صحيفة "الخليج".. 46 عاماً من "أجل الخليج"
الثلاثاء لم يكن كغيره لقراء جريدة "الخليج"، إذ فاجأت الجريدة جمهورها بهدية خاصة مع عدد اليوم، عبارة عن نسخة من غلاف العدد الأول لها.
صباح الثلاثاء لم يكن كغيره لقراء جريدة "الخليج" الإماراتية، إذ فاجأت الجريدة جمهورها بهدية خاصة جداً مع عدد اليوم، عبارة عن نسخة من غلاف العدد الأول لها الصادر عام 1970، وذلك احتفالاً بعيدها الـ46.
العدد الأول الذي اقتصرت ألوانه على الأسود والأبيض، نشر بمانشيت حول إقالة الأتاسي في سوريا، بالإضافة إلى خبر رئيسي عن توقيع حاكم الشارقة اتفاقية إدارة الميناء مع مؤسسة كولينز. ويعيدنا إلى الأيام الأولى للصحيفة التي أبصرت النور على يد الشقيقين الراحلين تريم عمران تريم والدكتور عبدالله عمران تريم والدكتور يوسف الحسن، وتجلت رسالتها في الدفاع عن كل القضايا الوطنية والقومية ومناصرة الحق في كل مكان مجسدة انطلاقة مميزة في العمل الصحفي، مكنتها من وضع بصمتها الصحفية وتعميم رسالتها الإعلامية على نطاق واسع.
الصحيفة التي عملت منذ أعدادها الأولى على متابعة أخبار الناس وقصصهم ومواكبة نجاحاتهم ونشاطاتهم، رصدت أخبار المجتمع والإمارة والإمارات والخليج والعالم العربي والعالم.. موثقة تاريخ طويل حياة شعوب ويومياتهم، وموثقة اتحاد الإمارات ووحدة البيت الخليجي.
هنا نستذكر كلمات تريم عمران عند وضع حجر الأساس لرسالة "الخليج": من أجل الخليج.. كانت "الخليج". ويقول تريم: "الذين يتجاهلون الجغرافيا ويتصورون الخليج كما تدل ظواهره، مجموعات بشرية لا روابط بينها – مخطئون .. ونظرة واحدة على هذا السطح المائي نرى أنه ربط بين كل المطلين عليه بتاريخ مشترك، وعادات مشتركة، ومآسٍ مشتركة، وأفراح مشتركة.. حتى الأمراض التي أورثتنا إياها أهوال الفاقة، نجدها متشابهة .. وكل بشرة هنا دبغتها الأملاح، وكل القلوب عرفت لوعة الذاهبين بلا عودة .. ولهذا كانت هذه التجربة .. إنها حنين للعودة إلى المخاض المشترك والميلاد المشترك و"الخليج" جاءت ليقرأها عرب الخليج على الامتداد نفسه في اللحظة نفسها.. الفكرة صعبة جداً، ولكنها جديرة بالمشقة، لأنها حنين للارتباط القديم الجديد الأبدي .. إنها جريدة لخليج موحد، رغم الحدود والمسافات ".
خمسة عقود مضت على انطلاقة "الخليج" التي كرست "رسالة إعلامية آمن بها أصحابها، تبلورت حول قيام مشروع وحدوي في الخليج بعمق عربي وانتماء قومي، وترسيخ الهوية الحضارية العربية والإسلامية، والتأكيد المستمر على الذاتية الثقافية العربية، فضلاً عن طرح أفكار للنهوض والتنوير والمعرفة والحريات العامة"، بحسب الصحيفة.
ومنذ اليوم الأول للصدور أثبتت "الخليج" جرأة عالية ومهنية واحتراف في العمل الصحافي ونقل الخبر الدقيق والرأي الحر. ومن ينسى عنوانها الرئيسي الشهير صاحب اللاءات الثلاثة "لا تفريط في الجزر، لا استثمار، لا مشاركة، لا تنازل" الذي جاء تأكيداً على عروبة الخليج والجزر الإماراتية. وكما يذكر مقال في تحت عنوان "تريم عمران تريم خالدٌ في ذاكرة الأجيال" نشر في 2013 في الخليج، تسبب المقال "في إزعاج شاه إيران حينذاك بشكل كبير، فسعى إلى إغراء أصحاب الجريدة بالمال، لعلمه بما يواجهونه، بسبب الكلفة الكبيرة التي تقع عليهم جراء إصدار الجريدة في الكويت، وشحنها بالطائرة يومياً إلى الشارقة، لكنهم بإباء كبير رفضوا، وأصروا على استقلاليتها، ذلك خلاف الانزعاج الكبير الذي شعر به كذلك المعتمد البريطاني في الإمارات المتصالحة آنذاك، إثر جرأة الخطاب القومي للجريدة، بما دفعه إلى المطالبة بإغلاقها، لإفسادها الجهود التي تبذلها بريطانيا في حل مشكلة الجزر، بعدما شعر كذلك بأنها صدرت من أجل الخليج الموحد، فكان رد أصحاب الجريدة بأن بريطانيا احتلت المنطقة نحو 150 عاماً، وجعلتها في طي النسيان، لا تعليم، ولا صحة، ولا أية خدمات، فقط مناطق متناثرة، يغمرها الفقر والتخلف، والآن عندما قررت بريطانيا الانسحاب تطلب أيضاً من أهلها السكوت عن جريمة ترتكبها من خلال تسليم جزء من أراضيها إلى شاه إيران".
الصحيفة التي صدرت بعددها الأول من 8 صفحات، ثم تضاعف عدد صفحاتها إلى 16 ومن ثم صار يتراوح بين 20 و24 صفحة يضاف إليها عشرات الصفحات للملاحق المتخصصة. وباتت اليوم تصدر ضمن أربعة أجزاء هي: "الخليج 1"، "الخليج 2"، "الخليج الاقتصادي"، "الخليج الرياضي". أيضاً يصدر عن "دار" الخليج للصحافة والطباعة والنشر، صحيفة "جلف توداي" اليومية، باللغة الإنجليزية.
الجريدة أيضاً واكبت التطور التقني وأطلقت موقعها الإلكتروني منذ سنوات، مرفقة موادها بمواد بصرية داعمة، وتطبيقات إلكترونية وصفحات لها على كل مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسية.
وكانت "الخليج" التي صدرت في العام 1970 قد توقفت عن الصدور في عام 1972 بسبب انشغال المرحوم تريم عمران تريم بالعمل السياسي الذي مهد لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث عيّن سفيرا للدولة في القاهرة ومندوبا دائما لها لدى جامعة الدول العربية، ثم رئيساً للمجلس الوطني الاتحادي. وفي 12 يناير 1980، عاودت صحيفة الخليج الصدور، واستمرت حتى الآن.