تأدية الخدمة الوطنية والاحتياطية، باعتبارها واجباً مقدساً وشرفاً عظيماً لا تضاهيه أية قيمة أخرى
منذ أن دخلت الخدمة الوطنية والاحتياطية حيز التطبيق في أغسطس 2014، وهي تجسد المقولة التي أطلقها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة "البيت متوحد".
فحالة الترحيب الكبير والتجاوب منقطع النظير من جانب شباب الوطن وأسرهم مع قرار زيادة مدة الخدمة الوطنية والاحتياطية إلى ستة عشر شهراً إنما تعكس في أبهى صورها تجذَر قيم الولاء والانتماء، وعمق الروح الوطنية التي تسري في شرايين أبناء هذا الوطن، الذين يتنافسون فيما بينهم من أجل شرف الانتساب إلى صفوف القوات المسلحة، وتأدية الخدمة الوطنية والاحتياطية، باعتبارها واجباً مقدساً وشرفاً عظيماً لا تضاهيه أية قيمة أخرى، لأنه ليس هناك أعظم قيمة من المشاركة في الدفاع عن الوطن والذود عن حياضه والمساهمة في مسيرة التنمية والبناء والتطور التي يشهدها على المستويات كافة.
لا شك في أن هذا التفاعل البنّاء من جانب شباب الوطن مع قرار تمديد الخدمة الوطنية والاحتياطية إلى ستة عشر شهراً، إنما يبعث على الثقة والطمأنينة على حاضر هذا الوطن ومستقبله، ما دام شبابنا يتمتعون بهذه الروح الوطنية الوثابة، ويتنافسون فيما بينهم على شرف الانضمام إلى القوات المسلحة.
إن مظاهر الاحتفاء والترحيب الشعبي الكبيرين بقرار تمديد الخدمة الوطنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المختلفة خلال اليومين الماضيين تعكس حالة من التوحد والتماسك المجتمعي قلما نشاهد مثيلها في أي دولة من دول العالم، ولعل هذا أهم ما يميز الشعب الإماراتي الذي يعتز بقيادته ويلتف حولها ويؤمن بأن كل ما تتخذه من قرارات يصب في صالح هذا الوطن، والحفاظ على مكتسباته التنموية والحضارية.
لقد أشاد شباب الوطن - ممن أدوا الخدمة الوطنية والاحتياطية، وكذلك أولئك الذين يستعدون للالتحاق بصفوف القوات المسلحة خلال الفترة المقبلة- بهذا القرار، بل وتنافسوا فيما بينهم على إبراز أهميته، وما ينطوي عليه من إيجابيات عديدة لمصلحة الوطن، سواء فيما يتعلق بأثره في بناء الشباب وصقل شخصياتهم وإعادة تكوينهم النفسي والقيادي، أم فيما يرتبط بكون هذا القرار يتيح الفرصة المناسبة للاستفادة المثلى من البرامج والتدريبات والخبرات التأهيلية التي توفرها القوات المسلحة، وتتطلب بعض الوقت للإلمام بكل تفاصيلها حتى تحقق العائد المرجو منها في تمكين الشباب وتأهيلهم للمشاركة بفاعلية في مسيرة بناء الوطن ونهضته الشاملة.
وفي الوقت الذي جسدت فيه مشاعر شباب الوطن وتجاوبه الفعال مع قرار تمديد الخدمة الوطنية والاحتياطية، الاعتزاز بالهوية الوطنية، التي تتجلى في التنافس فيما بينهم على حماية تراب الوطن والحفاظ على مكتسباته المختلفة، والمساهمة في إعلاء قيم الإمارات ومبادئها الراسخة في نصرة الحق والدفاع عن الشرعية، فإنها أظهرت كذلك المكانة الخاصة التي تحظى بها القوات المسلحة في وجدان أبناء الشعب الإماراتي كافة، بما تمثله من معاني الانضباط وتقدير المسؤولية وحسن التخطيط، وبما ترسخه من قيم وسلوكيات إيجابية وفاعلة لدى جميع المنتسبين إليها، ولهذا حينما يقال بأنها "مصنع الرجال"، فإن هذا لم يأت من فراغ وإنما نتيجة لما تقوم به من أدوار حيوية تتجاوز إعداد الفرد المقاتل والارتقاء بجاهزيته لأداء المهام التي تسند إليه بكل كفاءة واقتدار في الداخل والخارج، لتشمل كذلك أدواراً تربوية وتثقيفية غاية في الأهمية تسهم في تحصين أبناء الوطن من أية أفكار متطرفة وشاذة عن الإطار العام لقيم المجتمع وثوابته، هذا فضلاً عما تقوم به من دور حيوي ومؤثر في رفد مؤسسات الدولة بما تحتاجه من كوادر بشرية وإدارية وقيادية مؤهلة وقادرة على المشاركة بفاعلية في مختلف مواقع العمل الوطني، بل وتحمل أعباء المسؤولية في الكثير من المواقع، لأن منظومة العمل في القوات المسلحة، التي تقوم على الانضباط وتثمين قيمة الوقت والعمل بروح الفريق والإخلاص والتميز في الأداء، تجعل من فترة الخدمة الوطنية والاحتياطية تجربة ثرية، تتيح لأبناء الوطن فرصاً عديدة لإثبات كفاءتهم في المؤسسات الوطنية الأخرى، بل والمساعدة في نقل منظومة القيم التي تعلموها خلال فترة الخدمة الوطنية إلى بقية قطاعات العمل ، وهذا من شأنه الارتقاء بالأداء العام في مختلف مؤسسات الدولة.
لا شك في أن هذا التفاعل البنّاء من جانب شباب الوطن مع قرار تمديد الخدمة الوطنية والاحتياطية إلى ستة عشر شهراً، إنما يبعث على الثقة والطمأنينة على حاضر هذا الوطن ومستقبله، ما دام شبابنا يتمتعون بهذه الروح الوطنية الوثابة، ويتنافسون فيما بينهم على شرف الانضمام إلى القوات المسلحة، لتأدية الخدمة الوطنية والاحتياطية. وما دامت الأسر الإماراتية تشجع أبناءها على أداء هذا الواجب الوطني، وتغرس فيهم معاني الولاء والانتماء والتضحية من أجل هذا الوطن الحبيب، وهذا أمر يدعو إلى الفخر والاعتزاز، لأن الإرث الطيب الذي غرسه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لا يزال حاضراً ومتوهجاً في عقول ووجدان "عيال زايد"، الذين يؤكدون يوماً بعد الآخر أنهم الثروة الحقيقية لهذا الوطن، والسر في منعته وصلابته وقدرته على مواجهة أية تحديات تنال من أمنه واستقراره، والرهان الحقيقي لبناء المستقبل الذي يضمن للأجيال المقبلة حياة آمنة مستقرة مزدهرة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة