120 ألف أردني مريض بـ"حساسية القمح".. ونصف مليون بالسعودية
الأعراض تشمل نقص الحديد والكالسيوم، مما يؤدي إلى هزال عام ونقص في النمو، وآلام وانتفاخ بالبطن، وتقرحات فموية، وزيادة قابلية النزف
يعاني العديد من الأشخاص من مرض حساسية القمح، الذي يجبرهم على الامتناع عن تناول مادة القمح وكل المنتجات التي بها مادة الغلوتين، وبالتالي يحرم المصابون بهذا المرض من تناول الأطعمة بشكل طبيعي، وعليهم تفقد لائحة أي نوع من الطعام قبل تناوله، خوفاً من الحساسية التي قد تؤول بهم إلى المستشفى وأعراض مرافقة تشعرهم بالوهن والهزل.
عمر الوحيدي أردني مصاب بهذا المرض منذ الطفولة، يبلغ من العمر الآن ما يقارب الخمسين عاماً، يروي تجربته مع المرض: "اكتشف أهلي إصابتي بهذا المرض منذ أن كان عمري تسع سنوات، ويجعلني أعاني دائما من نقص بالحديد والكالسيوم، وممنوع من تناول أغذية عديدة، وأعتمد في غذائي على الذرة والأرز، لكن بعض المنتجات لا تخلو من مادة الغلوتين ومن بينها بعض الأدوية، فكيف لي أن أتجنبها، خاصة إن لم يكن لها بديل، فعند تناولي لأي منتج يحوي الغلوتين أراجع المستشفى وأبقى بها وقتا بسبب إصابتي بالإسهال الشديد ونقص السوائل الذي ينتج في جسمي".
يضيف الوحيدي: "هناك منتجات خالية من الغلوتين، فمثلا توجد مخابز تصنع خبز الذرة، لكنها غالية ومكلفة، ولا تباع بسعر الخبز الاعتيادي، ولهذا فإنني لا أستطيع توفيرها بشكل دائم، ويجب أن توفر لنا الدولة البدائل الغذائية، فهذا المرض لا شفاء منه، وقائم على الحمية الغذائية".
مرض وراثي
أما سميرة محاسنة، وهي أم لأربعة أطفال ومصابة بهذا المرض، فتقول: "أصبت بهذا المرض منذ طفولتي وورثته عن أبي، ونواجه صعوبات عدة، من أهمها أن الأطباء قد يخطئوا في التشخيص ويظنوا أننا نعاني من القولون العصبي بسبب التشابه الكبير في الأعراض، وأيضاً المعاناة في اختيار الأطعمة، وهذا المرض لا يظهر فقط في فترة الطفولة بل أيضاً هنالك احتمال على ظهوره في فئات عمرية تجاوزت الأربعين عاماً".
تضيف سميرة : "للأسف ورثت هذا المرض لابنتي (ريما)، وهي حالياً في الصف الثاني وعمرها 7 سنوات، فقد لاحظت أنا وزوجي أن وزنها وطولها قليل مقارنة مع أقرانها، ووجهها دوماً شاحب وتصاب كثيراً بالإسهال الشديد. وعملنا لها فحوصات عند المختصين حتى اكتشفنا إصابتها. وبعد دخولها المدرسة بدأت المعاناة الحقيقة، خاصة أنها ترى الأطفال يأكلون ساندويشات وكيك وأنواعا أخرى من الطعام محرمة عليها، وكثيراً ما تأتي للمنزل وتخبرني أنها تناولت هذه الأمور وتبدأ رحلة الأطباء في إعادة وضع الأمعاء الدقيقة لطبيعتها وتنظيفها من مادة الغلوتين".
القولون العصبي
رئيس قسم الباطني في مستشفى البشير، الدكتور وسيم حمودة، يقول إن حساسية القمح مرض مناعي ذاتي مكتسب يصيب الأمعاء الدقيقة لدى الأشخاص ذوي العرضة، والذين يتمتعون بقابلية جينية للإصابة به، وقد يحدث داء السلياك في أية مرحلة عمرية منذ الطفولة وحتى الشيخوخة المتأخرة، ويصيب 3 بالألف من الأشخاص، والمرضى يكون لديهم أجسام مضادة ضد مادة الغلوتين، وهي المادة الأساسية البروتينية الموجودة في القمح، وعند تناول القمح ومنتجاته يصدر عن الجسم ردود فعل.
ومن أعراض الإصابة بهذا المرض، الإصابة بإسهال شديد، وفقدان الجسم للفيتامينات والبروتينات وتكون مناعة المريض ضعيفة، ولديه نقص في مادة الحديد والكالسيوم وغيرها من العناصر المهمة مما يؤدي إلى هزال عام ونقص في النمو، وآلام وانتفاخ بالبطن، وتقرحات فموية، وزيادة قابلية النزف.
ويصيب هذا المرض مرحلتين، مرحلة الطفولة، ومرحلة الشيخوخة. وهنالك أشخاص مصابون بهذا المرض ولكن بأعراض غير كاملة ويظهر عليهم أمراض القولون العصبي، من انتفاخات وغازات ونقص في الحديد وشحوب عام.
من خلال فحوصات للدم وتنظير للأمعاء يثبت الطبيب إصابة الشخص بهذا المرض، وعليه اتباع حمية غذائية وتجنب كل ما يحتوي على القمح طوال الحياة، ويجب تزويد الجسم بالعناصر التي تنقصه.
تأمين بدائل غذائية
رئيسة جمعية أصدقاء مرضى حساسية القمح الخيرية، سهير عبد القادر تضيف: "تم تأسيس الجمعية في عام 2012، وهي الجمعية الوحيدة في الأردن، والأولى على مستوى الوطن العربي، وجاء هذا التاسيس لايماننا بأهمية مساندة مرضى حساسية القمح، فالأمن الغذائي حق لكل إنسان، فالأشخاص المصابون بهذا المرض يعانون فعلياً لعدم وجود بدائل غذائية.
نحاول من خلال الجمعية أن نعمل على تمكين المرضى نفسياً حتى يستطيعوا التأقلم والتعايش مع المرض، وأن نؤمن البدائل الغذائية وأن نعمل على إنشاء مشاريع إنتاجية خاصة بهذا المرض، كون هذه المواد الخالية من الغلوتين مواد مكلفة وغير متوفرة.
وتلفت إلى وجود 120 ألف مريض مصاب بحساسية القمح في الأردن، وأن هذا النوع من المرض يجعل المصاب به صاحب إعاقة تامة، يستحيل الشفاء منها بحسب التصنيفات العالمية، ويجب أن يتبع حمية صارمة يعتمد بها على الذرة والأرز والنشا، علما بأن من المسموح له تناول الفاكهة والخضروات.
وتحذر من أن الغلوتين منتشر في كثير من المواد الغذائية، وأهمها الخبز والشعير والشوفان والمعجنات والمعكرونة ومعلبات اللحوم وأيضاً بعض الأدوية.
وتقول إن هذا المرض يصيب بنسبة 2% من مجموع سكان الأردن، ومنتشر أكثر في جنوب الأردن، بينما يعاني منه في السعودية نحو 500 ألف مريض.
وتنهي قائلة: "نطالب بأن يتوفر لهم سجل وطني لأمراض حساسية القمح من خلال وزارة الصحة، ليتم تسجيلهم رسمياً، وبالتالي يترتب على ذلك حقوقهم في الغذاء".