"رقص على الدماء".. "حزب الله" يتسلل إلى عكار اللبنانية
في خطوة مفاجئة وتحمل العديد من الدلالات السياسية، دخل "حزب الله" إلى منطقة عكار بطريقة علنية عبر المساعدات المادية.
واتخذ حزب الله من الانفجار الذي وقع في التليل العكارية في 15 أغسطس/آب الماضي، بسبب شجار على تعبئة الوقود من أحد خزانات الاحتكار، والذي أوقع أكثر من 23 ضحية وخلّف عشرات الجرحى، ذريعة للدخول إلى المحافظة عبر دفع الأموال تحت ستار تعويضات إلى أهالي الضحايا والجرحى.
وسلّم الحزب عبر أحد عناصره، وهو رئيس حركة الإصلاح والوحدة الشيخ ماهر عبد الرزاق، مبلغ مليار و275 مليون ليرة، كمساعدة جرى تقسيمهم بدفع مبلغ 30 مليون ليرة لكل عائلة ضحية لبناني، و15 مليون ليرة لكل جريح (51 جريحاً)، وطلب أيضاً الحصول على قائمة بأسماء الجرحى والقتلى السوريين، لتكون لهم تعويضات مماثلة.
وهي من المرات النادرة جداً التي يدخل فيها حزب الله إلى عكار، سواء بالمساعدات أو بالتواصل السياسي والاجتماعي.
خصوصاً أن هذه المنطقة تعادي الحزب سياسياً وطائفياً، في مسعى إلى نقل صورة جديدة عنه، تختلف عن الصورة النمطية المكرسة، والتي ازدادت في السنوات الأخيرة خصوصاً بعد الأحداث السورية.
وأسلوب الحزب باستغلال معاناة الناس لتحقيق مكاسب إعلامية أو انتخابية ليس جديداً عليه، حيث اعتاد استغلال الأزمات التي تكاثرت في الفترة الأخيرة بالبلاد، وذلك في محاولة للتمدد داخل بيئات ترفضه.
وفي هذا السياق اعتبر نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش، أن الأموال التي وزعها "حزب الله" لا تشكل سوى جزء ضئيل جداً من خسائر لبنان وعكار على مدار عقود بسبب سياساته.
وقال علوش لـ"العين الإخبارية": "بالتأكيد هناك فراغ سياسي والاحتياجات زادت وحزب الله يتسلل بخبث ليعلن عن نفسه باعتباره جمعية خيرية، بينما هو معروف أنه من جماعة الموت والفقر والقتل".
وأضاف: "إذا اعتقد حزب الله أنه من خلال بعض الأموال قادر على أن يمحو جرائمه وتحويل أبناء عكار إلى خدم عند الولي الفقيه، فهو واهم".
واعترف علوش أن الفراغ الاجتماعي والسياسي في المنطقة، إضافة لغياب الدولة والمساعدات من الدول العربية، دفع حزب الله للتجرؤ والذهاب إلى عكار في محاولة للاختراق السياسي عبر فتات الأموال".
ورأى أن "حزب الله" كأي تنظيم عسكري يقوم بعملية استطلاع، والآن لديه فرقة استطلاع جندها من أبناء المنطقة ليرى مدى إمكانية قبوله.
وأشار إلى أن الأموال التي يحتاجها حزب الله للسيطرة السياسية على المنطقة، هائلة ولا يمتلكها، لكن في الأوضاع الاقتصادية الراهنة، يستطيع من خلال بعض الفتات الذي يوزعه حالياً إحداث بعض الإرباك على المستوى المحلي.
وأردف: "كما يستطيع حزب الله إسكات بعض الأصوات التي تقاتله، وربما يستطيع أن يحدث اختراق ضئيل جداً، وذلك بسبب الفراغ السياسي في المنطقة".
بدوره رأى نائب عكار السابق معين المرعبي، أن ما قام حزب الله "محاولة خسيسة للدخول إلى عكار مستغلاً أوجاع هذه المنطقة وفقرهم المدقع"، مشيراً إلى أنهم لو لم يكونوا من الفقراء لما تزاحموا للحصول على كميات قليلة من البنزين من دون الانتباه إلى سلامتهم الشخصية ما أدى إلى كارثة.
وقال لـ"العين الإخبارية": "يحاولون الضحك على الناس بقليل من الأموال بسبب الأزمة الاقتصادية الذين تسببوا بها وضاعفوها على الأهالي من خلال التهريب والسطوة على السلطة، التي حرمت أهالي المحافظة من مقومات الحياة".
وحمّل المرعبي الدولة اللبنانية ومؤسساتها، إضافة إلى القيادات السياسية التي باعتهم عكار، مسؤولية هذا الأمر، مشيراً إلى "أنهم تركوا هذه المحافظة من لبنان من دون خدمات ولا مدارس ولا جامعات ولا مهنيات، وأصبح أهلها من أفقر الفقراء، وبالتالي قبلوا تلّقي أي مساعدة لو كانت من الشيطان".
من ناحية أخرى، أكد النائب اللبناني السابق، أنها ليست المحاولة الأولى التي يحاول فيها الحزب اختراق عكار، ومنذ سنوات أسس الحزب لمجموعات من المهربين أسماهم "سرايا المقاومة" وهو لا يزال يمولهم، وهم اليوم يحاولون تدعيمه.
من جهته أكد وزير العدل اللبناني السابق اللواء أشرف ريفي لوكالة الأنباء "المركزية" "أن محاولة اختراق حزب الله للبيئة السنية من خلال جوع ومأساة أبناء التليل فاشلة".
ولفت إلى أن "هذا الحزب الذي يمد يده اليوم لمساعدة أهالي ضحايا ومصابي التليل هو من تسبّب في تجويع الناس وإذلالهم أمام المحطات من خلال نتيجة عصاباته الممنهجة في تهريب المحروقات إلى سوريا".
تجدر الإشارة إلى أن بعض أهالي الضحايا رفض أخذ المساعدة واعتبرها مسمومة وردها مع الشكر لحاملها.