هل تطبق الحكومة المصرية شروط البنك الدولي دون الإعلان عن ذلك
قرارات مؤلمة".. هذا ما اختاره رئيس الوزراء المصري المهندس شريف إسماعيل وصفا لما ستشرع الحكومة في اتخاذه من قرارات خلال الفترة القادمة
قرارات مؤلمة".. هذا ما اختاره رئيس الوزراء المصري المهندس شريف إسماعيل وصفا لما ستشرع الحكومة في اتخاذه من قرارات خلال الفترة القادمة، في ظل أزمة اقتصادية عصفت بقيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى عجز الموازنة المتزايد والخلل في ميزان المدفوعات.
كل الدلائل أشارت إلى أن هذه القرارات تتمثل في تطبيق خطة الإلغاء التدريجي للدعم ورفع أسعار تذاكر النقل، وزيادة فواتير خدمات المياه والصرف الصحي والكهرباء، بالإضافة إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
النائب البرلماني المستقل "سمير غطاس" أوضح في تصريحات سابقة للعين أثناء عرض برنامج الحكومة أمام البرلمان 27 مارس آذار الماضي أنه استخلص من قراءته للبيان أن حكومة إسماعيل بصدد تنفيذ اشتراطات البنك الدولي لإقراض مصر دون الإعلان عن ذلك وفي غفلة من الرأي العام، في حين أكدت الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي المصري في تصريحات صحفية أن قروض المؤسسات الدولية تمنح الدولة فترات سداد تصل الى 5 سنوات، وأن القرض الذي من المفترض أن تحصل عليه مصر من البنك الدولي سيكون بفائدة 1.68 % ، وسوف يسدد على 35 عاما بفترة سماح 5 سنوات .
ورفضت "مصر" إطلاق كلمة "شروط" واستبدالها بـ"ضمانات" باعتبار أن البنك الدولي جهة مقرضة فقط لا تملك فرض شروط على مصر، وانما يحق لها استيضاح الإجراءات التي تضمن سداد القرض.
في تصريحات لـ"بوابة العين" قال "علاء سماحة" مستشار وزير المالية ورئيس بنك بلوم مصر السابق إنه بغض النظر عن شروط البنك الدولي، فإن الاقتصاد المصري في وضعية تحتاج إلى إعادة هيكلة الموازنة، فقرارات الحكومة "المؤلمة" من أجل الإصلاح الاقتصادي تتطابق مع ضمانات الإقراض سواء كانت مشروطة أو غير ذلك.
وأضاف "سماحة" أنه بتقسيم ميزانية مصر ستجد أن 25 % منها يمثل أجورا ورواتب للعاملين بالدولة، ومثلها تدفع فوائد ديون سابقة، ومثلها مستهلك في دعم الطاقة والسلع الغذائية الأساسية، في حين أن المتبقي لتطوير الصحة والتعليم وموارد الاستثمارات 25 % فقط، وهي نسبة من المستحيل أن تساهم في تقدم بلد مثل مصر به 90 مليون مواطن.
ورجح مستشار وزير المالية السابق أن القرارات المؤلمة ستُتخذ بشأن الدعم على الطاقة ، حيث من المحتمل أن يلغى دعم الطاقة على الفئات المقتدرة وهو المعمول به عالميا ، كما قد يتحول الدعم السلعي إلى دعم نقدي موجه للطبقة المحتاجة للدعم فقط ، في حين سيتم إقرار نظام ضريبي جديد يمنع التهرب ويفرق بين الفئات العليا والدنيا في قيمة المدفوعات، ويقر نظاما للضرائب التصاعدية التي طالما دعونا له.
"هشام ابراهيم" أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة رجح التكهنات القائلة بسعي الحكومة لتطبيق شروط البنك الدولي ، خاصة وأن الحكومة الحالية لم تطلب رسميا تمويلا من صندوق النقد الدولي لعلمها المسبق بأن الصندوق سيرفض إقراضها في ظل الظروف الاقتصادية التي نعيشها خاصة عجز الميزان التجاري وعجز الموازنة العامة للدولة والذي بلغ ١١.٥٪ بالعام المالي الحالي ٢٠١٥/٢٠١٦ بينما بلغ بموازنة العام المقبل والتي قدمتها الحكومة للبرلمان مؤخرا لـ 9.9% .
وأضاف إبراهيم في تصريحات خاصة لـ العين أن الحكومة ستبدأ في استكمال خطة الإصلاح الاقتصادي لسد ذلك العجز من خلال تخفيض فاتورة الدعم بشكل تدريجي والسعي نحو جذب استثمارات أجنبية ، لافتا إلى أن الموازنة المقدمة للبرلمان تستهدف جذب استثمارات أجنبية بقيمة ١٠ مليار دولار ، مستبعدا قدرة الحكومة على تحقيقه خاصة في ظل قرار البنك المركزي بزيادة نسبة الفائدة وتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار.
واستطرد ابراهيم قائلا إن انخفاض سعر النفط ساعد الحكومة على تخفيض فاتورة دعم الطاقة خلال المرحلة الماضية ولكن العام المقبل متوقع عودة زيادة الأسعار وبالتالي ستحتاج الحكومة لاتخاذ قرارات صادمة للمواطن وهو ما أكده رئيس الوزراء في بيانه أمام مجلس النواب مؤكدا أن تلك القرارات ستتعلق حتما بملف الدعم.
على النقيض يرى الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة ، أن كل ما تتخذه الحكومة من إجراءات أو قرارات "مؤلمة" – على حد وصفها – إنما يدخل ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي ، بعيدا عن شروط البنك الدولي.
وقال بدرة لـ"بوابة العين" إن الحكومة الحالية استلمت العمل في وضع مالي صعب للدولة المصرية ، وكان أمامها عدد من الملفات التي تمثل تحديات هامة ومن أهمها عجز الموازنة الذي بلغ 255 مليار عن العام المالي الفائت ، كما كان مطلوبا منها استهداف معدلات استثمار ضخمة لزيادة معدلات النمو والقضاء على البطالة ، هذا بجانب التحديات التي تمس المواطن مباشرة والخاصة بأسعار السلع وغيرها ، وكل ذلك في دائرة الأزمة الاقتصادية التي ألمت بنا مؤخرا ، فكان لابد من اتخاذ إجراءات استثنائية ينسحب أثرها على المواطن لتطبيق برنامج إصلاح اقتصادي.
وأضاف بدرة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما استلم السلطة في مصر واجه وضعا ماليا واقتصاديا مهترئا، وطالب بالمساهمة في رفع الاقتصاد المصري ليس فقط بما اتخذه من قرارات لرفع أسعر الغاز والمياه والكهرباء ، وإنما أيضا بدعوة رجال الأعمال للمساهمة المباشرة بالأموال أو غير المباشرة بالتوسع في مشروعات الاستثمار في مصر.
وبرهن "بدرة" على عدم صحة التكهنات القائلة باتجاه الحكومة لتطبيق "ضمانات" البنك الدولي، بعدم اقتراض مصر حتى الآن ، موضحا أن ما أعلنت عنه وزيرة التعاون الدولي كان مجرد اتفاقيات فقط مع صندوق النقد الدولي ، وتمويل لبعض المشروعات في مصر.