معارضون لـ"العين": انتخابات سوريا "تمثيلية".. والبرلمان "دمية"
خبير: الشعب السوري على علم مسبق بنتيجة الانتخابات، ويعرف عدد المشاركين فيها ونسب التصويت كذلك قبل بدء الاقتراع.
لم يكن إعلان حزب "البعث" الحاكم في سوريا عن فوزه وفوز حلفائه، بغالبية مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات التشريعية التي جرت الأسبوع الماضي، بالخطوة المفاجئة.
فكما توقع خبراء لم تتغير نتائج الاقتراع عن انتخابات مايو/أيار العام 2012، إذ حاز حزب "البعث"، الذي يقود البلاد بيد من حديد منذ نحو نصف قرن، وقتها على معظم المقاعد رغم مشاركة عدد من الأحزاب الأخرى المرخص لها.
وقال معارضون سوريون، في تصريحات منفصلة لبوابة "العين" الإخبارية، إن الانتخابات مجرد "تمثيلية" مكررة من جانب النظام السوري، كما وصفوا مجلس الشعب (البرلمان) بأنه مجرد "دمية" بيد السلطة.
وقال المحلل العسكري والعميد المنشق أحمد الرحال لبوابة "العين" الإخبارية إن "هذه الانتخابات مجرد تمثيلية اعتاد النظام وأعوانه على تنفيذها بحذافيرها عند كل موعد للانتخابات التشريعية".
وأضاف أن الانتخابات السورية تتميزعن جميع انتخابات دول العالم بثلاث أمور، وهي أن الشعب السوري على علم مسبق بنتيجة الانتخابات، ويعرف عدد المشاركين فيها ونسب التصويت كذلك قبل بدء الاقتراع.
من جهته يرى عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، الكاتب والصحفي فايز سارة، أن الانتخابات الأخيرة في بعض جوانبها، لا سيما في مسارها وفي نتائجها، بدت استمرارًا لنهج كان قد كرسه الأسد الأب في عهده الطويل، وقد بدأه بمجلس معين في عام 1971، قبل أن يرسم تجربة الانتخابات محسوبة النتائج بصورة مسبقة ودقيقة للغاية.
ومثلما أصر النظام قبل 4 أعوام على إجراء انتخابات برلمانية تضم صفا كاملا من مؤيديه الداعمين لسياسيته وممارساته ضد شعبه، يرى الكاتب المعارض، أن نظام الأسد أعاد الكرّة هذا العام من جديد عبر مشهد آخر في مسرح اللامعقول الذي كرسه في السنوات الماضية، وكان من بين المشاهد الأكثر إثارة على مسرح اللامعقول العالمي طوال عقود طويلة من الزمان في بلدان العالم المختلفة، بما احتواه من قتل واعتقال ودمار وتهجير وإفقار وتجويع للسوريين.
كما يجد سارة أن النظام تجاوز في انتخاباته الأخيرة وقائع تضرب في الأعماق فكرة إجراء أي انتخابات برلمانية، حيث تتوزع السيطرة في البلاد على سلطات الأمر الواقع المتصارعة، المتمثلة في التنظيمات المتشددة كتنظيمي "داعش" و"القاعدة" وأخواتهما، وبقوى المعارضة المسلحة، وقوات سوريا الديمقراطية بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وقوات النظام وحلفائه والمليشيات المقاتلة إلى جانبه.
والنقطة الثانية في الوقائع المحيطة بانتخابات عام 2016، تكمن، بحسب الكاتب المعارض، في حال السوريين الذين وزعتهم السياسات الدموية والإرهابية للنظام وحلفائه وجماعات التطرف إلى نحو ستين في المائة موجودين داخل الأراضي السورية، وأربعين في المائة مهجرين ولاجئين في بلدان الجوار وفي الأبعد منها.
ومضى قائلا: "بل إن ظروف المقيمين في الداخل السوري لا تساعدهم على المشاركة في العملية انتخابية، إذ لا يسيطر النظام بصورة كاملة إلا على محافظة واحدة هي طرطوس، وعلى أغلبية محافظة اللاذقية، وله سيطرة ملتبسة على محافظة السويداء، ووجود نسبي في بقية المحافظات، ما عدا الرقة وإدلب الخارجتين كليًا عن سيطرته".
وتأتي النقطة الثالثة في الوقائع، كما ذكرها سارة، أن الانتخابات جرت في أجواء مساعٍ دولية لحل سياسي وفق مضمون القرار 2254 الذي انعقد مؤتمر "جنيف 3" على أساسه، وعلى أعتاب جولته الثالثة، التي قيل إنها للبحث في موضوع الانتقال السياسي في سوريا، الأمر الذي يعني عدم جدية النظام في التعاطي مع المساعي الدولية أو استهانته بها على الأقل، من خلال سعيه إلى تكريس وقائع تعيق جهود التسوية.
أما عن النقطة الرابعة المحيطة بالانتخابات، قال سارة إنها تمكن في تزامنها مع استئناف العمليات العسكرية للنظام وحلفائه في ثلاث جبهات على الأقل، تشمل دمشق وحلب والمنطقة الوسطى، في خرق واضح للهدنة، وهو ما ترافق مع إعلان قدوم قوات إيرانية إلى سوريا للقتال إلى جانب قوات النظام، وزيادة المشاركين في حرب النظام مع الميليشيات اللبنانية والعراقية والأفغانية بهدف انتزاع أراضٍ جديدة من سيطرة قوة المعارضة، وخلق وقائع ميدانية تحسن وضع النظام على الأرض، وتفرض تلك الوقائع على مجريات المفاوضات سواء لتحسين ظروف الفريق التفاوضي للنظام أو لتعزيز قدرته على تعطيل الحل السياسي.
وختم سارة أنه وسط تلك الوقائع، تبدو انتخابات النظام البرلمانية، مجرد مشهد مسرحي، لا يخفف من معناها إعلان النظام، أن إجراءها هو استحقاق ينبغي الحفاظ عليه، ولا تبدل نتائجها، التي جلبت مطبلين ومزمرين من المؤيدين، ليصيروا أعضاء في مجلس شعب "دمية"، يقارب التجربة العملية في الانتخابات البرلمانية السورية الشائعة، بل ويزيد عليها الكثير.
وأعلن، صباح الأحد، فوز حزب "البعث" الحاكم في سوريا وحلفائه بغالبية مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات التشريعية، التي جرت الأسبوع الماضي، وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة فيها بلغت 57,56%، وهي بذلك تكون ارتفعت نسبة المشاركة عنها في الانتخابات السابقة بمقدار 6%.
وذكرت صحيفة "الوطن"، المقرّبة من السلطات السورية، أن نتائج الانتخابات "أظهرت أن قوائم الوحدة الوطنية (التي أعلنها حزب البعث وهي عبارة عن مرشيحه والأحزاب المتحالفة معه) فازت بكامل مرشحيها في مختلف المحافظات".
وكانت صحيفة "البعث"، التابعة للحزب الحاكم، نشرت في 24 مارس/آذار الماضي قائمة مرشحي "الوحدة الوطنية" لانتخابات مجلس الشعب عن جميع المحافظات السورية والبالغ عددهم نحو 200 مرشح.
وبذلك تكون القائمة قد فازت بغالبية مقاعد مجلس الشعب والبالغ عددها 250 مقعدا.
aXA6IDMuMTMzLjEwOS4yNTEg جزيرة ام اند امز