إسرائيل تشرعن جرائمها ضد الطفولة الفلسطينية بقانون لمحاكمتهم
اللجنة الوزارية الإسرائيلية تقر تشريعا يشدد العقوبة على الأطفال المعتقلين، وهو ما اعتبره الفلسطينيون خطيرا جدا ومناقضا للقانون الدولي.
بإقراره قانوناً يتيح إصدار أحكام بالسجن ضد الأطفال، يدخل الاحتلال مرحلة تصعيدية جديدة في حربه ضد الأطفال الفلسطينيين؛ حيث أقرت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع، يوم الأحد، مشروع القانون الذي قدمته وزيرة القضاء "ايلت شاكيد".
ويقضي المشروع بتعديل قانون "القاصر" بما يسمح للمحاكم الإسرائيلية بفرض عقوبة السجن الفعلي على القاصر الفلسطيني الذي لم يبلغ من العمر 14 عاما، وتتم إدانته "بارتكاب فعل" القتل بالسجن الفعلي على أن يجري تنفيذ العقوبة بعد بلوغه السن القانوني.
ورأى أمجد أبو عصب، رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أن هذا الإجراء نمط جديد من الظلم بحق شعبنا الفلسطيني في القدس يخرق القانون الدولي في التعامل مع الأطفال، ويحاول من خلاله الاحتلال استعادة قوة الردع من خلال استغلال المحاكم الإسرائيلية التي تعد أداة من أدوات الاحتلال لممارسة المزيد من الظلم بحق شعبنا.
وأشار أبو عصب في حديثه لبوابة العين الإخبارية إلى أن هذا القانون جرى طرحه بعد عملية الطفل أحمد مناصرة هو وابن عمه الشهيد حسن مناصرة، حيث قدمت وزيرة القضاء ووزير الرفاه مذكرة يتم بموجبها احتجاز الأطفال في مؤسسات للأحداث حتى يصل سن 14 عامًا وبعدها يتم تحويلهم للسجن.
واعتقل الطفل أحمد مناصرة (13 عاماً)، في الثاني عشر من أكتوبر / تشرين أول الماضي، بعد محاولته مع ابن عمه حسن (استشهد على الفور) طعن مستوطن إسرائيلي في القدس المحتلة.
وشدد أبو عصب على أن التصدي للقوانين الإسرائيلية بحاجة لموقف فلسطيني قوي، لأن المنظمات الدولية والحقوقية لم يعد من ورائها طائل في إنصاف شعبنا، بالعكس هي متواطئة مع الاحتلال.
استهداف الطفولة
ويؤكد نائب رئيس هيئة شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية، عبد الناصر فروانة، أن القانون الإسرائيلي يندرج ضمن الاستهداف الإسرائيلي المتواصل للطفولة الفلسطينية.
وقال فروانة لـ"بوابة العين"، إن إسرائيل مارست بالفعل من قبل اعتقال أطفال دون 14 عاماً وحتى دون 11 عاماً ومن الجنسين، غير أنه أكد أن الخطورة في القانون الجديد، أنه يتيح إصدار أحكام بالسجن ضد هؤلاء ما يشكل خطراً حقيقياً على هؤلاء الأطفال ومستقبلهم، في ظل "الشرعنة" الشكلية التي تسعى إليها حكومة الاحتلال.
ويخضع حاليا نحو 450 طفلاً للاعتقال في سجون الاحتلال بينهم 116 طفلا تتراوح أعمرهم بين 12 – 15 عامًا.
انتزاع الاعترافات
ويؤكد فروانة أن الخطير في مسألة إصدار أحكام على الأطفال، بموجب القانون، أنه يمكن انتزاع اعترافات بسهولة منهم نتيجة تعرضهم للتعذيب والعنف، من المحققين الإسرائيليين.
