تحقيقات إسرائيلية: إعدام مواطن فلسطيني بالخليل غير مبرر
الجندي القاتل متطرف وتظاهرات لليمين تطالب بإطلاق سراحه
تحقيقات جيش الاحتلال الإسرائيلي حول إعدام الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في الخليل تنفي مزاعم القاتل الإسرائيلي
أظهرت تحقيقات جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن الشهيد عبد الفتاح الشريف، الذي أعدمه أحد جنود الاحتلال من النقطة صفر، الخميس الماضي، في جريمة موثقة بالفيديو، لم يكن يحمل مواد متفجرة أو حزاما ناسفا، بخلاف مزاعم الجندي الذي أعدمه ومحاميه واليمين المتطرف، الذي نظم تظاهرات مؤيدة للجندي المحتجز، فيما ظهرت كتابات إسرائيلية تنتقد ما جرى وتصفه بالعمل المقيت.
ووفق موقع "واللا" العبري فقد تبين من التحقيق الأوّلي الذي أجراه الجيش في أعقاب جريمة إعدام الشريف، أن الجندي الذي أطلق رصاصة على رأسه وأدت إلى استشهاده، جاء إلى موقع الجريمة بعد ست دقائق، وبعد أن كان الشريف ممددا على الأرض ولا يقوى على الحركة بعد إطلاق النار عليه، في حين كان زميله قد استشهد.
وبحسب مصدر عسكري إسرائيلي، فإنه قبل قدوم القوة التي كان الجندي أحد أفرادها، تفحص ضابط جسد الشريف وتأكد من أنه لا يحمل حزاما ناسفا، وأن إطلاق الجندي النار على رأسه تم بعد ذلك.
وأوضح المصدر العسكري نفسه أن التعليمات بشأن الاشتباه بوجود حزام ناسف واضحة جدا، و"تتطلب إخلاء كافة الجهات من المكان لكي لا يصابوا وليس إطلاق النار".
ويُظهر شريط التصوير الذي يوثّق جريمة الإعدام، الذي صوره الباحث الفلسطيني في منظمة "بتسيلم" الحقوقية اليسارية الإسرائيلية، عماد أبو شمسية، أنه تواجد حول الشريف عدد كبير من الجنود والضباط.
وفي مقابلة خاصة نشرتها "بوابة العين" روى أبو شمسية، تفاصيل اللقطات التي سجلتها كاميرته الخميس الماضي، مؤكدا أن 15 دقيقة كانت تفصل بين إطلاق النار الأول، وواقعة إطلاق الجندي الإسرائيلي النار على رأس الشاب الجريح عبد الفتاح الشريف ما أدى لمقتله، حيث كان يئن من جروح، ولم يتأثر أي من الجنود بعد الحادث، فيما لم تقدم طواقم الإسعاف الإسرائيلية أي مساعدة له أو للجريح الآخر رمزي القصراوي الذي ترك هو الآخر ينزف حتى الموت.
ورغم بشاعة الجريمة وما أثارته من إدانة دولية واسعة، واصل اليمين المتطرف في إسرائيل، من وزراء ونشطاء، مهاجمة الجيش ورئيس أركانه غادي آيزنكوت، وكذلك وزير الدفاع موشيه ياعلون، بسبب تنديدهما بجريمة الجندي وفتح تحقيق ضده، فيما نظمت تظاهرات الليلة الماضية داعمة للجندي.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن الجندي، منفذ جريمة الإعدام ينتمي لليمين المتطرف، حيث كتب عبر صفحته على "فيسبوك" شعارات وعبارات تؤكد ذلك، وبينها "كهانا على حق"، في إشارة إلى الحاخام مئير كهانا.
وفي السياق ذاته، أعلنت منظمة "لا فاميليا" العنصرية، تأييدها للجندي واعتبرت أنه يتعرض لمحاكمة ميدانية، كما أصدرت منظمة "ليهافا" بيانا طالبت فيه بالتحقيق مع المتطوع الفلسطيني الذي وثق الجريمة.
كان الباحث أبو شمسية أكد تلقيه تهديدا بالقتل والحرق، فيما تعرض منزله لمحاولتي اقتحام من المستوطنين في الخليل.
ونشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية رسالة صوتية من عائلة الجندي الإسرائيلي قرأتها شقيقته وخاطبت الإسرائيليين بصوت عاطفي مؤثر، ودافعت عن شقيقها، وقالت إنه قبل ست دقائق من قتله الفلسطيني على حد زعمها كان بطلا من الجميع، وبعد القتل أصبح متهما، وإنه يتعرض لمحاكمة ميدانية من دون الدفاع عن نفسه، وإنه سقط تحت غبار أحذية رئيس الأركان ووزير الدفاع ورئيس الوزراء.
كما استعانت العائلة بمستشار إعلامي ووظفته لمتابعة الحملة الإعلامية لمخاطبة الرأي العام للدفاع عن ابنها.
وفي الوقت ذاته نشر موقع "واللا" خبرا حول مبادرة قام بها جندي احتياط. وقال إن الجندي المتهم "بطل إسرائيل" وطالب الحكومة بالإفراج عنه، وأنه قام بجمع توقيعات على عريضة من ٧ آلاف من الإسرائيليين ضمنهم جنود.
تغيير المعايير
ويذهب المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، إلى إن حملة اليمين المتطرف ضد الجيش "هدفها واضح، وهو وضع معايير جديدة بموجبها؛ أنه "في الصراع ضد الفلسطينيين كل شيء مسموح، ولا شيء في المناطق يخضع للقانون والمحاكمة، وأن التحقيقات تعرقل الجيش من خوض حربه، ولذلك ينبغي تخفيف تعليمات إطلاق النار".
أما الكاتب في صحيفة هآرتس جدعون ليفي فوصف إعدام الشريف، بأنها "عملية قتل مقيتة، لشخص لا حول له ولا قوة، نفذت بيد جندي جبان تقمص شخصية بطل على حساب إنسان جريح، زملاؤه ومن حوله كلهم شركاء في الجريمة".
وقال: "لو كان الجندي أطلق النار على كلب مشرد، لأثار الأمر استياء الجنود والمستوطنين الذين كانوا في المكان، وكانوا يعانون من الملل، وكل ما جرى جندي قتل فلسطيني.. لهذا المستوى المنحط وصلت العنصرية الإسرائيلية، حالة لامبالاة تجاه مقتل إنسان أمام نظر الآخرين".
ويرى الكاتب والحقوقي الفلسطيني مصطفى إبراهيم، أن هذه الجريمة وموقف اليمين الإسرائيلي منها "يعري ويفضح الوجه الحقيقي لإسرائيل وقيادتها، خاصة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي حاول استغلال تفجيرات بروكسل وتشبيهها بالمقاومة الفلسطينية والهبّة الشعبية ولصق تهمة الإرهاب لها".
وقال إبراهيم لـ"بوابة العين" إن "الجريمة شكلت ذلك دليلاً قاطعاً على صحة ما دأب قوله الفلسطينيون ومنظمات حقوقية إسرائيلية بأن جنود الجيش الإسرائيلي يطلقون النار على فلسطينيين بهدف قتلهم حتى بعد شل حركتهم".
ورأى أن ما يجري في إسرائيل هو نقاش عام بين مكونات الإسرائيليين، وأن هناك شبه إجماع على قتل الفلسطينيين، وأن الإسرائيليين يمارسون ديمقراطيتهم على دمنا في الدفاع عن قضاياهم الداخلية والخارجية بحرية وضمن سيادة القانون والحريات المتاحة لهم من دون خوف.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4yMDEg جزيرة ام اند امز