مع احتدام السباق الرئاسي الأمريكي، أصبح دونالد ترامب وجهًا بارزًا ومثيرًا للجدل في نفس الوقت، فماذا سيحدث لو أصبح ترامب رئيسًا؟
سباق الرئاسة الأمريكية محتدم، بين صراعات داخلية للأحزاب ومحاولة جمع أكبر عدد من الناخبين والداعمين، لكن أبرز هؤلاء المرشحين في انتخابات الرئاسة الأمريكية هو الملياردير الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب، المرشح الجمهوري المحتمل، والذي قام بقسم الشارع الأمريكي إلى عدة فئات متناحرة، وقلب الرأي العام بتصريحاته المثيرة للجدل في أكثر من مناسبة، فإذا كان ذلك وضعه قبل الرئاسية، إذن ماذا سيحدث لو أصبح ترامب رئيسًا؟
قام عدد من الخبراء في مجالات العلاقات الخارجية ومكافحة الإرهاب والطب النفسي والإدارة ومراقبة الانتخابات بمحاولة لتحليل شخصية دونالد ترامب، في محاولة لاستشراق مستقبل الولايات المتحدة والعالم في ظل إدارة دونالد ترامب، معتبرين أنه يدفع العالم باتجاه حرب عالمية مدمرة، وسيكون النووي خياره الأول في التعامل مع مواقف مثل هجمات 11 سبتمبر 2001.
يقول جاكوب هيلبيرن، مدير تحرير مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأمريكية المختصة بشؤون العلاقات الدولية، إن ترامب أكد أنه يعتبر النظام العالمي الذي قام على يد الرئيس الأمريكي السابق هاري ترومان بعد الحرب العالمية الثانية أصبح متهالكًا، وبناءً على ذلك فسيعمل ترامب على خلق نظام عالمي جديد عن طريق القوة العسكرية الأمريكية، مما سيشعل عددًا من المواجهات في العديد من المناطق.
وتقول مارثا ستاوت، خبيرة الطب النفسي بجامعة جون هبكينز، إن شخصية ترامب من شأنها أن تشعل المواجهات خصوصًا مع من يقفون في طريق ما يريد. وتضيف "أخشى من أن ترامب سيجعل من غضبه أداة لاتخاذ القرار، وبالتالي فإنه قد يضحي بكل شيء لمجرد أن يشبع رغبته في الانتقام، حتى لو دفع أمريكا كلها نحو الهاوية".
ويوضح ستيفين سيستانوفيتش، محاضر الشؤون الدولية في جامعة كولومبيا، أن إدارة ترامب ستعمل على وضع خط فاصل بين من هم أعداء أمريكا ومن هم حلفائها، حيث لا توجد مساحة للحوار، كما حدث في الاتفاق النووي الإيراني مثلًا، ويشير سيستانوفيتش أن هذا سيضر بعلاقات أمريكا الخارجية بشكل كبير.
لكن جون جارتنير، الطبيب وأستاذ الطب النفسي في جامعة جون هوبكينز، يشير إلى سيناريو مخيف حول طريقة إدارة ترامب للأزمات، حيث أشار جارتنير أن شخصية ترامب تميل نحو المبالغة في ردود الأفعال، حيث قد تتسبب سياساته المبنية على المبالغة في ردود الأفعال وعلى الرغبة في الانتقام في أن يكره العالم كله الولايات المتحدة.
ويضيف جارتنير أن سياساته الانتقامية، خصوصًا تسجيل جميع المسلمين في أمريكا ردًّا على هجمات لإرهابيين كالتي حدثت في بروكسيل مارس الماضي، قد تشعل حالة من الغضب، ويمكنها أن تتسبب في تسهيل مهمة الإرهابيين في استقطاب الشباب الغضب ودفعه نحو الإرهاب.
ويستدل مايكل دي أنتونيو، الخبير الاستراتيجي والكاتب الأمريكي، بمقولة ترامب في أحد خطبه التي قال فيها نصًّا: "إذا تم الاعتداء علي، فإنني سأرد بعشرة مرات بالمثل". حيث يشير أنه في حالة قيام اعتداء على الولايات المتحدة، مثل ما حدث في 11 سبتمبر 2001، فإن ترامب من المرجح أن يضع جميع الخيارات جانبًا ليدفع باستعمال أسلحة الدمار الشامل للرد على تلك الاعتداءات دون اللجوء إلى حلول أخرى أو حتى التحقيق في حيثيات الاعتداء.
ويضيف دي أنتونيو أن ترامب قد يدفع العالم على حرب عالمية مدمرة نتيجة لذلك.
وتؤكد تلك النظرية إليزابيث بورجرارت، أستاذة التاريخ في جامعة واشنطن، حيث تقول، إن ترامب سيلجأ لحلول أسلحة الدمار الشامل، حيث تقول: "في حالة هجوم على غرار 11 سبتمبر على التراب الأمريكي، يعني أن أي قيود متبقية لاستخدام أسلحة الدمار الشامل من المرجح أن تستبعد تمامًا داخل إدارة ترامب".
وفيما يختص العلاقات الخارجية، يقول بول بيلار، الباحث في معهد بروكنجز للأبحاث وخبير الدراسات الأمنية في جامعة جورج تاون، أن عدم خبرة ترامب في السياسة الخارجية تميل إلى تكثيف التدخلات العسكرية في عدد من مناطق الصراع، والتي تعني أنه يمكن بسهولة تورط الولايات المتحدة في حرب برية طويلة الأمد في سوريا على سبيل المثال، وسيترتب على ذلك نزاعات دولية، خصوصًا مع روسيا، قد تؤدي إلى مواجه مباشرة بين الدولتين.
وتشير ماري دودزياك، أستاذة القانون الدولي في جامعة إمروي ورئيسة قسم القانون الأمريكي في مكتبة الكونجرس، أن ترامب قد يميل إلى إقصاء حلفاء الولايات المتحدة، ليثبت للجميع أن أمريكا قادرة على حل جميع المشاكل بطريقة "باكس أميريكانا" مما سيقوض بشكل مريع جهود الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب.
وفي النهاية، تأتي شهادات وتحليلات الخبراء بالاتفاق على أن ترامب سيقود الولايات المتحدة والعالم إلى أزمات وحروب متكررة، ربما استطاع ترامب النجاح بسياساته في عالم الأعمال، لكن في عالم السياسة والعلاقات الدولية، الأمر يختلف تمامًا، خصوصًا مع ميله لخلق المشاكل وليس حلها، وفي النهاية الأمر، فالعالم كله سيدفع الثمن إذا أصبح ترامب رئيسًا.