زيلينسكي في لندن.. كيف توازن أوكرانيا بين ضغوط ترامب وثقة أوروبا؟
يجد الملف الأوكراني نفسه مجددا في قلب مواجهة سياسية تعيد رسم ملامح النفوذ بين واشنطن وموسكو.
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قادة أوروبيين في لندن، اليوم الإثنين، في بادرة تضامن، بعد أن اتهمه نظيره الأمريكي دونالد ترامب بعدم قراءة مقترح السلام الأخير، وفي الوقت الذي أشادت فيه موسكو بالاستراتيجية الأمنية الجديدة لواشنطن.
كان ترامب قد وجّه انتقادات لزيلينسكي يوم الأحد بعد انتهاء مفاوضات نهاية الأسبوع في ميامي بين الوفدين الأمريكي والأوكراني من دون حسم نقاط عالقة تتعلق بالضمانات الأمنية والقضايا الإقليمية، إلى جانب مخاوف مستمرة من أن المقترح الأمريكي يميل لصالح روسيا.
وقال ترامب: "لقد تحدثنا مع الرئيس (الروسي) فلاديمير بوتين، وتحدثنا مع القادة الأوكرانيين، بمن فيهم... الرئيس زيلينسكي، ويجب أن أقول إنني أشعر بخيبة أمل بعض الشيء لأن الرئيس زيلينسكي لم يقرأ الاقتراح بعد، وكان ذلك قبل ساعات قليلة".
وأضاف أن روسيا تفضل ضم أوكرانيا بأكملها، وأنه يعتقد أن موسكو "راضية" عن خطة السلام، مستدركا "لست متأكدا من أن زيلينسكي راضٍ عنها".
توقيت حساس
جاءت تصريحات ترامب في الوقت الذي رحّب فيه الكرملين بالاستراتيجية الأمنية القومية الجديدة لإدارته، وهي إعادة تموضع في السياسة الخارجية تتبنى نهجا أكثر صدامية تجاه أوروبا.
وتتخلى الوثيقة الأمريكية الجديدة عن اللغة السابقة التي وصفت روسيا بالتهديد، معتبرة أن الدول الأوروبية ترى موسكو "تهديدا وجوديا"، وتضع واشنطن في موقع الوسيط المركزي لإعادة "شروط الاستقرار داخل أوروبا والاستقرار الاستراتيجي مع روسيا". بحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في شبكة "سي إن إن".
وفي حديثه للصحفيين يوم الأحد، بدا المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، وكأنه يشيد بالاستراتيجية،
وقال إن التعديلات التي تشهدها السياسة الأمريكية "متسقة في كثير من الجوانب مع رؤيتنا"، واصفا ترامب بأنه "قوي".
أوروبا تستعد لتقييم الوضع
من منظور أوروبي، يأتي هذا التحول في توقيت حرج، كما تقول شبكة "سي إن إن" الأمريكية، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تقود محادثات السلام المتعلقة بأوكرانيا في الوقت ذاته الذي تتخذ فيه موقفا أكثر تشددا تجاه أوروبا، مما يثير مخاوف من تأثير هذا التحول على المفاوضات.
ومن المرجح أن تُطرح هذه القضايا على طاولة البحث يوم الإثنين عندما يسافر زيلينسكي إلى لندن، حيث من المقرر أن يلتقي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرز.
وقال ماكرون إن القادة الأوروبيين "سيقيمون الوضع والمفاوضات الجارية في إطار الوساطة الأمريكية".
وأفاد مسؤولون أوكرانيون بأن المحادثات في ميامي بين المفاوضين الأمريكيين والأوكرانيين وصلت إلى نقطة توقف يوم السبت دون تحقيق أي تقدم، مشيرين إلى أن أسئلة رئيسية لم تُجب عليها.
وقالت السفيرة الأوكرانية لدى الولايات المتحدة أولغا ستيفانيشينا يوم السبت، إنه بعد ثلاثة أيام من المحادثات، "لا تزال هناك قضايا صعبة"، "لكن الجانبين يواصلان العمل على صياغة حلول واقعية ومقبولة".
وأوضحت ستيفانيشينا، أن التحديات الرئيسية في هذه المرحلة "تتعلق بمسائل الأراضي والضمانات، ونحن نسعى جاهدين لإيجاد أفضل السبل لمعالجتها". وأضافت: "سيتم تقديم المزيد من التفاصيل بمجرد جمع جميع المعلومات".
وبدأت الجلسات الماراثونية يوم الخميس بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس دونالد ترامب جاريد كوشنر، والمسؤولين الأوكرانيين رستم عمروف وأندريه هناتوف.
ولطالما شكلت ضمانات الأراضي والأمن عقبات رئيسية أمام أي تسوية محتملة. وتؤكد كييف أن إنهاء الحرب بشكل عادل يجب أن يتضمن التزامات أمنية موثوقة، ولن يتطلب منها التنازل عن أراضٍ إضافية.
في غضون ذلك، صرّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق من هذا الأسبوع بأنه ينوي السيطرة على منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا بأي وسيلة.
وقال ماكرون يوم السبت إن روسيا "تحبس نفسها في نهج تصعيدي ولا تسعى للسلام".
وأضاف "يجب أن نواصل الضغط على روسيا لإجبارها على السلام"، معتبرا أن "ما هو على المحك في أوكرانيا هو أمن أوروبا ككل".
تصعيد عسكري روسي
وفي ظل التجاذبات السياسية، شنت روسيا واحدة من أكبر موجات الطائرات المسيّرة والصواريخ خلال أشهر.
وقال زيلينسكي يوم الأحد إن روسيا أطلقت أكثر من 1,600 طائرة مسيّرة هجومية و1,200 قنبلة موجهة وما يقارب 70 صاروخا خلال الأسبوع، مستهدفة البنية التحتية الحيوية.
وذكرت وزارة الطاقة الأوكرانية أن الضربات أصابت منشآت طاقة في عدة مناطق، وقطعت الكهرباء عن ملايين السكان في أوديسا وتشيرنيهيف وكييف وخاركيف ودنيبروبتروفسك وميكولايف. وتم تطبيق جداول لقطع الكهرباء في مختلف أنحاء البلاد.
في المقابل، قالت القوات الأوكرانية إنها أصابت مصفاة ريازان الروسية، إحدى أكبر المصافي في البلاد، في هجوم ليلي، دون رد رسمي من موسكو حتى الآن.