تقرير.. 10 محطات في تاريخ الحضري.. الحارس الأسطوري للفراعنة
"بوابة العين" الرياضية ترصد 10 محطات في تاريخ عصام الحضري الحارس الأسطوري للمنتخب المصري.. شاهد التقرير
يبدأ عصام الحضري، حارس مرمى منتخب مصر المخضرم، رحلة جديدة في مسيرته الكروية مع الأندية، بعد انتقاله رسميا إلى فريق النجوم، الصاعد هذا الموسم إلى الدوري المصري لأول مرة في تاريخه، ليكون النادي الواعد هو المحطة العاشرة في مسيرة الحارس المخضرم مع الأندية.
وكان الحضري أعلن اعتزاله الدولي عقب خوض مصر منافسات كأس العالم 2018 التي استضافتها روسيا الصيف الماضي، بعدما سجل اسمه كأكبر لاعب من حيث السن يشارك في تاريخ البطولة عن 45 سنة و161 يوما، قبل أن يفتح الباب مرة أخرى للعودة لارتداء قميص منتخب مصر بتأكيده أنه مستعد للمشاركة مع الفراعنة في كأس أمم أفريقيا التي تقام على أرضها صيف هذا العام.
وشهدت مسيرة الحضري الطويلة فصولا من التألق مع الأندية التي لعب لها نستعرضها في السطور التالية..
بداية التألق
أكمل الحضري منتصف هذا الشهر 46 عاما بالتمام والكمال، حيث ولد يوم 15 يناير 1973 بإحدى قرى محافظة دمياط، وكانت بدايته الكروية مع فريق مدرسته الثانوية الزراعية والذي كان الحارس الأساسي له وفاز معه بكل البطولات التي خاضها، لينتقل بعدها إلى مركز شباب الركابية بقريته، ونتيجة لتألقه اللافت خطفه نادي دمياط، الذي قدم معه مستويات مميزة أيضا وأسهم خلال موسمه الأول 1993-1994 في صعوده إلى الدوري الممتاز.
وخلال هذا الموسم قدم الحضري مستويات لافتة، حتى وصلت أخباره إلى مسامع الإدارات الفنية للمنتخبات الوطنية، حيث انضم للمنتخب الأول أولا بقيادة الهولندي نول دي راوتر، الذي سافر خصيصا إلى دمياط لمشاهدته في مباراة فريقه الحاسمة للتأهل إلى الممتاز، وأعطاه تأشيرة المرور لأن يصبح أول حارس ينضم لمنتخب مصر وهو يلعب في دوري الدرجة الثانية.
انضمام مؤجل للأهلي
شهد الموسم ذاته خطوة ثانية في طريق الحضري نحو القمة، تمثلت في لقائه مع صالح سليم، الرئيس الأسطوري للنادي الأهلي المصري، والذي عرض عليه الانضمام للفريق فوافق الحارس الشاب على الفور ووقع عقود الانتقال للقلعة الحمراء، لكن صالح طلب منه أن يكمل الموسم مع فريقه الساعي للصعود لدوري الشهرة والأضواء، ليتأجل انتقاله إلى الأهلي 6 أشهر أولا.
وبعدما قاد فريقه للدوري الممتاز، كان مركز حراسة المرمى بالأهلي مشغولا بوجود 3 حراس عمالقة، هم أحمد شوبير ومصطفى كمال بجانب تابان سوتو حارس منتخب ليسوتو أحد أفضل حراس القارة السمراء وقتها، مما جعل الأهلي يطلب منه البقاء مع فريقه ليخوض معه موسمه الأول بالدوري الممتاز لتتاح له فرصة اللعب ويحافظ على مستواه، ليتأجل بذلك انتقاله للنادي الأحمر لموسم ونصف.
