بعدما هاجم رئيس أوكرانيا أفكار ودعوات "شيخ" السياسة الأمريكية هنري كيسنجر، وخلاصتها عدم نبذ روسيا من العالم وإيجاد مخرج واقعي من الحرب يتمثَّل في تعهد أوكراني بعدم الانضمام للناتو وتسامحات سياسية أخرى من كييف، هاجم زيلينسكي مرة أخرى الرئيس الفرنسي.
الرئيس الفرنسي، ماكرون، كان قد حذّر في وقت سابق من السلوك الهجومي تجاه موسكو، التي يجب استعادة التعاون معها في المستقبل، وعدم إهانتها، فأدان زيلينسكي، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، تصريحات ماكرون.
المثير، كما رصدت وكالة "نوفوستي"، أنَّ قسمًا من الجمهور الفرنسي على منصات السوشيال ميديا أظهر انزعاجه من إلحاح الرئيس الأوكراني زيلينسكي على تصعيد الصدام مع روسيا، والإمعان في نبذها وعزلها، وهم يرون في ذلك على المدى البعيد خطرًا على فرنسا نفسها، كما أنه لا يجوز، وفقًا لهم، نسيان الروابط العميقة التي تربط الفرنسيين بالروس من كل الاتجاهات.
إذًا، فالفرنسيون منزعجون من زيلينسكي، ويتهمونه بانعدام المسؤولية.
فمثلاً، كتب المواطن الفرنسي جريجوس يقول، إنَّ زيلينسكي "بدأ يزعجنا".. أمَّا جورج، فأكَّد أنَّ "زيلينسكي يتصرَّف بشكل غير مسؤول".. بينما تياجو كتب ساخرًا "على أي حال، سيقاتل الأمريكيون حتى آخر أوكراني".
من المؤكد أنَّ هذه التعليقات تعكس جانبًا من الصورة الفرنسية، لا كلَّها، فهناك جماهير أخرى متحمسة للحرب، ونبذ روسيا، لكن ما كانت هذه التعليقات ربما لتظهر علنًا، بعيد الغارة الغربية من العقوبات الرهيبة، وشيطنة روسيا وطردها من النظام العالمي، وربما لو تيسّر، ترحيل الجغرافيا والديمغرافيا الروسية إلى مجرّة نائية عن مجرّتنا.
في مارس/آذار الماضي كان مقال هنا في هذه المساحة بعنوان "شيطنة الروس وسُقيا الكؤوس"، جاء فيه عن المحلل السياسي الروسي ألكسندر نازاروف، حديثه عن صورة كاشفة للهستيريا الغربية ضد روسيا، ضاربًا المثل بـ"المذيعة الأمريكية، أوبرا وينفري، التي ألقت بكتاب (الحرب والسلام) لمؤلفه الروسي ليو تولستوي من مكتبتها الشخصية".
كما جاء القول:
القصة كبيرة ومخيفة ومعقدة، لم نزل في أولها، والكأس اليوم تشرب منها روسيا، وهي تعدّ العدّة لرد الكؤوس على سقاتها، لكن هل تدار الكأس على دول أخرى؟
اليوم، وبعد اتضاح ضرائب هذه الحرب، كما في مثال أزمة الغذاء، التي أجبر العالم نفسه فيها على "التعامل" مع روسيا، والأمر نفسه في الدفع بالروبل في إمداد أوروبا بالغاز، انكشفت فاتورة الحرب الباهظة، و"لا عملية" العقوبات الكاسحة الماسحة الغربية.
ما مضى ليس دفاعًا عن "الغزو" الروسي لأوكرانيا، ولكنه محاولة جديدة لرؤية الأمور على حقيقتها، لا كما يسوّقها الخطاب المثالي الغربي في الإعلام... وأيضًا للبحث عن مصالحنا الذاتية، إنْ وُجدت، في صراعات الآخرين.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة