بلتون .. قصة سهم تضاعف 5 مرات حتى تجاوز قيمة الشركة الأم
خلال 3 أشهر فقط سجل سهم بلتون المالية القابضة بالبورصة المصرية قفزات سعرية استثنائية دون سبب واضح
كيف يُمكن أن تتضاعف قيمة شركة 5 مرات خلال 3 شهور فقط؟، ربما يكون ذلك صعب على أرض الواقع ولكن مجموعات المضاربات العنيفة في البورصة المصرية نجحت في تحقيق هذه المُعادلة وتحديدًا على سهم شركة بلتون المالية القابضة حتى بات سعر السهم لا يخضع للتحليلات المالية أو حتى المنطقية.
في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 بدأت شركة بلتون تشهد تغييرات جذرية في هيكل الملكية بعد قبول هيئة الرقابة المالية عرضًا للاستحواذ على الشركة، تقدم تحالف بقيادة رجل الأعمال نجيب ساويرس مكون من شركتي أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا القابضة، وأكت فاينانشال.
لم يتجاوز الفارق بين عرض الشراء والسعر الذي يتداول عليه السهم حينها سواء 9 قروش للسهم ، إذ بلغ العرض 4 جُنيهات، وكان يتداول السهم آنذاك عند مستوى 3.91 جُنيه، وظل السهم يتداول قرب هذه المستويات حتى منتصف يناير/كانون الثاني.
وبالتزامن مع تردد أنباء عن أن بلتون ستكون الذراع الاستثمارية لشركة أوراسكوم والتي سيتم عن طريقها الاستحواذ على بنك الاستثمار سي آي كابيتال لتكون واحدًا من أكبر بنوك الاستثمار بالمنطقة، حقق سهم بلتون قفزات قوية وسريعة للغاية.
وأسفرت هذه القفزات عن ارتفاع سعر السهم من مستوى 3.43 جنيه في 18 يناير/ كانون الثاني حتى 20.75 جنيه وفقًا لإغلاق أمس الثلاثاء، أي بزيادة استثنائية قدرها 505%.
وأدت هذه القفزة إلى وضع استثنائي آخر بعد أن تجاوزت القيمة السوقية لشركة بلتون، القيمة السوقية للشركة الأم "أوراسكوم" في بعض الأيام، ولكن سرعان ما كانت تقرر إدارة البورصة إلغاء أوامر الشراء والبيع على السهم لكونها تتضمن أسعار غير مبررة.
وحتى أمس الثلاثاء بلغت القيمة السوقية للشركة 3.377 مليار جنيه مقتربة من القيمة السوقية للشركة الأم البالغة 3.934 مليار جنيه، ويُمكن رصد ضخامة هذا الوضع الاستثنائي عند مقارنة قيمة رأس المال المدفوع بالشركتين، حيث إن رأسمال بلتون لا يتعدى 325.483 مليون جنيه، في حين أن رأسمال أوراسكوم يبلغ 2.204 مليار جنيه أي ما يعادل قيمة بلتون بنحو 6.7 مرة.
"هناك عدد كبير من الأسئلة يثيرها الارتفاع الكبير الذي يسجله سهم بلتون، فكيف يسجل سعر السهم قفزة تصل إلى 20% في الجلسة الواحدة بكميات تداول قليلة في كثير من الأوقات؟ وما هي هوية المستثمرين الذين يقودون عمليات التداول على السهم؟ هل أفراد أم مؤسسات؟ وهل هناك أخبار إيجابية على مستوى من الأهمية تعكس هذه القفزات؟" بحسب حسام الغايش العضو المنتدب لشركة أسواق لإدارة الاستثمارات المالية.
وقال الغايش إنه على البورصة وشركة بلتون الإجابة على هذه الأسئلة وعدم الاكتفاء بقرارات إلغاء أوامر الشراء والبيع على السهم حتى يكون هناك رؤية أوضح للمستثمرين.
وأضاف أنه حتى في حالة وجود أخبار جوهرية إيجابية للغاية بالشركة فإنها لا يُمكن أن تقف بمفردها وراء هذه القفزات، نظرًا لأن هناك كثير من الشركات التي لديها أخبار إيجابية تتنوع بين عمليات استحواذ أو تنفيذ توسعات بخطوط الإنتاج أو زيادة رأس المال ومع ذلك لم يتضاعف سعرها عدة مرات خلال أشهر قليلة.
ربما هناك تفسير آخر لتضاعف سعر السهم أفصح عنه نجيب ساويرس بأن ثقة المتعاملين في خطة تطوير الشركة تدفعهم لرفع الأسعار خاصةً مع قلة المعروض من السهم.