صدمات دولية
بعدما أسهم في تأهل فريقه للممتاز، شارك الحضري مع المنتخب الأولمبي المصري في حصد ذهبية دورة الألعاب الأفريقية عام 1995، قبل أن يسجل ظهوره الأول في دوري الكبار موسم 95-96 مع دمياط، الذي لم يستطع الصمود في الممتاز وعاود الهبوط سريعا بحصيلة كبيرة من الأهداف تجاوزت الـ 40 هدفا، كان نصيب الحضري منها أكثر من 30 هدفا، مما أثار الشكوك حول مستوى الحارس الدولي الجديد.
وشهد موسم 96-97 قيد الحضري في قائمة الأهلي ليكون الحارس الثالث بالفريق بعد المخضرم شوبير ومصطفى كمال، وشاءت الأقدار أن يتعرض شوبير لإصابة قوية في كتفه استدعت سفره لتلقي العلاج في الخارج، ولم يستطيع كمال نيل ثقة الجهاز الفني، فتم منح الفرصة للحضري ليصبح الحارس الأول، بالتزامن مع حصوله أيضا على فرصته ليكون الحارس الأول للمنتخب.
لكن بداية الحضري مع المنتخب لم تكن موفقة، حيث تلقى أهدافا ساذجة أشهرها هدف الليبيري جورج وايا، خلال المباراة التي خسرها الفراعنة 0-1، وتسببت في قتل أحلامهم في التأهل لمونديال فرنسا 98، ليعود الحارس الشاب من جديد لدكة البدلاء بقرار من الجنرال الراحل محمود الجوهري خلال مشاركة الفراعنة في كأس أمم أفريقيا 98 ببوركينا فاسو، لصالح زميله نادر السيد، الذي ساعد المنتخب في تحقيق المعجزة والعودة بكأس البطولة، التي كانت غائبة وقتها عن خزائن الفراعنة منذ 12 عاما، وسجل الحضري اسمه ضمن الكتيبة التي توجت باللقب الغالي.
شارك المنتخب المصري بعدها كممثل للقارة الأفريقية في بطولة كأس العالم للقارات بالمكسيك عام 1999، ومنح الجوهري الفرصة من جديد للحضري، لكنه تلقى صدمة جديدة بعدما شارك خلال المباراة الشهيرة التي خسرها الفراعنة أمام الأخضر السعودي بخماسية كانت كفيلة بإبعاد الحارس الواعد عن حسابات الفراعنة إلى حين، حيث سيطر نادر السيد على عرين الفراعنة بشكل شبه تام حتى عام 2005، وكان الحضري يشارك على فترات، وكلما شارك تلقى صدمة جديدة، مثلما حدث خلال مشاركته في مباراة فرنسا الودية عام 2003، والتي خسرها الفراعنة بخماسية دون رد، ليظل مجمدا لفترة أطول.
لكن تنقل نادر السيد بين الأندية تسبب في تذبذب مستواه، وجاء انتقاله للأهلي ليصبح زميلا للحضري ليمثل القشة التي قصمت ظهر حارس الفراعنة الأول وقتها، حيث كان الحضري وقتها الحارس الأساسي للأهلي، فيما كان نادر الحارس الأساسي للمنتخب، وظل الحارسان يتبادلان حراسة مرمى بطل مصر، حتى اقتنعت الإدارة بضرورة أن يحافظ الحضري على مكانه كحارس أساسي، وهو ما كان خطوة ليصبح بعدها بقليل الحارس الأول لمنتخب مصر، وهو المركز الذي احتكره صاحب الـ 33 عاما وقتها خلال الفترة من 2005 وحتى مشاركة مصر في كأس العالم 2018، وإعلان اعتزاله الدولي، باستثناء فترة الإحلال والتبديل في المنتخب والتي امتدت بين عامي 2013 و2016، وبالتحديد بعد الخروج من تصفيات مونديال 2014 حتى أجبر الحضري هيكتور كوبر، مدرب "الفراعنة" السابق، على ضمه بعد تألقه مع وداي دجلة في الدوري المصري.
