الجزائر تقرر رفع المنحة السياحية وتقر تراخيص لمكاتب الصرف
الجزائر تقرر رفع المنحة السياحية وإنشاء مكاتب صرف، في خطوة تستهدف إصلاح المنظومة المالية وتطهير البلاد من السوق السوداء
كشف محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، عن تدابير لرفع الأسقف المحددة لصرف الدينار مقابل العملات الأجنبية، بعد سنوات من معاناة الجزائريين عند السفر مع ضعف القيمة التي يمكنهم صرفها، والتي لا تتجاوز 15 ألف دينار.
وقال لكصاسي لدى رده على أسئلة نواب البرلمان الجزائري، اليوم، إن "بنك الجزائر يعمل على تحديد كيفيات رفع سقف منحة السفر للسياحة أو الدراسة أو العلاج بالخارج للأسر لكن بشكل لا يؤدي إلى حدوث انعكاسات سلبية على ميزان المدفوعات للجزائر".
واعترف لكصاسي، في معرض شرحه للوضعية المالية للبلاد، بأن "الأسقف المحددة لحق الصرف الخاص بالسفر إلى الخارج ضعيفة حاليًا، وستكون هناك تدابير لرفعها لمساعدة العائلات دون أن يلحق هذا الرفع إضرارًا بميزان المدفوعات".
ولم يعط المحافظ مزيدًا من التفاصيل حول مستوى هذا الرفع المنتظر ولا حول آجال دخوله حيز التطبيق، علمًا أن تعليمة وزارية ترجع لسنة 1997 تحدد حقوق الصرف للسفر إلى الخارج بما يعادل 15 ألف دج بالعملة الصعبة وهي عتبة لم تتغير منذ قرابة 20 سنة.
كما ذكر لكصاسي أن بنك الجزائر مقبل أيضًا على منح تراخيص لإنشاء مكاتب صرف للعملة، مشيرًا إلى أن إشكال عدم فتح مكاتب لا يتعلق بالتشريع القانوني الموجود، وإنما بهوامش الربح المحددة بـ1% والتي لم تكن تغري المتعاملين لممارسة هذا النوع من النشاط.
ويتيح تحويل مبلغ 15 ألف دينار جزائري إلى عملة أجنبية، الحصول فقط على 130 يورو أو 140 دولارً. هذا التحويل يسمى "المنحة السياحية" ويرخص به مرة واحدة في السنة لمن يريد السفر، ويطالب الجزائريون منذ سنوات برفعه؛ لأنه لا يكفي لقضاء ليلة أو ليلتين بفندق في الخارج.
وواجه ميزان المدفوعات، حسب المحافظ، عجزًا بـ 82.20 مليار دولار خلال التسعة الشهر الأولى لسنة 2015 مقابل عجز لا يتجاوز 02.3 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من عام 2014، مما أدى إلى تراجع احتياطات الصرف (عدا الذهب) إلى 70.152 مليار دولار مع نهاية سبتمبر 2015 مقابل 03.159 بنهاية جوان 2015 و 94.178 مليار دولار أواخر ديسمبر 2014.
هذا الواقع، أدى في السوق الرسمية إلى تراجع بـ 57.19% من قيمة الدينار مقابل الدولار الأمريكي و16.2% مقابل اليورو، أما في السوق الموازية، فقد الدينار حوالي 60% من قيمته، إذ يساوي اليورو حوالي 190 دينار ويباع الدولار بـ165 دينار.
القضاء على السوق السوداء ممكن ولكن بشرط؟
ويربط الخبير المالي فرحات آيت علي بين نجاح هذا الإجراء، وبين قابلية الدينار للتحويل؛ إذ لا يمكن حسبه القضاء نهائيا على السوق الموازي، في حال كانت قدرة المواطنين على صرف العملة في اتجاه واحد من اليورو والدولار إلى الدينار.
ويوضح آيت علي، في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، أن الطلب في الجزائر ليس على صرف العملات الأجنبية مقابل الدينار ولكن في الاتجاه المعاكس؛ إذ غالبًا ما يحتاج المواطنون إلى عملات أجنبية من أجل قضاء مصالحهم المتعلقة بالسفر أو الدراسة أو العلاج في الخارج، ولا يجدون إمكانية لذلك عبر القنوات الرسمية التي تتيح تحويل ما مقداره 130 يورو كحد أقصى.
ويقترح الخبير اعتماد قابلية جزئية لتحويل الدينار، بتخصيص كوطات معينة من العملات الأجنبية للبيع في مكاتب الصرف التي سيتم اعتمادها، وذلك لتخفيف الطلب على العملة الأجنبية وخفض الفارق بين سعرها في السوق الرسمية والسوق السوداء.
ويؤكد آيت علي في المقابل، صعوبة اعتماد قابلية تحويل كلية للدينار؛ لأن الحكومة تخشى في هذه الحالة نفاذ مخزونها من احتياطي الصرف، خاصة أن جو الأزمة الحالي في البلاد، يضعف الثقة في العملة المحلية ويجعل العملات الأجنبية ملاذًا آمنًا لحفظ قيمة الأموال من التضخم.