صاحب مبادرة "اكتب صح" لـ"العين الإخبارية": "العربية" مهددة بالاندثار
شاب مصري أسس مبادرة "اكتب صح" للحفاظ على اللغة العربية والنهوض بها وأطلق موقعا إلكترونيا يعين الشباب على إتقانها
حسام مصطفى إبراهيم، أحد عشاق "لغة الضاد".. حمل قلبه حلما باعتلاء لغتنا العربية مكانة أعلى، بدأه منذ خمس سنوات تقريبًا، حينما كان يصحح أخطاء الصحفيين ويدقّق لغتهم، غير أنّ أخطاءهم المتكرّرة أزعجته، متسائلا لماذا لا يحاول الجميع التطوّر؟ اتفق مع عدد من الصحفيين على البدء في الإصلاح، عن طريق ما يصفه بـ"الكبسولات اللغوية المبسّطة" لتعينهم على إتقان اللغة.
دشّن إبراهيم صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "اكتب صح"، لتغيّر من واقع الأخطاء اللغوية المنتشرة في كل مكان. "العين الإخبارية" حاورت صاحب المبادرة، لمعرفة أحلامه التي لا تهدأ، وخططه المستقبلية، والمعوقات التي تواجهها المبادرة، وكيف يرى تلك الحلول؟، فإلى الحوار:
متى بدأت مبادرة "اكتب صح" وما هدفها؟
بدأت المبادرة في نوفمبر ٢٠١٣، بغرض مساعدة الصحفيين والإعلاميين والطلاب وكل محبّي اللغة العربية ومتعلميها على تلافي الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية الشائعة، والكتابة بلغة سليمة وراقية وخالية من العيوب.
ما الطرق التي حاولتم من خلالها تبسيط المبادرة للجمهور؟
حاولنا خلال السنوات الماضية إعادة تقديم اللغة بشكل بسيط وقريب من الشباب، واستخدام الشرح بالأسلوب السهل البسيط الذي يسهّل من استيعاب اللغة والأخطاء التي يقعون فيها، بجانب تنظيم الورش الخاصة بالتدريب، والإجابة على أسئلة رواد الصفحة وشرح ما غمض عليهم.
ماذا عن الاتفاق مع المسؤولين بمترو الأنفاق على تصحيح الأخطاء؟
منذ فترة كان هناك اتفاق مع أحد المسؤولين هناك، كان الترحاب حاضرا في البداية عندما قمت بالذهاب إليه، ولكن بعد ذلك لم يكتب للاتفاق بيننا النجاح، حيث كنت أحاول من خلال الاتفاق تصحيح الأخطاء الموجودة في إعلانات الجهاز، مع وجود دراسات لجدوى الاتفاق وأهميته، غير أنّ كل الاتفاقات توقفت.
أطلقت موقعا إلكترونيا للمبادرة.. كيف ساهم في تحقيق رسالتك؟
عندما بدأت الفكرة في الانتشار، وتغيرت شريحة المستفيدين من المبادرة من صحفيين وعاملين في المجال للشعب المصري كافة، كان الموقع بوابة أخرى لتوصيل الفكرة، عن طريق عدة أقسام يحتوي عليها الموقع كـ "اكتب صح"، والمصحح الأوتوماتيكي، و"تكنو صحافة"، وموسيقى الشعر، والمنطقة الحرّة، وبهاء اللغة، وحساميات.." وعدد آخر من الأقسام المهتمة بتبسيط اللغة ورصد الأخطاء الشائعة لإصلاحها لدى المتابعين.
بعد ذلك قمت بشراء كاميرا احترافية ومعها لاب توب محترف لعمل المونتاج، وقمت بتصوير حلقات مبسّطة ورفعها على صفحة المبادرة على اليوتيوب لتوصيل المعلومات بشكل أسرع وأبسط، لكن تبقى استمرارية عمل الفيديوهات بالشكل الأمثل أمرًا صعبًا للغاية.
ماذا عن الورش الخاصة بالمبادرة؟
نقوم بتنظيم العديد من الورش التعليمية في مجالات اللغة العربية والصحافة والإلقاء واستخدام الكمبيوتر في التدقيق الإملائي، تخاطب تلك الورش جميع الفئات، وتقدّم لهم بجميع الأشكال المبسّطة المعلومات الضرورية والأدوات والوسائل التي تمكّنهم من إتقان الكتابة والحديث باللغة العربية، مع مراعاة المراحل العمرية المتفاوتة.
غالبية تلك الورش مجانية خاصة التي أقوم فيها بالذهاب إلى مختلف الجامعات في مصر، كما حدث مع أكثر من ١٠ جامعات مصرية، غير أنّ هناك ورشا أقوم بتنظيمها بمقابل مادي، لكي توفّر دخلا أستطيع منه تكملة مشوار المبادرة.
