تحظى ذكرى تأسيس المجلس الوطني الاتحادي (السلطة التشريعية) لهذا العام باهتمام ملحوظ يتجاوز ما يجري عادة كل عام
تحظى ذكرى تأسيس المجلس الوطني الاتحادي (السلطة التشريعية) لهذا العام باهتمام ملحوظ؛ يتجاوز ما يجري عادة كل عام، والسبب مواكبتها بعام زايد الخير باني دولة الإمارات وصاحب رؤية تنموية حقيقية؛ والذي نحتفل بمئويته هذا العام.
يكفي أن نتذكر أن المجلس احتفل أمس بمرور ستة وأربعين عاماً على قيامه، أي بعد تأسيس الدولة بعام واحد؛ لنتأكد أن المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة، شخصية استثنائية ومتميزة في رؤيتها، فمنذ البداية وهو يفكر في دولة المؤسسات، مع أنه إن لم يفعل ذلك لما لامه أو انتقده أحد لأن مثل هذا الأمر في عرف هذه المنطقة في ذلك الوقت كان ما يزال مبكراً، بل إنه حافظ على افتتاح جلسات المجلس في إشارة منه إلى تقديم كل الدعم والمساندة لأعضاء المجلس للقيام بأعمالهم تجاه الإنسان الإماراتي، وبما يخدم الوطن.
عرف الشيخ زايد كيف يؤسس دولة مؤسسات منذ البداية من دون عقد أو دخول في المزايدات السياسية التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، والتي أثبتت أنه لا طائل منها سوى أنها طريقة انحدار الاهتمام بالإنسان، فقد عرف ما هي حاجة دولة الإمارات لهذه السلطة المهمة في ذلك الوقت، وما هو الدور الذي يُنتظر منه في تحقيق التوزان مع باقي السلطات الاتحادية الأخرى، وهي: المجلس الأعلى للاتحاد، ورئيس الدولة ونائبه، ومجلس وزراء الاتحاد، والمجلس الوطني الاتحادي، والقضاء الاتحادي، واليوم باتت دولة الإمارات نموذجاً في تكامل سلطاتها في مسألتين: خدمة "شعب الاتحاد" وفق سياسة الدولة، والتعاون مع السلطة التنفيذية في دعم المسيرة التنموية داخلياً وخارجياً.
المجلس الوطني الاتحادي أحد خلاصات التجربة الإماراتية، وقصة نجاح تُنسب إلى القيادة السياسية لدولة الإمارات، لأنك إن دققت النظر في الدور الذي يقوم به مع البرلمانات الأخرى في المنطقة العربية البعيدة عن الجغرافية الخليجية عموماً فستلاحظ الفارق بين من يؤلب الرأي العام وبين من يعمل من أجل الشعوب
ثمة جهد كبير بُذل في عملية تطوير مسألة المشاركة السياسية في دولة الإمارات، التي انتقلت بهدوء من التأسيس وهي المرحلة التي امتدت إلى العام 2005 حيث تطلبت هذه المرحلة أن تكون الإمارات دولة أكثر تفاعلاً مع العالم نظراً للحالة التي مرت بها منطقتنا، خاصة خلال الفترة من 2001- 2005 وكان لدولة الإمارات فيها دور كبير في صناعة القرارات السياسية التي تهم استقرارها، ولاسيما فيما أفرزته حربا (أفغانستان والعراق) من تداعيات تطلبت حراكاً سياسياً داخلياً في دول المنطقة التي شهدت العديد من التطورات في مجال المشاركة السياسية، وكانت اللحظة التاريخية لمرحلة التمكين السياسي مع العام 2006 التي تابعت فيها الإمارات نموها السياسي من خلال فتح باب انتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني مع إدخال العنصر النسائي في المجلس، وهو قرار اُعتبر في ذلك الوقت جريئاً مقارنة بما هو متعارف عليه في منطقتنا، ولكن في الرؤية السياسية الإماراتية فإن المرأة هي نصف المجتمع، وبالتالي لا يمكن تجاهل دورها أو إغفاله، ومنها مثلت الإمارات أيقونة خليجية وعربية في إشراك المرأة في العملية السياسية، واليوم يترأس المجلس الوطني الاتحادي عنصر نسائي هو الأول في المجالس البرلمانية العربية.
فكل ما قام به مؤسس دولة الاتحاد كان بعيد النظر، أسس دولة اتحادية في وقت كان الكل يراهن على الفشل فيها، صمدت الدولة في وقت كان الآخرون يراهنون على انحدارها، وأصبحت نموذجاً سياسياً، فضلاً عن اعتبار الإنسان أهم ثروة، وقد آمن المغفور له الشيخ زايد بأن المرأة شريك في التنمية.
بمعنى آخر، في كل عمل قام به زايد كان هناك إدراك لأهميته المستقبلية خاصة في مسألة التنمية الشاملة والمستدامة، فقد أتقن لغة السياسة منذ البداية، فأسس دولة حقيقية بناها بأسس قوية، الأمر الذي جعل نجاحها مستمراً، بعد أن باتت قصص نجاحها ترافق الإنسان الإماراتي أينما حل.
المجلس الوطني الاتحادي أحد خلاصات التجربة الإماراتية، وقصة نجاح تُنسب إلى القيادة السياسية لدولة الإمارات، لأنك إن دققت النظر في الدور الذي يقوم به مع البرلمانات الأخرى في المنطقة العربية البعيدة عن الجغرافية الخليجية عموماً فستلاحظ الفارق بين من يؤلب الرأي العام وبين من يعمل من أجل الشعوب، فمنذ تأسيس المجلس في الثاني من فبراير إلى اللحظة الحالية التي نحتفل فيها بمرور (46) عاماً على تأسيسه، وهو شريك أساسي في مراقبته لعمل الحكومة، وليس منافساً لها، وهذا دليل على وجود سياسة واستراتيجية تقود هذه المنظومة.
تقدم دولة الإمارات نموذجاً حقيقياً في المشاركة السياسية التي تساعد في البناء والتعمير كحال باقي المؤسسات الاتحادية، وهو نموذج جدير بالتقدير والإعجاب، بل والسير على خطاه أيضاً، وإذا كان المجلس يحتفل هذه الأيام بمرور الـ46 عاماً على تأسيسه فإن أعضاءه يدركون حجم المسؤولية الملقاة عليهم؛ وهم يعملون بجد وإخلاص في الحفاظ على كل المكتسبات التي حققتها دولة الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة