الطبعة الثانية من «السراب» الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب
الأطروحة المركزية للكتاب عن فكرة "السراب السياسي" المترتبة على الوهم الذي تسوقه الجماعات المتأسلمة لشعوب العالمين العربي والإسلامي
عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، صدرت الطبعة الثانية من كتاب «السراب» الفائز بجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب في مجال التنمية وبناء الدولة، لمؤلفه جمال سند السويدي، المدير العام للمركز وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات العربية المتحدة.
تنبني الأطروحة المركزية للكتاب حول فكرة "السراب السياسي" الذي يترتب على الوهم الذي تسوقه الجماعات الدينية السياسية للعديد من شعوب العالمين العربي والإسلامي، في حين تستغل هذه الجماعات الإسلام لمصالح سياسية أو شخصية، وتصر على خلط الأوراق وتحميل مسؤولية التخلف والتراجع الثقافي والحضاري للعالمين العربي والإسلامي، وتحتكر تفسير الدين، وتروّج، لمفاهيم غير واقعية، مثل الخلافة والبيعة، ويذهب العديد منها إلى تكفير مخالفي الرأي وقتلهم، مخالفًا بذلك أسس ومبادئ رئيسية تم ترسيخها بالدين الإسلامي.
كتاب «السراب» جاء كأنّه تعبير عن رؤية ذاتية تنطلق من أنّ الصراع الذي يخوضه عدد من الدول في العالمين العربي والإسلامي، ضدّ الفكر المتطرف وجماعاته وتنظيماته، ليس محصورًا في نطاق أمني عسكري، بل هو حرب ممتدة وذات طابع فكري في الأساس، يُناقش «السراب» إذًا ظاهرة الجماعات الدينية السياسية، من زوايا متعددة: فكرية وسياسية وعقائدية وثقافية واجتماعية، ويركّز أيضًا على الفكر الديني السياسي في شتى تجلياته وجماعاته، عاكسًا الفروق والتباينات الفكرية والتنظيمية بين هذه الجماعات، ويرصد الكتاب هذه الظاهرة تاريخيًا، متتبعًا إيّاها وصولًا إلى ذروة صعودها السياسي في بداية القرن الحادي والعشرين.
حرص الكاتب من خلال فصول الكتاب على إظهار آرائه وقناعاته بأنّ الجماعات السياسية/الدينية ليست هي الوجه الآخر للإسلام الحنيف، ولا تعبّر عنه، ومن ثمّ فإنّ الاستسلام لمزاعم هذه الجماعات يُمثّل إساءة بالغة للدين وقيمه الوسطية السمحة، وهذا الفكر نحتاج إلى الإضاءة عليه في مثل هذه الظروف التي يعيشها عالمنا العربي اليوم.
ولعل أهم ما يميز هذا الكتاب هو أنه على الرغم من أنه صادر عن جهة أكاديمية بحثية وأن مؤلفه أستاذ جامعي، إلا أنه يلمس بعمق واقع المجتمع السياسي والكثير من مفاهيم عموم الناس الذين قد لا يكونون في إطار فئة القراء المستهدفة للأكاديميين بصفة عامة، والمقصود بالسراب في هذا الكتاب هو الوهم الذي غلفت به الجماعات الإسلامية أغراضها السياسية لتكون مقبولة لدى الشعوب ومتعلقة بها ومؤمنة بأن في يدها الخلاص، وأن لديها كلمة السر في حل جميع مشكلات حياتهم.
وعلى مدى ما يقارب 700 صفحة من القطع المتوسط، يدرك القارئ أن النهاية الحتمية لتجاهل الفكر المتطرف في مراحله الأولى هي شيوع مستوى مذهل من العنف والإرهاب وسفك الدماء على يد الجماعات الدينية المتطرفة في مناطق عديدة من العالمين العربي والإسلامي، حيث لا حرمة للدماء والأعراض، واللافت للنظر أن الآراء التي حملها الكتاب، الذي صدرت طبعته الأولى في عام 2014، شاهدناها جميعًا تطبق عمليًّا على أرض الواقع في نشرات الأخبار التليفزيونية، وليس في العالم العربي وحده، بل في جميع أنحاء العالم.
وبناءً عليه كانت الرسالة الأساسية للكتاب هي ضرورة استعادة دور العقل والاجتهاد والتفكير والتدبر والتأمل وإعمال الدين الحقيقي الذي يحث المسلمين على هذه القيم الفاضلة، وأوضح أن الطريق أمام هذه الجماعات لم يعد فيه الكثير؛ حيث فشلت هذه الجماعات في وضع برامج ومشروعات وخطط متكاملة من النواحي المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولم تفلح إلا في صياغة الشعارات الرنانة دينية المظهر سياسية الهدف والمحتوى.