قانون عنصري
ووصف أسامة السعدي العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي ورئيس لجنة الأسرى في القائمة العربية القرار بأنه "خطير جدا"، لافتا إلى أنه "يأتي ضمن حلقة من مسلسل تشريع قوانين عنصرية غير ديمقراطية بهدف تشديد القبضة على الفلسطينيين بهدف إخماد جذوة الهبة الشعبية الفلسطينية، باعتقاد من الإسرائيليين أن ما لا يأتي بالقوة فإنه يأتي بقوة أكبر وأشد".
وأضاف السعدي في حديثه لبوابة "العين"، كل القوانين واقتراحات القوانين التي يذهب اليها وزيرة ونواب الكنيست منذ اندلاع الانتفاضة مثل تشديد العقوبات بحق الأهالي، واقتراح إبعاد أهالي منفذي العمليات لغزة وغيرها تأتي في سياق تسابق فيمن يقوم بطرح قوانين أشد تمس بالحقوق الأساسية لأي إنسان في العالم.
وأشار إلى أنه سيتم إحضار القرار إلى الكنيست لعرضه بالقراءة الأولى يوم غد، لافتا إلى أنه يناقض المبادئ الأساسية للقانون الجنائي الإسرائيلي الذي يرفض عقوبة من يقل عمره عن 14 عاما وقال: "كل الأحزاب الإسرائيلية في الكنيست تنساق وراء تلك الاقتراحات وتدعمها وتصوت لصالحها متذرعين بالأوضاع الأمنية، لا يقف في وجهها سوى القائمة العربية وأحيانا حزب ميرتس اليساري، بينما بقية أحزاب اليسار والوسط تصوت لصالح تلك القوانين.
شرعنة مزورة
ويتفق مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، فؤاد خفش، مع سابقيه، في خطورة القانون على مستقبل الطفولة الفلسطينية، مؤكداً هو الآخر أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس انتهاكات مبرمجة ضد الأطفال الفلسطينيين، واليوم يريد أن يشرعن ذلك بقانون يعارض روح القانون الدولي الإنساني الذي يضع محاذير على اعتقال الأطفال دون 18 عاماً وليس كما يطرح الاحتلال 14 عاماً.
وأشار خفش في حديثه لبوابة "العين " إلى أن القانون ليس وليد انتفاضة القدس كما يتصور البعض، "بل هو انعكاس لتفكير عنصري في العقلية الإسرائيلية، لافتاً إلى أن القانون، وقوانين عنصرية أخرى تمس حقوق الأسرى، وتصل إلى حد إعدامهم وحرمانهم من الزيارة، كانت على رأس البرنامج الانتخابي لحزب البيت اليهودي برئاسة وزير الاقتصاد "نفتالي بينيت" الذي تعطيه استطلاعات الرأي الإسرائيلية تقدماً كبيراً في الآونة الأخيرة".
أرقام صادمة
ويؤكد فروانة، أن الزيادة في أعداد المعتقلين من الأطفال مقلقة ومخيفة، منذ اندلاع الانتفاضة الحالية مطلع أكتوبر الماضي، حيث طال الاعتقال 1800 طفل من أصل 4500 حالة اعتقال في أقل من 6 أشهر بمعنى أن 40 % من المعتقلين هم أطفال تتراوح أعمارهم بين 11 – أقل من 18 عامًا.
منظومة قانونية عنصرية
ويؤكد الحقوقيون الفلسطينيون أن جملة القوانين الإسرائيلية، تتعارض مع منظومة القانون الدولي الإسرائيلي، وانتهاكا لكل مواثيق حقوق الإنسان، لافتين إلى أنها تبنى على أساس عنصري مقيت.
ويوضح الحقوقي خفش، أن الخطير فيما يجري أن السلطات الإسرائيلية ليس فقط تقترف الجرائم والانتهاكات كقوة بطش احتلالية، بل إنها تسعى لإلباس هذه الجرائم ثوب التشريع والقانون، مؤكداً أن منظومة القضاء والتشريع الإسرائيلي يجري تطويعهما بشكل ممنهج لانتهاك الحقوق الفلسطينية الأساسية وضمنها حقوق الأطفال وبما يمس منظومة الحقوق والعدالة الدولية.