من سيُعلن "الانقلاب" أولا.. الاتحاد الإفريقي أم جنرالات زيمبابوي؟
يبدو أن جنرالات زيمبابوي يجسدون نظرية "عض الأصابع"، وسط إصراراهم على نفي الانقلاب، رغم إعلان موجابي أنه تحت الإقامة الجبرية.
رغم أن قواعد الاتحاد الإفريقي تُجرّم، منذ سنوات طويلة، أي تحرك عسكري يقوّض المؤسسات الدستورية، في أي من الدول الأعضاء، فإن أخبار الانقلابات تُعَد من أخبار الصباح والمساء، في هذه الناحية من العالم.
وآخر هذه التحركات التي تابعتها بوابة "العين" الإخبارية، ما تشهده زيمبابوي، منذ فجر الأربعاء، حيث سيطر جنود موالون لقائد الجيش كونستانتينو تشيونجا، على المؤسسات العامة، دون الإقرار بأن خطوتهم انقلاب على الرئيس روبرت موجابي.
وبرر العسكريون حركتهم بأنها لا تستهدف الرئيس، البالغ من العمر 93 عاما، بل "المجرمين" المحيطين به، رغم أنها تكشف عن المدى الذي بلغه صراع الأجنحة حول خلافة موجابي.
وما يميز هذه الخطوة أنها ستكون، في حال انتهت بطرد موجابي من قبل الجنرالات، الذين يصرون حتى الآن أن مقام الرئيس محفوظ، أول عملية انتقال للسلطة منذ استقلال البلاد في 1980.
ويعود تحاشي العسكريين لإظهار أي نزعة انقلابية، إلى تفادي تجميد عضوية البلاد التي تعاني من عزلة غربية، من قبل الاتحاد الإفريقي.
وفي الغالب، لم يثن قرار التجميد، الذي يُتخذ تلقائيا بحق أي دولة تشهد انقلابا عسكريا، كثيرا من الجنرالات عن الاستيلاء على الحكم، حيث يسارعون بعدها إلى تنظيم انتخابات، تفتقر لأبسط مقومات النزاهة، تتيح لهم استعادة العضوية.
لكن الوضع الاقتصادي الهش والاضطرابات السياسية المتلاحقة منذ عقود، تجعل زيمبابوي التي كانت عند استقلالها، واحدة من أكثر الاقتصادات الواعدة في إفريقيا، أضعف من مجابهة التجميد وما يجره من تعقيدات.
واليوم، يبدو أن جنرالات زيمبابوي يجسدون نظرية "عض الأصابع"، وسط إصراراهم على نفي الانقلاب، رغم إعلان موجابي أنه تحت الإقامة الجبرية.
وجاء إعلان الرئيس الزيمبابوي على لسان جاكوب زوما رئيس جارته جنوب إفريقيا، الذي قال إن موجابي "ألمح" له بذلك، في محادثة هاتفية، ما يشي بتقييد حريته عند المهاتفة.
ولم تتضح بعد الطريقة التي هاتف بها موجابي نظيره الجنوب إفريقي، لكن الرجلين يتمتعان بعلاقة وثيقة، ترجح استغاثة الأول بالثاني كي يستثمر نفوذه القاري في الضغط على العسكريين.
وفي حال تم اعتماد هذه الفرضية، يمكن تفسير البيان الذي أصدره، بعد ذلك بساعات، الزعيم الغيني ألفا كوندي، بحكم رئاسته الدورية للاتحاد الإفريقي؛ حيث وصف الوضع بأنه "يبدو كانقلاب".
وفي حين دعا كوندي لإعادة العمل بالنظام الدستوري، لم يرِد أي تعليق بعد من قادة الجيش.
لكن ما يضاعف الضغوط على العسكريين أن خطوتهم، رغم السخط الشعبي المتنامي بحق موجابي، اصطدمت برفض حزب المعارضة الرئيس "أم دي سي"، الذي طالب بحماية الحكم المدني.
ويُعتقد على نطاق واسع أن تحرك قادة الجيش مردّه رفضهم خطط موجابي توريث منصبه لعقيلته جريس.
وكان أبرز مؤشر على ذلك إطاحة الرئيس الزيمبابوي، الأسبوع الماضي، بنائبه إمرسون منانجاجوا، الذي كان يتمتع بالحظ الأوفر لخلافة موجابي، ويُعَد العقبة الكبرى في طريق جريس.
وللمرة الأولى، على مدار حكمه، انتقد الجنرالات الذين يرتبطون بصلات وثيقة مع منانجاجوا، قرار موجابي، مظهرين اعتراضهم علنا على خلافة جريس المحتملة.
ولم يتضح بعد إن كان منانجاجوا له دور في تحرك المؤسسة العسكرية، الذي عجّلت به تقارير تفيد بأن موجابي بصدد إقالة قائد الجيش كونستانتينو تشيونجا.
وبعد يومين من الاختفاء القسري لموجابي، الذي تآكلت شعبيته بعدما كان زعيما لحرب الاستقلال، يسهل وصف ما حدث بأنه انقلاب، لكن يصعب التكهن بمن سيعلنه أولا، الجنرالات أم الاتحاد الإفريقي؟
لكن السؤال الأهم: من يكترث بصك الأوصاف عندما يتحرك الجنود فعلا لـ"الاستيلاء على الحكم"، كما قال كوندي؟
aXA6IDMuMTMzLjExOC4xNjQg
جزيرة ام اند امز