كان ابن رشد محط أنظار الباحثين والمفكرين العرب الذين كافحوا لشق مجرى عقلاني في مسار الفكر العربي المعاصر
يأتي اختيار الفيلسوف العربي المسلم "ابن رشد" ليكون شخصية العام لمعرض أبوظبي للكتاب الـ 26، تأكيدًا على الوعي بأهمية استعادة ميراثنا العقلاني في تراثنا القديم، وإعادة الاعتبار لابن رشد وأمثاله من المفكرين العظماء الذين اضطهدوا ونُكبوا، في بدء نشأة العلم في كل أمة، لاعتقادهم اعتقادات تناقض اعتقاد العامة، فكانوا بمثابة الشهداء الذين يحق لهم علينا، اليوم، كل إكرام واحترام.
كان ابن رشد محط أنظار الباحثين والمفكرين العرب الذين كافحوا لشق مجرى عقلاني في مسار الفكر العربي المعاصر، وتوفر كثيرون منهم لدراسة المشروع الرشدي وتقليب جوانبه واكتشاف مستوياته، وتقديم قراءات عميقة وقيمة لأفكار ومشروع الفيلسوف الكبير، كان لابن رشد حضور في أوساط النخبة، من الأكاديميين والمتخصصين والمثقفين، وكتبوا عنه دراسات ومقالات وكتبا وافرة.. هنا تعريف بأبرز عشرة كتب تناولت الفيلسوف العربي وسيرته وفلسفته وجوانب فكره المختلفة خلال القرنين الماضيين..
(1) «ابن رشد والرشدية».. لإرنست رينان: ترجمة عادل زعيتر
يمثل كتاب «ابن رشد والرشدية» (صدرت منه طبعة جديدة قبل سنتين عن دار التنوير بالقاهرة) للمفكر والناقد الفرنسي الكبير إرنست رينان، وترجمه إلى العربية عادل زعيتر، أهم وأكبر كتاب تناول سيرة ومشروع ابن رشد. ظهر الكتاب للمرة الأولى سنة 1852، فَفُتِحَ به أفق جديد في حقل الدراسات الفلسفية الإسلامية، وصار مُعَوَّلَ جميع الباحثين من جميع الأمم في الفلسفة العربية، ولا سيما فلسفةُ ابن رشدٍ، فلا تكاد تَجِدُ مستشرقًا أو عربيًّا يبحث في فلسفة ابن رُشْد من غير أنْ يقتبسَ معارفَ كثيرةً من كتاب رينانَ هذا عَادًّا إياه أهم المصادر في موضوعه.
(2) «فلسفة ابن رشد».. لفرح أنطون
من أقدم النصوص المكتوبة بالعربية عن ابن رشد في ثقافتنا العربية الحديثة، وكان هذا الكتاب المنشور سنة 1903 لفرح أنطون (1861-1922) صاحب مجلة «الجامعة» التي كان يصدرها في مدينة الإسكندرية، سببًا في إدارة واحدٍ من أرقى الحوارات العقلية والمناقشات الفكرية التي شهدها أواخر القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين بين فرح أنطون والإمام الشيخ محمد عبده، لتسطر فصلًا راقيًا من فصول تاريخنا الفكري الحديث، كتب فرح أنطون عن ابن رشد، متعرضًا للمحنة التي واجهها الفيلسوف العظيم بسبب رجال الدين وتأليب العوام ضده، وما حمله مذهبه الفلسفي من روح إنسانية عامة وشاملة.
(3) «ابن رشد».. لعباس محمود العقاد
الكتاب الأول في سلسلة «نوابغ الفكر العربي»، صدر عام 1951، بقلم عباس محمود العقاد، وهو كتاب فريد ورائع عن أشهر فلاسفة المسلمين في العصور الوسطى، وأبعدهم تأثيرًا في الفكر الغربي الحديث، فهو الشارح الأعظم لكتب أرسطو طاليس، وأكبر الفلاسفة الشراح أثرًا في الغرب خلال الفترة الزمنية الممتدة من القرن الثالث عشر إلى القرن العشرين، ما يميز هذا الكتاب، أنه على صغر حجمه (120 صفحة) قدَّم صورة واضحة لحياة فيلسوف قرطبة وعصره، فضلًا عن تقديم خلاصة مركزة لأبرز أفكاره الفلسفية ومحاولاته التوفيق بين الدين والشريعة مع إيراد نصوص ومنتخبات من آثاره توضح مذهبه ومشروعه.
(4) «ابن رشد سيرة وفكر ، دراسات ونصوص».. لمحمد عابد الجابري
ربما كان هذا الكتاب الذي جمع فيه المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري كل ما كتبه عن فيلسوف قرطبة، من أفضل وأهم المداخل على الإطلاق لقراءة ابن رشد والتعرف على الجوانب المختلفة من مشروعه الفلسفي الفكري، وكذلك التعريف بسيرته وحياته وكتبه ومؤلفاته، كل ذلك بلغة تبعد عن التعقيد والإغراق في المصطلح.
