جدل بين المزارعين والتجار بعد إيقاف تصدير الأرز المصري
قرار وزير الصناعة والتجارة المصري، بوقف تصدير الأرز، يفتح جدلا بين أوساط التجار والمزارعين الذين اختلفوا على تبعات القرار
جاء قرار المهندس طارق قابيل وزير الصناعة والتجارة المصري، بوقف تصدير الأرز، ليفتح جدلا بين أوساط التجار والمزارعين الذين اختلفوا على تبعات القرار وسط مخاوف من عمليات احتكار المحاصيل من قبل كبار التجار، ومن ثم زيادة سعر الأرز في السوق المحلي، أو عدم السيطرة على المناطق الحدودية والمنافذ الجمركية والتي تشهد عمليات تهريب كميات كبيرة من المحاصيل.
القرار الحكومي أكد انتهاء العمل بقرار تصدير الأرز الصادر في 4 أكتوبر تشرين الأول 2015، فقد تقرر منع تصديره اعتبارًا من 4 أبريل نيسان، وذلك بهدف توفير احتياجات السوق المحلي والذي يتزايد بصورة كبيرة.
محمد سليمان زعيتر –صاحب مطحن أرز– يرى أن القرار لن يؤثر على غالبية التجار حيث تحتكر فئة قليلة جدا الكميات الأكبر من المحصول وبناء عليه تتحكم في سعر الكيلو طوال الموسم الزراعي، فسعر تحصيل الأرز من الفلاح وقت الزراعة قد لا يتجاوز جنيهين ونصف للكيلو وذلك عند توريده للمنافذ الحكومية، بينما تجده الآن لدى الباعة والتجار بـ 7 جنيهات.
وأضاف زعيتر لـ"العين" أن الكميات المصدرة مؤخرا من الأرز لا تتجاوز 40 ألف طن في خلال الستة أشهر الفائتة منذ بدء العمل بقرار التصدير وحتى إيقافه، وهي كمية ضئيلة للغاية، لكنها بالكاد ليست كل الكمية الخارجة من مصر، حيث إن الكميات المهربة تفوق ذلك بعشرات الأضعاف –على حد وصفه– وهذا هو السبب الرئيس في ارتفاع سعر كيلو الأرز في السوق المحلية، وعلى الدولة المصرية أن تحارب التهريب بكل أشكاله لأنه يعصف بالاقتصاد وحركة التجارة وأسعار السوق، مشيرا الى ان الحكومة المصرية تحصل 2000 جنيه رسم صادرٍ على طن الأرز، بينما في حالات التهريب ينتفي هذا التحصيل.
وأوضح "زعيتر" أن أكثر عمليات التهريب في مصر تتم في 3 أشكال، أولها عبر الحدود الليبية في شاحنات عملاقة، حيث وصل الأمر إلى تحديد تسعيرة معينة لـ"الجرار" تُدفع لمن يساعدون في عملية التهريب، وربما يكونون أشخاصا ذوي صفة أمنية أو جمركية.
وقال إن الوسيلة الثانية للتهريب تتم عبر الدروب الصحراوية جنوب مصر، حيث تُحمل الكميات المهربة بواسطة الجمال ومن ثم تعبر إلى السودان، وأضاف أن الصورة الأبشع للتهريب تتمثل في تصدير الحبوب عبر الموانئ والمنافذ الحكومية الرسمية على أن الشحنة بكاملها "فاصوليا" أو "فول"، بينما نصفها أو أكثر "أرز".
وكان أشار وزير الصناعة والتجارة في بيانه الحكومي أنه يجري التنسيق مع كل الوزارات والأجهزة المعنية لتشديد الرقابة على كل المنافذ الجمركية والحدودية لمنع تهريب الأرز مع اتخاذ إجراءات رادعة ضد المخالفين.
في حين يرى رجب شحاتة رئيس شعبة الأرز باتحاد الغرف التجارية أن وقف التصدير شيء طبيعي، وكان معروفا لدى الجميع أن قرار التصدير معمولا به لمدة 6 أشهر فقط، فالبيان الحكومي للتذكير فقط حتى لا يتناسى أحد، موضحا أن قرار التصدير هو "الاستثناء"، وذلك لأن ارتفاع رسم الصادر على الطن والمقرر بـ 2000 جنيه يزيد من سعر الكيلو في الخارج، وربما لن يتربح منه التجار والمصدرون بحجم بيعه في السوق المحلي.
وقال شحاتة لـ"العين" إنه لا توجد عمليات احتكار او أزمة في سعر الأرز في السوق المحلي، وإن ارتفاع سعره طبيعيا حيث وصل الى 4 آلاف جنيه للطن، بينما كان سعره قبل فترة 3 آلاف جنيه، وأرجع الزيادة في السعر الى عمليات الاستغلال التي يمارسها بعض التجار، وقال إن "شعبة الأرز" وعدت الحكومة بتوفير احتياجات المواطن من الأرز في السوق المحلي ونجحنا في ذلك، ونسعى حاليا الى ضبط الأسعار وهو ما سيتم بالتدرج المرحلي.
"شحاتة" قال إن اتحاد الغرف التجارية المصرية أرسل توصيات إلى الحكومة بتشديد الرقابة على المنافذ الجمركية لمنع عمليات التهريب، والوصول إلى أقل نسبة لها، معترفا بصعوبة القضاء على الظاهرة نهائيا، وعن فُرص زيادة الرقعة المنزرعة قال شحاتة "الزراعة لا تتحكم في ذلك، "الأرز" المحصول الوحيد التي تتحكم في مساحته المنزرعة وزارة الري، وذلك بناء على كميات المياه المتوفرة لزراعته نظرا لاحتياجه إلى كميات هائلة وسط ما تشهده مصر حاليا من أزمة في المياه.
وعن تأثير القرار على المزارعين في مصر، رأى "محمد برغش" نقيب فلاحي مصر أن الحكومة من حقها أن تتخذ كل القرارات التي تضمن لها صيانة الأمن القومي بتوفير المحاصيل الاستراتيجية للشعب المصري، وذلك بشروط تضمن أحقية الفلاح أيضا، أهمها تحديد سعر القطن للمزارع، وكذلك تحديد الجهة التي ستسدد الثمن، مؤكدا أنه ما لم يحدث ذلك تكون الدولة قد حكمت بالإعدام على الفلاح، وفقا لرؤيته.
وأضاف برغش لـ"العين" أن الدولة المصرية هي التي تلظّت بالنار خلال الخمس سنوات الأخير نتيجة كل السياسات السلعية التي مارستها ولم تراع فيها حق الفلاح ولا جيوب المستهلكين، وأوضح أنها منظومة لها جناحان لا ثالث لهما، "تحديد السعر، وجهة السداد" حتى تضع الحكومة حدّا لارتفاع سعر الكيلو الذي وصل في السوق المحلي إلى 7 جنيهات.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjI0IA== جزيرة ام اند امز