ما طموحاتك لمبادرة "اكتب صح"؟
أطمح خلال الفترة المقبلة إلى توسيع قاعدة المستفيدين من المبادرة، وإدخال أنشطة ممتعة في عملية التعلّم، كما أنّ هناك منهجا شخصيا أقوم بتدريسه لأهم الأخطاء النحوية واللغوية، ومعرفة معاني الكلمات وتوسيع القاموس اللغوي للمتابعين.
بجانب ذلك أشترك في ورش بمصر وخارجها لتعلّم طرق جديدة ووسائل لتوصيل المعلومة، وكيفية عمل أسئلة للطلاب، هذا التطوير ينعكس بالطبع على طرق التدريس، وهو ما ينعكس على المتلقين بالسعادة، كما حدث في الورشة الأخيرة التي تم الاتفاق فيها مع جهة كبرى كجامعة القاهرة لكي تعطي شهادات الورشة، وهو ما يعد نقلة وتطوّرا جيدا في مسار المبادرة، وصممت لعبة ورقية لتعلم اللغة العربية بداية من ١٠ سنوات وحتى الكِبر، ولكن لا بد من التمويل التجاري الذي يقوم بنشرها في الأسواق.
ما المعوقات التي تواجهها المبادرة؟
من بين المعوقات الخاصة بالمبادرة عدم وجود المؤمن بالفكرة بالشكل الأمثل، هناك جهود تطوعية لكنها لا تستمر، إضافة إلى نقص التمويل المادي.
ما رؤيتك للغة العربية ومدى الاهتمام بها؟
في مصر لا يوجد اهتمام بالشكل الأمثل باللغة العربية مقارنة بالدول العربية، التي تعتبر مناهجها جيدة للغاية، بجانب أنّ هناك مبادرات ومسابقات خاصة بتعلّم العربية، كل ما أخشاه أن تنقرض اللغة كما حدث مع اللغة اللاتينية، ولا يتحدث بها حاليا إلا الفاتيكان، وما يُقال حول أنّ اللغة محفوظة بتواجد القرآن كلام غير سليم على الإطلاق، فالله عزّ وجل قال في كتابه "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، فالقرآن محفوظ ولكن اللغة من المكن أن تنقرض.
في مصر نعاني من الازدواجية اللغوية، فهناك لغة رسمية للنشرات والكتب وغيره، ولغة أخرى أو لهجات مختلفة للحديث بين الناس بعضهم البعض، فتعلّم العربية لا يعني أن نتحدث بها طوال اليوم، ولكن أن نطالع الكتابات العظيمة العربية، والإبداعات القديمة المكتوبة بالعربية، ومن بين المعوقات التي تعاني منها اللغة العربية انتشار "الفرانكو" المتزايد، بجانب تفريغ اللغة العربية من جدواها الثقافية .
برأيك، هل تقوم الجهات المعنية بدورها في الحفاظ على اللغة؟
المؤسسات المنوط بها حماية اللغة كمجمع اللغة العربية لها دور عظيم، ولكن أنا كرجل شارع لا أسمع عنها، "اكتب صح" مبادرة نجحت لأنها ذهبت للشباب وتحدثت معهم بالشكل المناسب لهم، لا بد على المجمع وغيره من المؤسسات المنوط بها حماية اللغة والمكتبات الكبرى أن تفتح المجال للمبادرات الموجودة لكي تقوم هي الأخرى بمحاولاتها، وعمل الندوات والتدريبات اللازمة للجمهور، فنحن نعاني من تواجد أماكن مخصصة نعطي فيها ورشا مجانية نعلّم فيها المهتمين قواعد اللغة العربية، من بين الجهات المهتمة بالمبادرة، والتي تقف بجانبنا جامعة القاهرة عن طريق مركز اللغة العربية، ورئيسه الدكتور فهر محمود شاكر حيث أعطى شهادات للمتدربين رسمية من المركز، وهو ما يعطي دفعة أكبر لتكملة المشوار.
ما مقترحاتك للنهوض باللغة العربية؟
اقتراحي الشخصي أن يصدر مرسوم من رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي شخصيًا بأن يكون في كل مؤسسة مدقّق لغوي لكي يراجع الإصدرات اللغوية الخاصة بالمؤسسة، وهو ما سيكون له مردود جيد بأن يرى الجميع إصدارات مكتوبة بلغة سليمة، وأن توجد جدوى اقتصادية للمشتغل باللغة العربية، وهو ما سيجعل الجميع يهتم بها، لكي يستطيع العمل والحصول على مال يعينه على متطلبات الحياة، فقضية اللغة العربية وما تعاني منه من تدهوّر تهدد الأمن القومي المصري.
aXA6IDMuMTQwLjE5Ni41IA== جزيرة ام اند امز