تعرف إلى شخصية معرض الكتاب في أبوظبي.. ابن رشد

فيلسوف قرطبة وحكيمها أبوالوليد بن رشد هو شخصية معرض أبوظبي للكتاب هذا العام.. في 10 محطات تعرف على شخصية فيلسوف التنوير "ابن رشد"

"ابن رشد" آخر فلاسفة المسلمين في القرون الوسطى، وصاحب الأثر الأكبر في النهضة الأوروبية الحديثة.. اختارته إدارة معرض أبوظبي للكتاب شخصية المعرض هذا العام في دورته السادسة والعشرين، التي ستنظم فيما بين 27 من الشهر الجاري وحتى 3 مايو 2016، وهو تقليد أطلقه المعرض في دورته الرابعة والعشرين في 2014 لتكون وسيلة تعريفية بالشخصيات التي لها أثر تاريخي في العالم.

تحتفي دورة هذا العام بأبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الملقب بابن رشد أحد كبار الفلاسفة ليس فقط في الحضارة العربية والإسلامية بل في تاريخ البشرية كلها.

«العين» تستعرض المحطات الكبرى في حياة فيلسوف قرطبة وحكيمها وقاضيها:

1- ولد أبوالوليد محمد بن أحمد بن رشد، عام (520هـ/ 1126م) في قرطبة، وكان جده كما كان والده قاضيًا بها؛ أتاحت له البيئة العلمية التي نشأ وترعرع فيها التمكن من العلوم الشرعية والعقلية في سن مبكرة من حياته.

2- ضرب به المثل في الإقبال على المعرفة ونشرها، فقد نذر نفسه وحياته لهما؛ ويحكى عنه أنه لم يدع النظر ولا القراءة منذ عقل، إلا ليلة وفاة أبيه وليلة بنائه على أهله، وأنه سود فيما صنف وقيد وألف وهذب واختصر نحوًّا من عشرة آلاف ورقة.

3- بسبب ما اشتهر به من تضلع في العلوم، ومن استقامة ونزاهة، وبصيرة ثاقبة، صار مقربا من خليفة المسلمين في الأندلس، ومن الخاصة التي ترافق الخليفة في مجلسه الرسمي وغير الرسمي، وبسبب هذا ستكون محنة ابن رشد الكبرى التي عرفت باسم "نكبة ابن رشد".

4- من أبرز الأحداث في حياة ابن رشد، استدعاء الخليفة الموحدي يوسف بن يعقوب له، وطلب منه إعادة كتابة أرسطو بما يقربه من أفهام الناس؛ بترشيح من أستاذه ابن طفيل الفيلسوف، وشهدت تلك الفترة؛ حكم الخليفة يوسف بن عبد المؤمن (1163-1184م) ازدهار النشاط الفكري والعملي عند ابن رشد؛ ففي حين انكب على مؤلفات أرسطو (وجالينوس) تلخيصًا أو شرحًا بين وجيز ومطول، تقلب في مناصب إدارية مختلفة، وعينه الخليفة قاضيًا لإشبيلية سنة 1169، ثم قاضياً في قرطبة سنة 1171، ثم أصبح طبيب الخليفة وجليسه سنة 1182، ليعود إلى قرطبة سنة للقضاء فيها.

5- بقي ابن رشد يتمتع بتلك المكانة الرفيعة في عهد الخليفة المنصور (1184-1198) بعد وفاة والده يوسف؛ حتى سنة 1195، التي وقعت فيها نكبة ابن رشد، عندما حرض الفقهاء والعوام الملك المنصور ضده، أو عندما حرض المنصور الفقهاء والعوام ضده، وانتهى الأمر باتهام ابن رشد بالزندقة وبإحراق كتبه ونفيه؛ حيث بقي أربع سنوات في المنفى، قبل عودته إلى بلاط المنصور سنة 1198، وهي السنة التي توفي فيها الاثنان: المنصور وابن رشد.

6- دفن ابن رشد في مراكش، ثم نقل جثمانه إلى قرطبة بعد ثلاثة أشهر، ليدفن في مقبرة أجداده، وقد قال المتصوف الشهير ابن عربي الذي شهد نقله: "ولما جعل التابوت الذي فيه جسده على الدابة، جعلت تواليفه تعادله من الجانب الآخر".

7- بلغ عدد مؤلفات ابن رشد أكثر من ستين كتاباً ومقالة، تتوزع في أربعة مجالات معرفية: علوم الفلسفة، وأكثرها تلخيصات وشروح لمؤلفات أرسطو؛ والطب، وأكثرها تلخيصات لكتب جالينوس؛ والفقه، وأكثرها من تأليف ابن رشد نفسه؛ واللغة، وتتألف من كتابين في النحو والصرف.

8- تبنى ابن رشد فلسفة المعلم الأول أرسطو، وخلصها من الشوائب التي علقت بها عبر مئات السنين، خاصة مثاليات أفلاطون وأفلوطين، ولم يزل يتعهدها بالدرس والشرح والإكمال إلى أن أصبح اسم الشارح الأكبر علمًا عليه يذكر كلما ذكر المعلم الأول.

9- كان إنجازه المهم الثاني دفاعه المقتدر عن الفلسفة في المغرب العربي، بعد أن هاجمها الغزالي والأشعرية وسلاطين الظلام في المشرق، وقد تجلى دفاعه الجبار هذا في مؤلفاته التي تعانقت فيها الحكمة أي الفلسفة، والشريعة عناقًا حارًّا، وهي: «فصل المقال»، و«الكشف عن مناهج الأدلة»، و«تهافت التهافت».

10- أعظم إنجازات ابن رشد لم يقم بها بنفسه، بل قام به تلامذته في أوروبا، ليخرجوا العقل الأوروبي من ظلمات القرون الوسطى إلى أنوار النهضة، متجاوزين فيها وفي الحداثة التي تلتها آباءهم العرب وأجدادهم اليونان، كما هو حال أجيال الفكر في كل مكان وزمان.

وللأثر الكبير الذي أحدثه ابن رشد في أوروبا خلده الفنان والرسام الإيطالي رافاييل في لوحته الشهيرة "مدرسة أثينا" وهو يرتدي العمامة العربية وينظر منتبهًا من خلف العالم الرياضي اليوناني فيثاغورث.