(5) «ابن رشد الفيلسوف».. لمحمد يوسف موسى
كتاب صغير الحجم، سهل القراءة، يقع في 79 صفحة فقط، يقدم فيه مؤلفه عرضًا موجزًا لسيرة ابن رشد وحياته ونكبته، فيتحدث عن أسرته، ونشأته، وعلمه، ومحاولته التوفيق بين الفلسفة والشريعة الإسلامية؛ حيث كان ابنُ رشد يرى أنه لا يوجد تعارض فيما بينهما، كما يُلقي المُؤلِّفُ الضوءَ على نظريته في المعرفة، في الحقيقة كان هذا الكتيب جزءًا من مؤلف كبير عن ابن رشد نشر في صورته الأولى العام تحت عنوان «بين الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط» في سلسلة (مكتبة الدراسات الفلسفية) التي كانت تصدرها دار المعارف في الستينيات من القرن الماضي.
(6) «بين الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط».. لمحمد يوسف موسى
تقوم فكرة الكتاب على تتبع المحاولات التي قام بها ابن رشد للتوفيق بين الدين الذي جاء به الوحي، وبين الفلسفة التي أدى إليها الفكر، ضمن سياق فلسفي كامل اشتغل ضمنه سائر فلاسفة العصر الوسيط، فابن رشد واحد من أهم وأشهر فلاسفة الإسلام، ظهر في منتصف القرن السادس الهجري في الأندلس، وتمتع بشهرة واسعة بين فلاسفة وعلماء عصره في العالم العربي، والغربي أيضًا، ودافع كثيرًا عن الفلسفة، وخاصة في كتابه «تهافت التهافت»، الذي ألفه ردًّا على الهجوم الشديد الذي وجَّهه الإمام «الغزالي» لأفكار وآراء بعض الفلاسفة في كتابه «تهافت الفلاسفة»، كذلك قام «ابن رشد» بتصحيح أفكار بعض الفلاسفة السابقين، أمثال: «ابن سينا»، و«الفارابي» في فهم بعض نظريات «أفلاطون» و«أرسطو».
(7) «المادية والمثالية في فلسفة ابن رشد».. لمحمد عمارة
منذ عصر ابن رشد وحتى الآن، اختلف الباحثون في فلسفته حول موقفه من الدين، ومدى نجاحه في التوفيق بين حقائقه الجوهرية والتصور الفلسفي للكون والوجود، هذا الكتاب الذي صدر عن سلسلة (مكتبة الدراسات الفلسفية) بدار المعارف، واعتمادًا على نصوص ابن رشد، يتقدم بإسهام جديد في جلاء موقف الفيلسوف الكبير من هذه القضية، يواجه قارئ الكتاب على صفحاته ومن خلال فصوله من أطلق عليه المؤلف ابن رشد "المادي المؤمن" الذي حقق أكبر قدر من النجاح في التوفيق ما بين تصور الفلاسفة المثاليين المؤمنين وأيضًا تصور الفلاسفة الماديين لهذه الأشياء.
(8) «الفيلسوف المفترى عليه ابن رشد».. لمحمود قاسم
وهذا واحد من أجل وأندر الكتب عن فيلسوف قرطبة، كتبه واحد من أهم أساتذة الفلسفة وشراح ابن رشد في الثقافة العربية الحديثة وهو الدكتور محمود قاسم، خصص محمود قاسم قدرًا وافرًا من عمره لدراسة فيلسوف التنوير العربي، ابن رشد، ومقارنة فلسفته بمثيلاتها لفلاسفة العصر الوسيط، وبيان مدى التأثير الهائل الذي لعبته فلسفة ابن رشد في إنارة أوروبا كلها.
(9) «النزعة العقلية في فلسفة ابن رشد».. لعاطف العراقي
واحد من أهم الكتب التي خصصها أستاذ الفلسفة الراحل عاطف العراقي عن ابن رشد، العراقي كرَّس عمره لدراسة ابن رشد والفلسفة الرشدية وجلاء أفكاره، وأخرج أكثر من كتاب عن ابن رشد والجوانب المختلفة في حياته وفلسفته وشروحاته لأرسطو.
(10) «ابن رشد ومستقبل الثقافة العربية».. لعاطف العراقي
جمع أستاذ الفلسفة الراحل الذي صاحب فكر وفلسفة ابن رشد لأكثر من 40 عامًا، ذكرياته وخواطره ومقالاته المفردة (عدا كتبه ومؤلفاته) في هذا المجلد، الذي يمثل حصاد رحلة طويلة امتدت لعقود، صحب خلالها عاطف العراقي ابن رشد ونصوصه، كتبه ومؤلفاته وشروحه، واستخلص منها ملامح فلسفة عقلية، ومذهب تنويري نجح الغرب في استلهامه والانطلاق منه إلى نهضتهم الحديثة، وتعثر العرب في ذلك حتى اللحظة.
aXA6IDE4LjExOC4xMTkuNzcg جزيرة ام اند امز