 بضربة للتحالف) لتمضي الترتيبات في المسار القيادي للتنظيم الإرهابي وفق توافق العائلات الحوثية الكبيرة، والتي حسمت قرار بقاء القيادة في "بيت بدر الدين الحوثي".
وعقب تمدد مليشيا الحوثي إلى "عمران" عام 2014 وتوغلها إلى مشارف "صنعاء" تولى "المداني" قيادة الهجوم على قوات اللواء 310 مدرع بالجيش اليمني وعملية الإعدام الوحشي لقائده العميد حميد القشيبي انتقاما لوالد زوجته، مؤسس الجماعة "حسين الحوثي" كون "القشيبي" كان أحد قادة معركة تطهير مران 2004، وفق المصادر ذاتها.
الإزاحة من القيادة العسكرية
على مشارف صنعاء، أطاح زعيم المليشيا بالمداني من القيادة وعين شقيقه "عبدالخالق الحوثي" قائدا لعملية اجتياح العاصمة في سبتمبر/أيلول 2014، ضمن ترتيبات حوثية لما بعد إسقاط صنعاء وتثبيت الانقلاب.
فيما تراجع "المداني" ومعه مسؤول الاستخبارات العسكرية الحوثية "أبوعلي الحاكم" إلى الظل، والأربعة جميعهم مدرجون على لائحة الإرهاب بشكل خاص.
وعقب الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وإزاحته من قيادة الجناح العسكري، عين المداني نائبا لرئيس اللجنة الأمنية العليا ثم رئيسا للجنة برتبة "لواء" خلفا لشقيقه وهو منصب اعتبره المداني إقصاء مبكرا له كون وجود القيادات العسكرية المرتبطة بالرئيس السابق حينها حجم نفوذه داخل المؤسسة العسكرية والأمنية.
وتلقى "المداني" ثاني ضرباته لدى تشكيل المليشيا مجلسا حاكما لمناطق سيطرتها وتعيين صالح الصماد (قتل 2018 بغارة للتحالف) رئيسا له، إذ عدت رسالة صريحة من زعيم المليشيا للمداني ببقاء دوره في العمل العسكري الميداني بعيدا عن مراكز القيادة العليا والقرار في صنعاء، بحسب مصادر "العين الإخبارية".
وعين المداني قائدا لما يسمى "قيادة المنطقة الخامسة" وتضم مسرحا عسكريا يمتد من ميدي على حدود السعودية مرورا بالحديدة وحتى المرتفعات المطلة على باب المندب والمخا غربي محافظة تعز.
ورغم محاولات زعيم الحوثيين وجناح صعدة إضعاف المداني وإنهاء تأثيره، إلا أن ارتباطه بقائد فيلق القدس الرجل القوي في الحرس الثوري الإيراني قبل مصرعه منحه نفوذا كبيرا داخل بنية التنظيم الهرمي للمليشيا.
كما لا يزال يحظى بثقة كبيرة لدى ضباط الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية الموجودين في اليمن بما فيهم "حسن إيرلو" قائد فيلق القدس بصنعاء بغطاء "سفير".