"استعراض ومكان بمقدمة الأولويات".. أسرار زيارة زيلينسكي إلى بريطانيا
زيارة بالزي العسكري لبريطانيا، اعتمد فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على قدرته الاستعراضية لطلب الدعم، ومكان بمقدمة الأولويات.
هكذا اعتبرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تحليل نشرته حول الزيارة، التي أكدت أن "قلة من قادة العالم يجرون زيارة دولة إلى بريطانيا وهم يرتدون الزي العسكري، لإقناع الجمهور بحاجة العالم إلى قيادة بلدهم".
- زيارة بـ"شق الأنفس".. كواليس مثيرة حول استقبال زيلينسكي بباريس
- موجات بشرية تتدفق.. تخوفات أوكرانية من "هجوم روسي ضخم" بالشرق
وذكر التحليل أن زيارة زيلينكسي لقادة الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم ببروكسل، ستكون بمثابة جريمة لا تغتفر، إذا لم يزر المملكة المتحدة؛ القوة الأوروبية الكبرى التي منذ البداية لم تقدم دعما معنويا إلى أوكرانيا فحسب، وإنما قدمت الأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخباراتية، كما تعاونت مع أوكرانيا منذ 2014 بمساعدتها في إعادة بناء بحريتها.
لذا عندما تسرب أنه من المرجح أن يلقي زيلينسكي خطابا أمام القادة الأوروبيين، الخميس، كان يجب أن يكون بديهيا أنه سيأتي أيضًا إلى لندن، لكن الزيارة التي تم التخطيط لها بدقة ظلت طي الكتمان حتى أعلن داونينغ ستريت الأنباء قبل التاسعة صباحا ذاك اليوم.
وتحمل الزيارة أهمية شخصية ومصدر ارتياح لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك؛ لأنه مهما أكد دعمه لأوكرانيا، وأجرى زيارات إلى كييف، لا يمكنه بناء نفس العلاقة التي تشكلت بين بوريس جونسون وزيلينسكي خلال الأيام الأولى الحاسمة للحرب.
وقال التحليل إنه بالرغم من إقدام زيلينسكي على المخاطرة بالإشادة بجونسون خلال خطابه، كان واضحا من نبرته أن ارتباطه مع بريطانيا، وليس شخص رئيس الوزراء. وبالنسبة لسوناك أيضًا تتحدى تلك الزيارة أولئك الذين يقولون إن بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي لم تعد لاعبا جيوسياسيا، بل تصنف جنبا إلى جنب مع باريس التي زارها زيلينسكي بعد لندن.
وبالنسبة إلى زيلينسكي كانت هذه الزيارة التي تأتي في زمن الحرب، الثانية بعد رحلة استمرت 8 ساعات إلى الكونغرس الأمريكي في 21 ديسمبر/كانون الأول، على نفس القدر من الأهمية.
وخلال الأسابيع الأخيرة طلب من زوجته حمل عبء الدبلوماسية الخارجية، لتتركه بالديار للتضامن مع شعبه في القتال، لكن مع وصول الحرب إلى لحظة حاسمة -حيث يقترب هجوم روسي متوقع في الربيع- كان عليه أن يخاطر بمزيد من الزيارات إلى الخارج، في وقت تتبقى فيه 16 يوما فقط على الذكرى السنوية الأولى للحرب التي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022.
ورأى التحليل أن زيلينسكي يدرك في الواقع أنه بعد عام من الحرب، يتعين عليه أن يبقيها في مقدمة أولويات الغرب؛ في وقت تتنافس فيه الزلازل والسياسات المحلية على أجندة الأخبار.
وفي تقرير نشرته مجلة "تايم" الأمريكية في ديسمبر/كانون الأول، أقر زيلينسكي أن "الناس يرون الحرب على إنستغرام، على الشبكات الاجتماعية. وعندما يسأمون الأمر، سيقومون بتمريره"، موضحا أن "هذه هي الطبيعة البشرية وأن الأهوال تجعل الناس تغمض أعينها الكثير من الدماء، والكثير من المشاعر".
وشعر زيلينسكي بتشتت انتباه العالم، وأقلق هذا مساعديه بنفس قدر القنابل الروسية. وأفادت "التايم" بأنه في معظم الليالي، عندما يتحقق من أجندته، تكون قائمة المهام تدور حول الطريقة التي ينظر بها إلى الحرب أكثر منها عن الحرب نفسها".
وتتمثل مهمته في أن يجعل العالم يختبر هذه الحرب بنفس الطريقة التي تعيش بها أوكرانيا: كمسألة تتعلق بنجاة العالم.
ووقف زيلينسكي بزيه العسكري بجانب رئيس مجلسي اللوردات والعموم، حاملا رسالة بسيطة مفادها: "لا تنسوا أوكرانيا أو هذه الحرب في أوروبا".
لكن خلف الوعود البلاغية بـ"تاريخ جديد" تضمنت الزيارة طلبات عملية. وفي حين تجنب زيلينسكي أن يبدو بمظهر الناكر للجميل الذي يتقدم بمزيد من الطلبات، طلب زيلينسكي بذكاء إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، أو ما وصفه بـ"أجنحة من أجل الحرية".
وعمليا، لا تمتلك المملكة المتحدة الطائرات التي يطلبها زيلينسكي، لكن بإعلان بريطانيا أنها ستقدم التدريب للطيارين الأوكرانيين، تمهد المملكة المتحدة الطريق أمام أوروبا لإرسالها.
aXA6IDE4LjIyNi4zNC4yMDUg جزيرة ام اند امز