جائزة زايد للاستدامة 2023.. قصص ملهمة في التكنولوجيا والطاقة المستدامة
تأهلت 3 أفكار مبتكرة ومشروعات مُلهمة في مجالات الطاقة الشمسية والذكاء الاصطناعي إلى المرحلة النهائية من جائزة زايد للاستدامة 2023،
ويوظف المرشحون النهائيون لجائزة زايد للاستدامة 2023 أحدث التطورات التكنولوجية في مجالات الطاقة الشمسية والذكاء الاصطناعي لتسهيل وصول الطاقة النظيفة لمن هم بحاجة إليها حول العالم.
وقود نظيف للطهي
تستخدم "منظمة الفتيات الخضر" التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الجغرافيا المكانية لتمكين النساء في المجتمعات الريفية الأفريقية من استخدام الطاقة النظيفة بأسعار معقولة.
تأسست المنظمة في عام 2015 على يد مونيك نتومنجيا، الناشطة في مجال الاستدامة وتمكين النساء، وذلك انطلاقاً من إدراكها بأن نقص الكهرباء يؤدي إلى تراجع مستوى التعليم.
تحظى نتومنجيا باحترام كبير لجهودها المتميزة بمجال الطاقة المتجددة في أفريقيا. وتسعى من خلال "منظمة الفتيات الخضر" إلى تعليم النساء والفتيات كيفية إنتاج الطاقة الشمسية وتوليد الغاز الحيوي من النفايات واستخدامه كمصدر نظيف لوقود الطهي.
تستخدم "منظمة الفتيات الخضر" الخوارزمية المبتكرة MNKB92 لرسم خارطة احتياجات الطاقة في المجتمعات الريفية المختلفة، واختيار الحلول الأنسب بناءً على البيانات التي يتم جمعها – وذلك إما بتوليد الغاز الحيوي كوقود نظيف للطهي أو إنتاج الطاقة الشمسية للمنازل.
تقول نتومنجيا: "في عام 2015، تركت وظيفتي لتأسيس ’منظمة الفتيات الخضر‘ بهدف استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي لتحديد مشاكل الطاقة النظيفة التي تواجهها النساء والفتيات في المجتمعات الريفية الأفريقية. ونوفر حلول الطاقة الأنسب لهذه المجتمعات بناءً على البيانات التي يتم جمعها".
قامت "منظمة الفتيات الخضر" حتى اليوم بتدريب 4,500 امرأة وفتاة في 68 قرية على صنع وبيع المصابيح الشمسية، وتركيب الألواح الشمسية وصيانتها، وإنشاء وتشغيل أنظمة التحلل الحيوي في ثلاث دول أفريقية. وتخطط المنظمة لتوسيع عملياتها في 17 دولة أخرى عبر جميع أنحاء أفريقيا.
وتعزو نتومنجيا نجاح "منظمة الفتيات الخضر" إلى تفانيها ومرونتها وإيمانها الكبير بكفاءة حلولها. وتقول رائدة الأعمال العصامية: "خلال عملي السابق، أدركت أننا كنا نعتمد الحلول الجاهزة بدلاً من الاستماع والتعلم والتكيف لتوفير الحلول المناسبة. وإذا فازت منظمتنا بالجائزة، فسيكون ذلك تجسيداً حقيقياً لنجاحنا كفريق واحد في طرح خوارزميتنا المبتكرة ونموذج أعمالنا المستدام".
وتوضح نتومنجيا أن الفوز بجائزة زايد للاستدامة سيمكّن "منظمة الفتيات الخضر" من إحداث التأثير الإيجابي الذي تنشده في 20 دولة أفريقية، وتحسين حياة ما لا يقل عن مليون امرأة وفتاة في 100 مجتمع ريفي أفريقي إضافي خلال الستة والثلاثين شهراً المقبلة.
"نيوروتك".. توفير الطاقة للأماكن المنعزلة
"نيوروتك" (NeuroTech) هي شركة أردنية لإدارة الطاقة، ساعدت منذ انطلاقها عام 2018 في ضمان توزيع أكثر عدلاً للطاقة ضمن مخيمات اللاجئين، وخفض فواتير الطاقة لدى وكالات الإغاثة. وتم تحقيق ذلك من خلال فصل الأحمال ذات الأولوية العالية - مثل الأجهزة الطبية والإنارة - عن الأحمال ذات الأولوية المنخفضة مثل أنظمة تكييف الهواء والسخانات الكهربائية.
وبهذا الصدد تقول هبة أسعد، مؤسسة شركة "نيوروتك": "من خلال فصل الأحمال، نضمن للمستفيدين الحصول على الطاقة المنقذة للحياة أولاً، مع إيصال الطاقة إلى المغذيات ذات الأولوية المنخفضة بحسب توافرها. أما حدود تحميل مغذيات الطاقة، فيتم تحديدها بناءً على خوارزمية ذكية تعزز قدرات المنظومة لتقوم بتحديث الحدود بطريقة تضمن تلبية احتياجات المستهلكين".
ووفرت شركة "نيوروتك" الكهرباء لأكثر من ألف لاجئ سوري في مخيم الأزرق للاجئين بالأردن ضمن إطار مخططها التجريبي، مما خفف الضغط على قسم أمراض الجهاز التنفسي في مستشفى المخيم والذي كان يستقبل عدداً كبيراً من المرضى حصراً أثناء توفر الكهرباء في أوقات محددة من اليوم. وبعد توفر الكهرباء على مدار الساعة، أصبح بالإمكان معالجة المرضى في أي وقت.
وتضيف أسعد: "بدأنا العمل مع مخيمات اللاجئين في عام 2020، عندما شاركنا في فعاليات هاكاثون الأردن للطاقة والذي كان هدفه تعزيز فعالية وكفاءة استهلاك الأسر للطاقة الكهربائية عبر اتباع أساليب مبتكرة لمراقبة وإدارة الاستهلاك".
وتتابع أسعد: "عندما سألنا الأطفال عن أكبر التحديات التي تواجههم نتيجة نقص الكهرباء، ذكروا تحديات التعليم بدون تردد. ورغم إمكانية الدراسة أحياناً تحت ضوء القمر، إلا أن ذلك بطبيعة الحال غير ممكن خلال فصل الشتاء. واليوم بعد تركيب منظومتنا، بات بإمكان الأطفال الدراسة خلال فترات المساء دون الخوف من انقطاع التيار الكهربائي".
ونتيجة عدم توفر مصادر موثوقة للطاقة، سبق لسكان المخيمات أن اضطروا إلى شرب المياه غير الصالحة للشرب وهدر الطعام أو إتلافه لعدم توافر معدات التبريد.
كما أدى توزيع موارد الطاقة بطريقة أكثر عدلاً وموثوقية في مخيمات اللاجئين إلى خلق بيئة أكثر أماناً، حيث لم يعد أحد اليوم بحاجة لاقتناص حصة جيرانه من مخصصات الطاقة. كما استفادت وكالات الإغاثة من انخفاض قيمة فواتير الكهرباء التي خفضت من قيمة نفقاتها العامة.
وتوضح أسعد، رائدة الأعمال البالغة من العمر 31 عاماً، أن الفوز بجائزة زايد للاستدامة سيمكن شركتها من مساعدة المزيد من الأفراد عن طريق تمويل تطوير تطبيق تفاعلي يشجع اللاجئين والمجتمعات المحلية على تعزيز كفاءة استهلاكهم للطاقة.
وتقول في هذا السياق: "سيساعدنا الفوز بالجائزة على المساهمة في خدمة عدد أكبر من المستفيدين عبر إطلاق منتجات جديدة للتغلب على مختلف التحديات التي يواجهها من هم بأمس الحاجة للطاقة اليوم".