توهج عالمي
قدم الحضري أداء خرافيا بكل ما تحمله الكلمة من معان خلال البطولة الكبرى الأولى التي شارك فيها مع المنتخب وهي أمم أفريقيا 2006 التي أقيمت بمصر، وقاد الفراعنة للتتويج باللقب الخامس في تاريخهم والثاني في تاريخ الحضري، واستحق جائزة أفضل حارس بالبطولة، وهو نفس ما فعله في النسخة التالية للبطولة عام 2008، والتي كان أحد الأسباب الرئيسية التي حسم لقبها للفراعنة، وتوج أيضا كأفضل حارس ليذيع صيت الحارس عالميا، وتبدأ أندية كبرى في التفكير في ضمه، لكن كبر سنه كان العائق الأول أمامه وقتها ليكتفي بالانضمام إلى سيون السويسري، وهي التجربة التي لم تستمر لأكثر من موسم واحد.
وبعيدا عن الأندية واصل الحارس تألقه الدولي، خلال مشاركته في كأس القارات 2009 بجنوب أفريقيا، حيث قدم مع الفراعنة مستوى متميزا لفت أنظار العالم كله وقتها، رغم الخروج من الدور الأول، حيث خسر الفريق بصعوبة من منتخب السامبا البرازيلي 3-4، وفاز على إيطاليا بطلة العالم وقتها 1-0، قبل أن يخسر 0-3 أمام الولايات المتحدة ويودع البطولة.
وفي العام التالي واصل الحضري مع الفراعنة صولاتهم الأفريقية، وتوجوا بلقبهم الثالث على التوالي في أمم أفريقيا، قبل أن يغيبوا عن البطولة لـ3 نسخ على التوالي في 2012 و2013 و2015، ليعودوا بعدها بقوة مكنتهم من بلوغ المباراة النهائية في نسخة 2017، لكنها لم تكن كافية لتتويجهم باللقب الثامن في البطولة.
وجاءت قيادة الفراعنة للتأهل إلى مونديال 2018 والمشاركة في المحفل العالمي بعدها، لتمثل خير ختام لمسيرة الحارس العملاق الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الكرة العالمية وليس الأفريقية فقط، بعدما بات أكبر لاعب يشارك في كأس العالم على مر التاريخ.
الأهلي.. غرام وانتقام
على صعيد الأندية، صنع الحضري تاريخه الأكبر مع الأهلي نادي القرن الأفريقي، حيث قاد الفريق الأحمر للاستحواذ على أغلب البطولات التي يشارك فيها سواء المحلية أو الأفريقية، وحقق معه 23 لقبا تنوعت ما بين 8 ألقاب للدوري المصري بدأت مع موسمه الأول 1996-1997، وحتى قبل رحيله عنه عام 2008، و3 ألقاب لكأس مصر، و4 للسوبر المصري، بجانب لقبين لبطولة النخبة العربية 1997، و1998، و3 ألقاب لدوري أبطال أفريقيا 2001 و2005 و2006، ومثلها للسوبر الأفريقي، بجانب برونزية كأس العالم للأندية 2006.
ورغم أن الحضري كان أحد الأسباب الرئيسية لتحقيق الأهلي كل هذه الألقاب، ورغم أنه بالأرقام يعد أحد رموز النادي، فإن العلاقة بين الجانبين تحولت إلى النقيض عقب إقدام الحارس على خطوة الاحتراف بدون إذن ناديه في عام 2008، عقب التتويج مع الفراعنة بكأس أمم أفريقيا، بعدما رفضت إدارة النادي السماح له بالرحيل، حيث هرب اللاعب إلى نادي سيون السويسري دون موافقة إدارة الأهلي التي صعدت الأمر للاتحاد الدولي، مما صنع أزمة طاردت اللاعب لعدة سنوات عبر غرامة وصلت لقرابة المليون يورو بجانب الإيقاف لمدة 4 شهور، بخلاف حرمان نادي سيون من قيد أي لاعب جديد خلال فترتي انتقالات متتاليتين، لكن كل هذا لم يمنع الحارس من تحقيق لقب كأس سويسرا مع فريقه الجديد، وحافظ كذلك على مكانه كحارس أساسي للمنتخب.
