تسامح زايد..أطروحة إماراتية وبرنامج نهضوي إنساني
مؤتمر التسامح 2018 بأبوظبي يترجم البرنامج الوطني الإماراتي، ويستلهم إرث الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
عندما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن إنشاء وزارة للتسامح قبل ما يربو على العامين أخذت التساؤلات الجميع حول معاني ودلالات الأطروحة الإماراتية، التي تقطع أشواطاً بعيدة في مشوار أنسنة الدولة الوطنية الحديثة.
وإن كان إعلان الوزارة وما تلاه من تدشين البرنامج الوطني للتسامح -الذي تتردد أصداؤه هذه الأيام في أروقة مؤتمر التسامح والوسطية والحوار في مواجهة التطرف، والذي تنظمه وزارة الداخلية الإماراتية بأبوظبي- قد أشعلا الفضول المدفوع بالدهشة في جميع أرجاء المعمورة، إلا أن نظرة سريعة على مسيرة دار "زايد الخير" منذ إعلان الاتحاد كفيلة بإرواء ظمأ المستائلين.
فوزارة التسامح وبرنامجه الوطني في الإمارات يمثلان التطور الطبيعي لأطروحة مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ إعلان اتحاد الإمارات في عام 1971، وهي الرؤية التي كانت تتنزل عبر الممارسة اليومية، بنهج حكيم يعلم الناس ويتعلم منهم، لتغدو برنامجاً نهضوياً إنسانياً متكاملاً.
كما أن نظرة أخرى للمرتكزات السبع الرئيسية للبرنامج الوطني للتسامح تحيلنا مباشرة في بندها الثالث لـ"إرث زايد والأخلاق الإماراتية"، كركن أساسي للبرنامج، جنباً إلى جنب المواثيق الدولية والآثار والتاريخ والقيم المشتركة والفطرة الإنسانية وغيرها.
والفطرة الإنسانية السليمة موئل زايد الأول، الذي جعله يبسط الأيادي نحو الإنسانية جمعاء بكرمه الفياض وتواضعه الجم، وفضيلة قبول الآخر التي جعلت من الإمارات محطاً لأبناء أكثر من 200 دولة حول العالم.
شعوباً وقبائل تدافعوا لـ"دار زايد" بسحناتهم المختلفة ومعتقداتهم المتباينة ولغاتهم وثقافاتهم، التي على الرغم من تمايزها إلا أنها تلاقت في الإمارات لتشكل موجة إنسانية جديدة، تجعل من التباين طريقاً جديداً لاقتناء المشتركات.
وإن كان مثل هذا الترابط الاجتماعي القائم على وشيجة التسامح والاحترام المتبادل يمثل حالة ثقافية يقتصر حضورها على المجتمع "الكوسموبوليتي"، في أطروحات الفيلسوف الأمريكي البريطاني المولد كوامي أنتوني أبيا، إلا أنها في مشروع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قابلة للتحقق حتى في إطار عالمي بين الدول والثقافات المختلفة.
فزايد الخير قام بغرس شجرة التسامح الإماراتية ثابتة الأصل، لتتفرع عبر التواصل الفعال المرتكز على قبول الآخر والتعايش السلمي، تُساقط على العالم مشروعات خيرية تحمل القيم الإماراتية غوثاً ونجدة و"فزعة" لمتضرري الحروب والكوارث وأصحاب الحاجات في كل الأرجاء، لا فرق بين مسلميهم ومسيحييهم ولا أسودهم أو أبيضهم، فالناس في عرف زايد كما في الأثر الشريف "سواسية كأسنان المشط".