غير أن ساويرس أكد أيضًا أن هذا الارتفاع لن يدوم طويلاً فهو ارتفاع وقتي، وسيخفض السهم عن زيادة رأسمال بلتون حتماً.
وأعلنت بلتون أمس الثلاثاء عن قرار زيادة رأس المال من 325.48 مليون جنيه إلى 338.03 مليون جنيه، عبر توزيع 6.27 مليون سهم مجاني قيمته الاسمية جنيهان، ويتم تمويل الأسهم المجانية عبر رصيد الاحتياطي القانوني بالشركة.
ومن الطبيعي أن ينخفض السعر السوقي للسهم عند إجراء زيادة لرأسمال عبر طرح أسهم مجانية بقيمة اسمية للسهم تنخفض عن قيمته السوقية، نظرًا لأن إجمالي القيمة السوقية للشركة حينها يتم قسمتها على عدد أكبر من الأسهم.
من جانبه، قال الدكتور محمد عمران رئيس مجلس إدارة البورصة إن البورصة خاطبت شركة بلتون أكثر من مرة للإفصاح إذا كان هناك أحداث جوهرية تقف وراء ارتفاع سعر السهم، بل إنها ألزمتها بالإعلان عن مضاعف الربحية أكثر من مرة لتمكين المستثمرين من اتخاذ قرار استثماري سليم.
وسجل سهم بلتون مضاعف ربحية مرتفعا للغاية بلغ 1372.143 مرة، وهو مؤشر سلبي على جاذبية الاستثمار في السهم حيث يكشف ضعف نصيب كل سهم من أرباح الشركة، حيث يتم قياس مضاعف الربحية عبر قسم سعر السهم على نصيبه من الأرباح، وهو ما يعني أن سعر تداول السهم يعادل 1372.143 مرة لنصيبه من أرباح الشركة.
وأوضح عمران أن البورصة فعلت أقصى ما يُمكن أن تقوم به للتعامل مع حالة سهم بلتون، حيث أجرت فحصًا دقيقًا لأوامر وعمليات البيع والشراء على السهم ولم تكتشف وجود تلاعبات.
وأضاف أن البورصة استخدمت أيضًا حقها القانوني في إلغاء أوامر البيع والشراء في العديد من الجلسات استنادًا إلى تسجيلها ارتفاعا كبيرا غير مبرر، خاصةً بعد نفي الشركة أكثر من مرة وجود أحداث جوهرية تتسبب في ارتفاع السهم.
وقد قامت البورصة منذ شهر فبراير/شباط الماضي حتى الآن بإلغاء الأوامر المسجلة على السهم في 7 جلسات، منها 5 جلسات خلال الشهر الجاري كان آخرها أمس الأول الاثنين، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المسؤولين بشركة بلتون.
وتستمد البورصة حق إلغاء أوامر الشراء والبيع من المادة 21 من قانون سوق رأس المال لعام 1992 والذي يتيح لرئيس البورصة والرقابة المالية وقف عروض وطلبات التداول التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار، أو المخالفة لأحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذًا لها أو التي تتم بسعر لا مبرر له أو من شأنها الإضرار بالسوق والمتعاملين.
على الجانب الآخر، أكد أسامة رشاد مدير علاقات المستثمرين بشركة بلتون المالية القابضة أن سهم الشركة يستوفي نسبة التداول الحر المطلوبة بنحو 5% ما يتيح عددا ملائما من الأسهم للتداول أمام المستثمرين، فضلاً عن أن ارتفاع سعر السهم ناتج عن عمليات تداول حرة لم تخضع لتوجيه أو تلاعب.
واعتبر رشاد أن قرارات البورصة المتتالية لم تمنع السهم عن الارتفاع نظرًا لأن أحجام التداول تسجل مستويات جيدة في عدد من الجلسات تقترب من 6 ملايين سهم بقيمة إجمالية تتجاوز 100 مليون جنيه، ما ينفي وجود جهة واحدة توجه المستثمرين لرفع سعر السهم بهذه الصورة.
وأشار إلى أن سهم الشركة يعاود الارتفاع مرةً أخرى في الجلسة التالية لقرار إلغاء أوامر الشراء والبيع نظرًا لأن المستثمرين رأوا أن السهم سجل على شاشة التداول أسعارًا مُعينة، وبالتالي سيكون لديه القدرة على إعادة تسجيل نفس المستويات مرةً أخرى.
وبرأي مدير علاقات المستثمرين فإن الشركة أفصحت عن كل ما لديها من معلومات فالجميع يعرف أن هناك صفقة استحواذ تسعى بلتون لتنفيذها على بنك الاستثمار سي آي كابيتال، وتم الاستجابة لطلب البورصة بالافصاح عن مضاعف الربحية، لذا فإن الشراء والبيع هو قرار خاص بكل مستثمر.