ولم تستمر التجربة السويسرية لأكثر من موسم واحد، ليعود بعده الحضري إلى مصر، وجاءت عودته من بوابة الإسماعيلي، ليظهر مجددا في الدوري المصري موسم 2009-2010 .
الزمالك وبداية التخبط
بعد العودة متوجا بأمم أفريقيا 2010 وقع الحضري عقود انتقاله إلى الزمالك، ليبدأ معه موسم 2010-2011 في تجربة لم يكتب لها النجاح لأسباب إدارية متشابكة، ليرحل سريعا إلى المريخ السوداني، ويقوده لتحقيق لقب الدوري عام 2011، لكنه رغم ذلك دخل في أزمة جديدة مع إدارة النادي، مع تردد أنباء عن رغبة بعض الأندية الإنجليزية في ضمه؛ وهو أمر لم يتم لكنه أفسد علاقته بإدارة النادي السوداني، لتنتهي العلاقة بين الطرفين ويعود اللاعب إلى مصر مجددا لينضم على سبيل الإعارة إلى الاتحاد السكندري 2012، في تجربة لم يكتب لها أن تستمر لتوقف النشاط الرياضي، ليعود إلى المريخ ويحقق معه بطولة الكأس.
عادت الحياة للكرة المصرية موسم 2013-2014، ليعود عصام الحضري لهوايته في التنقل بين الأندية، فظهر أولا بألوان وادي دجلة، الذي سرعان ما تركه لينضم مرة ثانية للإسماعيلي، وفي الموسم التالي 2015 -2016 وقع مجددا لوادي دجلة.
والغريب أنه خلال تلك الفترة غير المستقرة عاد إلى قائمة منتخب مصر المشاركة في أمام أفريقيا 2017 بالجابون، تحت قيادة الأرجنتيني هيكتور كوبر، وشاءت الظروف أن يلعب أساسيا طوال البطولة بعد أن كان مقيدا كحارس ثالث، بعد إصابة زميليه شريف إكرامي وأحمد الشناوي، ليسهم بجدارة في تأهل الفراعنة للنهائي.
بصمة سعودية مميزة
ومع بداية موسم 2017-2018 رحل الحضري عن الدوري المصري للمرة الثالثة ذاهبا هذه المرة إلى الدوري السعودي، ليدافع عن ألوان نادي التعاون، حيث أصبح أول حارس أجنبي ينشط في الدوري السعودي، لتقوده تلك المحطة لحجز مكان في قائمة الفراعنة بمونديال روسيا.
وبعد العودة من المونديال توقع الجميع أن يعلن السد العالي اعتزاله اللعبة، إلا أنه اكتفى بإعلان اعتزال اللعب الدولي على أن يستمر على مستوى الأندية، وبالفعل استمر في حراسة المرمى حيث عاد لصفوف الإسماعيلي، مع بداية الموسم الحالي 2018-2019، لكنه دخل في خلاف جديد مع الإدارة، ليفسخ تعاقده.
النادي العاشر
ومع أول فترة انتقالات، في يناير /كانون الثاني الحالي، أعلن نادي النجوم الصاعد حديثا للدوري المصري الممتاز ضم أسطورة حراسة المرمى المصرية والأفريقية إلى صفوفه، ليخوض معه تجربة جديدة، فيما أعلن الحارس صاحب الـ46 عاما من جانبه تراجعه عن قرار اعتزال اللعب الدولي، مؤكدا أنه تحت أمر الإدارة الفنية للمنتخب، الذي يستعد لخوض كأس الأمم الأفريقية على أرضه وبين جماهيره خلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز المقبلين.
فماذا سيقدم الحارس الأسطوري مع ناديه الجديد؟ وهل يكون بوابته للعودة مجددا إلى صفوف الفراعنة؟