"سولار كيسوك سوليوشنز".. حلول فعالة للجميع
المرشح النهائي الثالث للفوز بجائزة زايد للاستدامة عن فئة الطاقة لعام 2023 هو شركة "سولار كيسوك سوليوشنز" التي تأسست عام 2011 من قبل أندرياس سبيس وشركة "جرافت اركيتكتس"، ومقرها ألمانيا. وتقوم الشركة بتصميم وتصنيع وتشغيل حلول الطاقة الشمسية في المواقع النائية التي لا تصلها الكهرباء في كل من أفريقيا وآسيا.
وتُستخدم أكشاك نظام "اي هاب" العاملة بالطاقة الشمسية التي تطورها الشركة في المتاجر والمدارس والمستشفيات والمراكز الرياضية والمقاهي والمكاتب.
ويؤمن توماس ريجر، الرئيس التنفيذي للشركة، أن التكنولوجيا قادرة على إحداث تحول إيجابي في المجتمعات الريفية غير المتصلة بالشبكة ودحض كل الاعتقادات التي تشكك بذلك.
يقول توماس: "لقد كان من الصعب إقناع الجهات المانحة والمستثمرين بإمكانية إنشاء مثل هذه المشاريع وتحقيق نمو مستدام ذاتياً على المدى الطويل. ولذلك، أخذنا على عاتقنا تنفيذ وتشغيل المئات من هذه المشاريع، والتي ساهمت بتحريك عجلة الاقتصادات في المجتمعات الريفية غير المتصلة بالشبكة، وساعدت العديد من المناطق المهملة التي تفتقر للخدمات والتطور على التحرر من براثن الفقر".
وحتى اليوم، قامت الشركة بتصميم وتنفيذ حوالي 300 مشروع ريفي في 15 دولة في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، بما في ذلك مخيمات اللاجئين في بنغلاديش والأردن وإثيوبيا. وقد أثّر ذلك بشكل إيجابي على حياة الملايين من الناس ووفر آلاف الوظائف معظمها للنساء.
وتعتمد الشركة على شركاء إنتاج محليين حيثما أمكن ذلك، كما توفر أيضاً فرص العمل للمصنعين المحليين. ويضيف ريجر أن الفوز بجائزة زايد للاستدامة سيسمح لشركة "سولار كيسوك سوليوشنز" بتجربة آخر مشاريعها، The Pulse، بكفاءة أكبر.
ويهدف مشروع The Pulse إلى توسيع استخدام الأكشاك المبتكرة التي تعمل بنظام الطاقة الشمسية لإمداد صناعات متنوعة بالطاقة، مثل التصنيع الزراعي، وتحلية المياه، والمركبات الكهربائية.
ويتابع ريجر، قائلاً: "نتطلع إلى تنفيذ مشروع The Pulse في مواقع ملائمة ضمن حدود رواندا قبل التوسع به عالمياً. وقد قمنا بالفعل بتكليف شركة من رواندا لتشغيل هذه المراكز. وسيكون تأثير هذا المشروع على المجتمعات أكبر في حال تمكنا من الفوز بالجائزة، حيث يمكننا توسيع نطاق الاستفادة منه إلى آلاف الناس عدا عن توفير وظائف جديدة. ونعتقد أن هذا المشروع سيحدث نقلة نوعية في التنمية الريفية من خلال توفير الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية".
ويختتم ريجر: "سنكون محظوظين جداً إن فزنا بالجائزة، لأنها ستساهم في تسليط ضوء أكبر على عملنا".
جائزة زايد للاستدامة 2023
جائزة زايد للاستدامة هي جائزة عالمية رائدة أطلقتها دولة الإمارات عام 2008، لتكريم الشركات الصغيرة والمتوسطة والمنظمات غير الربحية والمدارس الثانوية العالمية التي تقدم حلولاً مستدامة، وكرّمت حتى الآن 96 فائزاً ساهمت حلولهم الملهمة والمبتكرة في التأثير إيجاباً على حياة أكثر من 378 مليون شخصاً حول العالم.