أزمة الصحافة الثقافية في لبنان.. هل من حلول؟
مائدة مستديرة ضمت نخبة من المثقفين والكتاب اللبنانيين لمناقشة الأزمة التي تمر بها الصحافة الثقافية في بيروت.
"لماذا تراجعت الصحافة الثقافية في لبنان؟".. عنوان المائدة المستديرة التي نظمها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في مقره في بيروت، قدم خلالها كل من الشاعر عباس بيضون، والشاعر عقل العويط، والروائي حسن داود، مداخلات أساسية حول الموضوع، بعدما قدم رئيس المركز الدكتور خالد زيادة عرضًا أوليًّا افتتاحيًّا، وحضر اللقاء - المناقشة المفتوحة نخبة من أهل الصحافة والثقافة والعاملين في الصحافة الثقافية.
زيادة أوضح في كلمته أن هناك عاملين تسببا في إغلاق الملاحق الثقافية للصحف البيروتية: الأزمة المالية للصحف الورقية، وضمور الحياة الثقافة". فيما تحدث رئيس القسم الثقافي في جريدة "السفير" عباس بيضون، فكشف عن تقليص الملحق الثقافي الأسبوعي في السفير إلى صفحتين (بعدما كان 4 صفحات)، ومثله صفحات الرياضة، من دون أن يشمل التقليص ملحق السفير العربي.
بيضون قال: "إن الأزمة تشمل الصحافة كلها، وتكاد تكون صامتة، إذ إن الضجة التي تتصاعد حولها هي أقرب إلى أن تكون خرساء. إنها تنكسر في الضجيج العام ولا ترتفع إلا لتعود فتتبدد من دون أن يتردد صداها"، مشيرًا إلى أن "أزمة الصحافة قد تكون إنذارًا لمن لا يتصورون لبنان بدون صحف، وقد تكون نذيرًا لمن لا يتوقعون الأسوأ، لكن من العبث أن ننتظر أن تسفر هذه الضجة عن جواب أو حل، كثيرون لا يفعلون سوى انتظار أن تتوسع الفضيحة وأن تنكشف خباياها".
وأضاف بيضون أن "أزمة الصحافة اليوم فوق كونها جزءًا من أزمة البلد وربما من أزمة المنطقة، هي أزمة تشير إلى انعدام دور النخب وتراجع الثقافة المشتركة، الأمر الذي يعني أن لبنان الذي كان في طريق الدولة والاندماج الاجتماعي، قد ضاع كليًّا عن هذا الطريق. وهو الآن في حال من التداعي، إن فقدان الصحافة يعني توقف تجربة بناء تاريخ مشترك، بل بناء تاريخ أي تاريخ، كما يعني أن المشروع اللبناني، مشروع التعدد والتحديث والديمقراطية، قد باء بالفشل".
ثم تحدث الروائي حسن داود عن أزمة الثقافة وملاحقها، وتساءل: "هل أتى تراجع الثقافة والصحافة متساويًا لدى كل الصحف؟"، قائًلا: "إن الثقافة تعيش حالة تراجع، خاصة في مجال نشر الكتب وبيعها"، مستذكرًا "صورة الثقافة والمثقف في بلادنا حيث لا نجد قراء في لبنان، وهذا يحتاج إلى بحث آخر".
ثم تحدث رئيس تحرير الملحق الثقافي الشاعر عقل العويط المقفل حاليًّا في جريدة "النهار"، فقال: "لو كنت صاحب مؤسسة إعلانية في لبنان لكنت اتخذت الإجراء الذي يقضي بإلغاء الصفحات المحلية في الجريدة والمانشيت فيها، لأجعل المادة الثقافية رأس الحربة التي على الجريدة أن تعبر عنها سياسيًّا". وتمنى العويط "لو يصار إلى إصدار ورقة حقوقية حول ما يعيشه المجتمع اللبناني بكل تعقيداته"، ورأى أن كل ما "لا تستطيع الصحافة الثقافية العربية أن يقوم به كانت تقوم به الملاحق الثقافية التي أقفلت".
واعتبر محمود سويد أنه "لا يمكن أن تفقد الحياة ديناميتها وتبقى باقي الأوساط بخير. بيروت تموت ولبنان يمر في مرحلة انحطاط، والعالم العربي يتم تدميره بهذا الشكل الذي نراه؛ لذا لابد لنا أن نسأل: ما الذي سيبقى من الصحافة والثقافة؟ نحتاج إلى إعادة تشكيل حياة جديدة ستنجم عن مرحلة إرهاصات الربيع العربي".
واعتبر فادي طفيلي، أحد المشاركين في اللقاء أن "نسبة القراء اليوم أكبر مما كانت عليه في الستينيات، وذلك بسبب توافر وسائل التواصل بين الناس اليوم"، واعتبرت دلال البزري أن "ما نعيشه هو مرحلة انتقالية بين مرحلتين، واحدة لم تنتهِ وثانية لم تبدأ بعد".
وضم وجيه كوثراني رأيه إلى جيل الشباب، لافتًا إلى "اهتمام الشباب حاليًّا بأدوات التواصل التكنولوجية"، مشيرًا إلى حالة انعطاف تاريخي نعيشه اليوم بين الورق والتكنولوجيا". وحمل حسان الزين "المسؤولية للمثقفين لأنهم لم يواكبوا العصر ولا الحداثة، ولم يمتهنوا الصحافة وإنما عملوا فيها"، منكرًا على "الذين عملوا في الصحافة الثقافية أن يكونوا قد تجددوا".
ولفتت مارلين نصر إلى "نشر الكتب والأبحاث على المواقع الالكترونية وأهمية ذلك"، مشيرة إلى "انفجار الفنون على مستوى لبنان والمنطقة"، متسائلة "عن سبب هذا الانفجار في ظل غياب الكتابة الثقافية". وأشار حسين بن حمزة أن "الثقافة في حالة تراجع وهذا صحيح"، متسائلًا: "هل المشكلة في وسيلة النشر؟ أو في الورق؟ وقال: "هناك فرق ليس فقط تقني ينقسم بين ورقي وإلكتروني، وإنما هناك ظواهر سابقة على أزمات ملاحق الثقافة".
ولفت عباس بيضون: "ما دور المثقفين والنخب خاصة في مجتمع يعاني المثقف فيه من التهميش؟ إن تهميش النخب ينعكس على مجمل الوضع اللبناني"، وأسف "لمحاولة البعض القول إن الصراع بين صحافة ورقية وإلكترونية في حين أنها ليست كذلك"، معلنًا أن "ما نعانيه هو موت الصحافة، وهناك لا يمكن للإنترنت والفيس بوك أن يحلا مكانها".
aXA6IDMuMTQ1LjM4LjY3IA== جزيرة ام اند امز