أشرقت صباح الثامن والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020 على جميع الكائنات الحية في العالم، لكنها لم تكد تُشرق على جماهير الزمالك.
استيقظ مشجعو الزمالك وهم لا يدركون أن الحياة يمكن أن تسير بشكل طبيعي بعد اليوم، كيف ذلك وفريقهم خسر نهائي دوري أبطال أفريقيا، أو ما عُرف إعلاميا بـ"نهائي القرن"، ضد الغريم التقليدي الأهلي بهدف قاتل قبل 4 دقائق من النهاية.
بعد يومين فقط، تلقت جماهير الزمالك صدمة أخرى، بعدما صدر قرار بتجميد مجلس إدارة النادي لأسباب إدارية، وتعيين لجنة مؤقتة لإدارته، لتستعيد الأذهان ذكريات مر عليها 15 عاما، أدخلت الفريق في نفق مظلم لـ10 سنوات كاملة.
ظن الجميع، ومن بينهم جماهير الزمالك، أن هذه هي السطور الأخيرة في قصة ناديهم المُفضل، وأن الشمس ستغيب إلى الأبد، ولن تعود -إن عادت- سوى بعد سنوات طوال، يفقد فيها الفريق كل ما تبقى من بريقه الذي استعاده في السنوات الأخيرة.
بدأت مخاوف الجماهير في التزايد مع الأيام، حيث أخذت اللجان في التعاقب، وأخذ نجوم الفريق في الرحيل، وتم تغيير الجهاز الفني، في الوقت الذي كان الغريم التقليدي الأهلي يظفر بلقبه العاشر من دوري أبطال أفريقيا، والثاني على التوالي.
ولكن لأن الشمس مهما غابت تعود، عادت شمس الزمالك سريعًا، وأشرقت في كبد سماء القاهرة في أغسطس 2021، معلنة تتويج "الفارس الأبيض" بلقب الدوري المصري للمرة الأولى بعد غياب 6 سنوات، وللمرة الـ13 في تاريخه.
ولأن المعاناة باتت جزءا أصيلا في رحلة جماهير الزمالك، امتزجت حلاوة التتويج مع مرارة عقوبة الحرمان من إبرام تعاقدات جديدة لفترتي انتقالات، ليكون الموسم الجديد بمثابة كابوس ينتظر "الفارس الأبيض".
وبدأت ملامح الكابوس ترتسم بهزيمة تاريخية من الأهلي بـ5 أهداف مقابل 3، مع سلسلة من النتائج السلبية، صاحبها الخروج مبكرًا من دوري أبطال أفريقيا، ليرحل الجهاز الفني بقيادة الفرنسي باتريس كارتيرون، ويخلفه معشوق جماهير الزمالك الأول، البرتغالي جوسفالدو فيريرا.
رغم الآمال الكبيرة التي علقتها جماهير القلعة البيضاء على "البروفيسور"، لم تكن بداية الزمالك جيدة، فخسر مباراتين متتاليتين من إنبي وطلائع الجيش، لتودع الجماهير حلم الدوري المصري، وسط قناعة تامة بأنه قد عاد إلى بيته في دولاب الأهلي.
ولكن كالعادة، يطل علينا الزمالك بوجهيه الأبيض والأسود، فيتحول موسمه الكارثي إلى موسم تاريخي، ظفر فيه بلقب الموسم الماضي من كأس مصر على حساب الأهلي نفسه، قبل أن ينجح في الحفاظ على لقب الدوري للموسم الثاني على التوالي.
فقد الزمالك حلم نهائي القرن، وفقد بعده قوامه الأساسي في تلك المباراة، بداية من مصطفى محمد، مرورا بفرجاني ساسي، وانتهاء بطارق حامد ومحمد أبوجبل وأشرف بن شرقي، ولكنه لم يفقد أبدًا روحه.
تلك الروح التي بثها فيها مدربه الأسطوري جوسفالدو فيريرا، ليُثبت أنه لا حدود للطموحات مهما كانت العقبات، وأن الأزمات مهما كثرت فليست حاجزًا أمام صناعة المعجزات، وأن الشمس مهما غابت فستشرق من جديد، شمس الزمالك الذي قد يمرض، ولكنه أبدًا لا يموت!