مثقفو لبنان يدعمون ترشح غسان سلامة لأمانة اليونيسكو العامة
قام الملحق الأدبي لجريدة «لوريون لوجور» اللبنانية بمبادرة تجمع عدداً كبيراً من المثقفين المؤيدين لترشح غسان سلامة لرئاسة اليونسكو
قام الملحق الأدبي لجريدة «لوريون لوجور» اللبنانية الفرنكوفونية «لوريان ليتيرير» بمبادرة تجمع عدداً كبيراً من المثقفين المؤيدين لترشح المفكر غسان سلامة إلى منصب الأمانة العامة لمنظمة اليونسكو. وشارك في حملة الدعم الروائي أمين معلوف من خلال حوار أجرته معه مديرة تحرير الملحق الكاتبة هند درويش.
واعتبر البيان أنه إزاء الفرصة المتاحة اليوم، أمام شخصية لبنانية أو عربية، لتبوّؤ منصب مدير عام منظمة اليونسكو في العام 2017 للمرة الأولى، ولتبيان ما بمقدور ممثل عن هذه البلدان تقديمه للتربية والعلم والثقافة حال تحمّله هذه المسؤولية على الساحة الدولية، فإننا، ومع كامل احترامنا للشخصية الأخرى التي دخلت هذا السباق، نعتقد بشدة بأن غسان سلامة هو المرشح الأنسب والأوفر حظاً لكسب ثقة البلدان العربية والفرنكوفونية ودعمها لإنجاز مهمته في حال فوزه بهذا المنصب.
إن خطر انفلات عالمنا الحالي من عقاله يحدق بنا. الأزمات الاقتصادية، تدفّق المهاجرين، النمو السكاني، الحروب الداخلية والخارجية، صعود الأصوليات والأنظمة الاستبدادية، تفشّي أعمال العنف والإرهاب، تدمير المواقع الأثرية، تعاظم الأخطار البيئية... كلها عوامل تدعو إلى الخشية من أسوأ الكوارث وأشنع أنواع الانغلاق على الذات ورفض الآخر؛ هذا في زمن لا يَعرِف فيه التقدم العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي حدوداً. لذا، فمن الضروري على اليونسكو، من بين غيرها من المنظمات الدولية، أن ترد الاعتبار إلى الدور المحوري الذي تؤديه الثقافة في الاعتراف بالتنوع وفي إقامة حوار بنّاء بين الجميع. تبدو المهمة صعبة، ولإتمامها على أكمل وجه، على المدير العام أن يتمتع بالصفات الآتية: معرفة عميقة بعالمنا الراهن وتوازناته؛ التزام ثابت بالمعايير العالمية لحقوق الأفراد والشعوب والدول؛ الولاء لمبادئ الحرية والديموقراطية؛ خبرة واسعة في مجال الهيئات الدولية؛ براعة في الحوار وصلابة في بناء نظرة متماسكة؛ مهارة مُمتَحَنة في قيادة فرق عمل من دون الانزلاق في مستنقع البيروقراطية.
من أصول لبنانية، من هذا البلد الذي لا يزال، في كثير من جوانبه، نموذجاً للعيش المشترك، ابن هذه الجمهورية التعددية التي تعود وتنهض من نكباتها باستمرار، العربية والمتعددة اللغات، وذات المؤسسات التربوية العريقة، غسان سلامة يعرف عن كثب عيوب هذا النظام الغارق أكثر فأكثر في عجزه، فهو تولى مسؤوليات وزارية وإدارية كبيرة في ظروف صعبة. هو ليس مرشح حزب أو طرف، ومعظم اللبنانيين يتابعون مداخلاته باهتمام كبير ويسارعون إلى قراءة مؤلفاته وكتاباته. إضافة إلى ذلك، فإن غسان سلامة يتمتع بسمعة ممتازة في العالم العربي، من الخليج إلى المغرب. الدوائر الحكومية تلتمس غالباً آراءه وتتابعها. مسيرته ككبير مستشاري الأمم المتحدة في العراق (2003 - 2006) معروفة للجميع. وإن كان تخصّصه في العلوم السياسية ومساهماته في هذا المجال رسمت له مسيرة أكاديمية عالمية أفضت به إلى ترؤس معاهد مرموقة (عميد كلية الشؤون الدولية في «معهد العلوم السياسية في باريس» من العام 2010 وحتى العام 2015)، فإن اهتماماته بشؤون الثقافة لم تبارحه يوماً، فهو يخصص لها كتابات دورية باستمرار، فيما نظرته إلى السياسة تنطوي على دور محوري للثقافة والتربية. ترؤسه، منذ العام 2007، لمشروع «آفاق» (الصندوق العربي للثقافة والفنون) لتطوير المواهب الشابة في مجالات إبداعية مختلفة يُشكّل نموذجاً يحتذى به.
نحن الموقعون أدناه، ندعم ترشيح غسان سلامة لمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، ليس فقط لمزاياه الفكرية والأخلاقية ولخبرته الواسعة في إدارة المؤسسات الأكاديمية والسياسية والثقافية، ولكن في شكل خاص لأسباب رئيسة ثلاثة:
1- على الصعيد اللبناني: سيبلور ذلك، أمام أعين اللبنانيين والعالم أجمع، الصورة الثقافية التي يتسم بها وطننا، التي كانت سائدة خلال فترات طويلة، لكن الطائفية الضيّقة وأعمال العنف غالباً ما تحجبها: التمدّن والغنى الثقافي والكفاءة؛ رسالة لبنان في جوهرها النبيل.
2 - على الصعيد العربي: سيتيح ذلك لأبناء مختلف البلدان التي تعاني من مآزق ونزاعات، بأن يلتفّوا حول مرشّح يمثلهم، مرشّح يجمع بين الانتماء لأصوله والانفتاح على الآخر، ويملك معرفة عميقة بالعالم العربي ومشاكله.
3 - على الصعيد الدولي: سيشّكل ذلك فرصة للرهان على أهمية الثقافة والعلم والتربية للتوفيق بين أطراف متصارعين في عالم شديد التعقيد، تنهشه النزاعات وهو على وشك انفجار قد يطيح التعددية والقيم الإنسانية وإمكانات الحوار.
لكل ذلك، فإننا نحضّ الحكومة اللبنانية على تبني ترشيح غسان سلامة لهذا المنصب وحده ومن دون أي تأخير، ونطالبها بدعمه بكل الوسائل الديبلوماسية.
aXA6IDMuMTIuMzQuMjA5IA== جزيرة ام اند امز