التجديد والتطور في العطاء يجب أن يتلازما مع روح الشباب إذ ذاك تصبح قضية العمر ثانوية ولا أهمية لها.
كثيراً ما يتردد على أسماعنا أن العمر لا يقاس بالسنين، وأن قيمة الإنسان هي ما يضيفه بين ميلاده وموته، حتى الموت أصبح نسبياً فكثير من أهل العطاء بقي ذكرهم خالداً وكأنهم بيننا أحياء، وكثير من الأحياء وجودهم وعدم وجودهم سواء، من هنا تأتي قيمة العمل والعطاء، ومن هنا يحرص الكثيرون على العمل والإنتاج وحتى الدراسة والتفوق في مختلف مراحل حياتهم، وإذا ما كانت لفظة (متقاعد) غير مريحة لمن يبلغون السن القانونية ليخرجوا من العمل، حتى غيرت بعض الدول هذه التسمية وأطلقت عليها (الإحالة على المعاش) ومهما كانت التسمية فالهدف من الإحالة هو إتاحة الفرص للخريجين والكفوئين من الشباب ليأخذوا فرصتهم بالعمل والعطاء كما أخذها الجيل الذي سبقهم.
قيادة دولة الإمارات الشابة جعلت دولتنا تسابق الزمن كي تحرز قصب السبق ليس في البناء والإعمار فحسب، بل في العلوم والتكنولوجيا وفي البناء المؤسسي للدولة وفي الصناعة والزراعة والسياحة وتقنيات الحكومة الذكية، والأهم من ذلك هو بناء المواطن وتعزيز هويته وإسعاده
إن من أخذ فرصته في سنوات العمل الطويلة وخرج من الوظيفة معززاً مكرماً وهو يحمل خبرة الحياة والسنين، في ضوء هذه المؤهلات بإمكانه أن يبحث عن الفرص التي يثبت من خلالها أنه ما زال في أوج قوته وشبابه، وقد واصل الكثير ممن تجاوزوا الستين من العمر، العمل في شتى مجالات العطاء الفكري والثقافي والعلمي والفني، فكانوا من المبدعين والمخترعين والباحثين والخبراء والمستشارين.
فعطاء الإنسان لا يتوقف على عمره مطلقاً والشواهد على ذلك كثيرة، خصوصاً إذا ما توفر الطموح والإرادة وكانت الروح شابة، ولا تعني هنا الروح الشابة مواصلة العمل والعطاء فحسب بل التجدد واستيعاب متطلبات العصر ومواكبة التطور الحاصل في مجال الاختصاص معرفياً وتكنولوجيا، وهنا يحضرني ما قاله الدكتور عالم الاجتماع علي الوردي، رحمه الله: «الأفكار كالأسلحة تتبدل بتبدل الأيام، والذي يريد أن يبقى على آرائه العتيقة، هو كمن يريد أن يحارب الرشاش بسلاح عنترة بن شداد».
فالتجديد والتطور في العطاء يجب أن يتلازما مع روح الشباب إذ ذاك تصبح قضية العمر ثانوية ولا أهمية لها، والذي ينطبق على الأشخاص ينطبق تماماً على البلدان والحكومات، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله: «إن الدول كالأفراد تحتاج إلى النمو والتطور والتغير المستمر، وأن الحكومات يمكن أن تصيبها الشيخوخة إذا لم تجدد شبابها بالابتكار والأفكار، وأن من لا يتغير، تتغير عليه الظروف فيتراجع. ومن لا يتعلم كيف يواكب زمانه فإن الزمان يعلمه بالطريقة القاسية أنه أصبح متخلفاً ومتراجعاً».
إن تفكيراً كهذا لا يصدر إلا عن قائد عرك الحياة والتجارب واستفاد من كل ما مرَّ به من أيام وسنين ليجمع خلاصتها في عطاءٍ كريم تنهل منه الأجيال، ولأنه يتمتع بشباب الروح فقد ظل يواكب كل المستجدات في العالم ويحرك مفاصل الدولة باتجاه النمو والتطور السريع كي لا تكون بين دولة الإمارات والعالم فاصلة، إن قيادة دولة الإمارات الشابة جعلت دولتنا تسابق الزمن كي تحرز قصب السبق ليس في البناء والإعمار فحسب، بل في العلوم والتكنولوجيا وفي البناء المؤسسي للدولة وفي الصناعة والزراعة والسياحة وتقنيات الحكومة الذكية، والأهم من ذلك هو بناء المواطن وتعزيز هويته وإسعاده وبث فيه روح العزيمة والشباب والقوة.
لقد نهضت بالتعليم والصحة والثقافة والفنون والكثير من مجالات العمل والحياة بشكل سريع وملفت وما هو بالنهوض التقليدي الذي تدفع به حركة وعجلة الزمن، بل هو نهوض حضاري يسابق الزمن ويعتمد روح الابتكار والإبداع وكسر الجمود والروتين، وهذا هو جوهر الديناميكية الشبابية، فكانت الحكومة الشابة للمجتمع الناهض الذي يستمد من قيادته وحكمتها روح العزيمة والقوة ومواصلة التقدم نحو الرقم واحد وقد تحقق الكثير من هذا الطموح.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة