بالصور- الانتخابات البرلمانية السورية.. مشهد يصعب فهمه
في مشهد يصعب فهمه، سوريا الغارقة ببركة من الدماء، تنتشر فيها صور المرشحين للحملة الانتخابية الثانية من نوعها منذ بداية الأزمة السورية
بعد مضي خمسة أعوام في عمر الأزمة السورية، لا يزال النظام الحاكم هناك يتبع النهج الذي اعتاد السير على خطاه منذ أربعة عقود في إدارة شؤون بلاده الداخلية، ولعل الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها الأربعاء، خير دليل على ذلك.
وفي مشهد يصعب فهمه على من يشاهد الأحداث من بعيد؛ حيث إنه في سوريا الغارقة ببركة من الدماء، تنتشر صور المرشحين للحملة الانتخابية الثانية من نوعها منذ بداية الأزمة السورية، والبالغ عددهم في المحافظات كافة ما لا يقل عن 11000 ألف مرشح في شوارع العاصمة دمشق بكثافة لافتة، إلى جانب صور المطربين والفنانين الذين تدعو إعلاناتهم المواطنين لقضاء أجمل السهرات في الملاهي الليلية.
كما ركزت شعارات الحملات الانتخابية في مجملها على الجانب الأمني، مستخدمة عبارة تعد بتحسين الأوضاع الاجتماعية وإعادة إعمار البلاد.
وقبل يوم واحد من بدء هذا "العرس الديمقراطي" كما تسميه وسائل الإعلام الرسمي، وتشير إلى أنه "يثبت أن الدولة ما زالت قائمة"، أكد رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات القاضي هشام الشعار، أنه ستجري انتخابات قضائية بإشراف اللجنة القضائية العليا للانتخابات، لضمان "نزاهتها ومصداقيتها وشفايفتها" حسب قوله.
جاء ذلك عقب إنهاء اللجان القضائية للانتخابات تلقي طلبات انسحاب المرشحين في السادس من الشهر الحالي، وإعلان رئيس اللجنة القضائية "الاستعداد التام لإنجاز انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثاني في 13 الشهر الحالي واستكمال كل الإجراءات اللوجستية ومستلزمات المراكز الانتخابية بمختلف المحافظات".
العسكريون ناخبون
الجديد في هذا المشهد الانتخابي، أن البرلمان السوري بات يتيح للعسكريين الإدلاء بأصواتهم بموجب تعديل قانوني لثلاث بنود، وهو سابقة بتاريخ المجلس، الذي سيخضع للتجديد في الشهرين المقبلين.
ولعل أول هذه البنود -حسب تصريح صحفي لرئيس لجنة الشؤون التشريعية والدستورية في سوريا- هو "إمكانية نقل دائرة انتخابية في حال الظروف القاهرة إلى مكان آخر"، من قبل اللجنة القضائية العليا المسؤولة عن الانتخابات، في إشارة إلى دائرتي الرقة وإدلب، وهما خارج إطار السيطرة الحكومية.
أما البند الثاني فهو يتحدث عن إمكانية الانتخاب "بالبطاقتين الشخصية والعسكرية، استكمالاً للتعديل الثالث الذي ينص "على السماح للعسكريين بالانتخاب، ولكن دون حق الترشيح".
وسيضاف العسكريون إلى المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب في هذا الدور، وإن لم يتم نشر تقديرات لأعدادهم بعد، ويبلغ عدد المواطنين في سن الخدمة النظامية حوالي 10 ملايين سنويا، لكن تعداد الجيش النظامي لا يتعدى الـ 200 ألف عنصر وفقا لإحصائيات غير رسمية.
نتائج حتمية
وبينما تكثف وسائل الإعلام الرسمية والمحلية، برامجها الموجهة لحث السوريين على "ممارسة حقهم، وواجبهم الانتخابي"؛ فإن الهمس يعلو في الشارع السوري مشككا بنتائجها المحسومة سلفا.
لا سيما بعد صدور قوائم "الوحدة الوطنية" التي ضمت شخصياتٍ بعثية، أو مقربة من السلطة، تغلق الباب في محافظات حمص حماة، إدلب، القنيطرة، ودير الزور، على بقية المرشحين دخول البرلمان، بينما تركته مواربًا بالمحافظات الأخرى أمام القوائم الـ"مدعومة" كما قائمتي "دمشق الشام"، و"حلب الأصالة"، وبعض التجار وشيوخ العشائر والشخصيات المستقلة، ما ينبئ بسيطرة حزب البعث مجدداً على مجلس الشعب، وأسهم في تعزيز هذا الاعتقاد؛ منح العسكريين وعناصر القوى الأمنية حق الانتخاب.
صدى وتحليل
يرى محللون أن إصرار الحكومة على إجراء الانتخابات في موعدها بحجة تحاشي "الفراغ الدستوري"، يخفي وراءه سعيها إلى استثمار مجلس الشعب المقبل كورقة سياسية مضمونة، مع تضافر المساعي الدولية من أجل إنجاز التسوية المرتقبة للأزمة السورية.
في حين يرى المحامي حسن السيد اللحام، أن "تمسك النظام على إجراء انتخابات برلمانية، يأتي في سياق إصراره على اتخاذ قرارات تدل على سيادته، ولتأكيد سيطرته على زمام الأمور في البلاد، التي لم يتبقَّ سوى 20% فقط من مساحتها تحت سيطرته".
أما عبيدة عابدين، يرى أن أغلب المواطنين السوريين ما كانوا يعيرون اهتماماً لانتخابات مجلس الشعب قبل الحرب الراهنة، لأنها بحسب تعبيره "جزءًا من طقوس السلطة الروتينية معروفة النتائج"، ولا يشعرون بأن نتائجها يمكن أن تغير شيئًا في مجرى حياتهم اليومية.
وفي حديثه عن وضع الانتخابات في الوقت الحالي، قال عبيدة " كيف سيكون الوضع اليوم وأكثر من نصف الشعب السوري مهجر ونازح داخل البلاد وخارجها، وأحوال الناس المعيشية والصحية والاجتماعية وصلت إلى درجات غير مسبوقة من التدهور".
وفي السؤال عن إيمان الناس بمصداقية الانتخابات، أجابت علياء زين الدين بأنه لا حاجة لتزوير الانتخابات لإيصال المرشحين الذين تريدهم السلطة، لأن العملية كلها تتم برعاية الحكومة وسيطرتها، كما تستطيع إعلان النتائج التي تريدها.