"تجديل البامبو" ينير حياة زوجين كفيفين بمصر
زوجان كفيفان في مصر تمكنا من إتقان فن تجديل البامبو ليخلقا تجارة مربحة توفر لهما ولأبنائهما معيشة كريمة
في شقة صغيرة بمنطقة مصر القديمة في القاهرة، يجلس الشاب الكفيف سمير جابر على أريكة صغيرة وأمامه طاولة من البامبو صنعها بيديه، بينما يجدل هو نماذج مختلفة من البامبو في رفقة طفلته فاطمة التي تراقب عن كثب حركات يديه وأصابعه المتقنة.
"تجديل البامبو" هو حرفة معقدة استطاع جابر وزوجته هبة الكفيفة أيضا في إتقانها على مر السنوات، واجها خلالها العديد من الصعوبات بسبب معاناتهما مع كونهما كفيفين ولكنهما تمكنا في النهاية التغلب عليها ونجحا معا في إعداد منتجات أصلية من البامبو وبيعها.
ورغم الحياة الصعبة التي يعيشها الزوجان مع طفليهما فاطمة ومحمود، إلا أن الرجل الثلاثيني يحافظ على هدوئه وثقته في نفسه ويؤكد بعبارات واضحة على قناعته ورضاه بقدره الذي كتبه الله له، مشددا على رفضه استعطاف الآخرين وتفضيله كسب قوته ومعيشته من عرق جبينه.
قبل نحو 6 سنوات ارتبط جابر بزوجته هبة ليتشاركا معاناتهما سويا، حتى قررت الزوجة أن تعلم زوجها حرفة البامبو التى أتقنتها هي منذ صغرها، أملا في تحسين دخلهما وتغطية احتياجاتهما اليومية
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ إن جابر نقل خبراته في الطهي والتعامل داخل المطبخ إلى هبة، حيث علمها كيفية إشعال الموقد وضبط المقادير وحفظ أماكن أدوات المطبخ والوصول إليها بسهولة، ليصبحا كأنهما خلقا ليكملان بعضهما البعض.
وتقول هبة لـ"بوابة العين الإخبارية": إنها " كان عندي 3 سنين عندما فقدت البصر، واتعلمت جدل البامبو في مدرسة النور والأمل خلال 13 عاما"، ولكن القدر شاء لها أن تتزوج من رجل عازم على الحياة والتفاؤل ليتقبل أن يتعلم كيفية تجديل البامبو، "الأدوات اللي بنعملها عجبت الناس وساعدونا أن نروج لنفسنا على فيس بوك".
أما جابر روى لـ"بوابة العين الإخبارية"، أنه فقد بصره في حادثة قبل 15 عاما؛ حيث كان يعمل بحرفة سباكة المعادن وتعرضت عيناه لأبخرة مادة كاوية أودت لاستئصال عينيه، لتتركه الواقعة الأليمة ضعيفا وفاقد الثقة بنفسه بعض الوقت.
لم تقف حياة جابر بعد الواقعة؛ حيث سعى لتستمر حياته كالمعتاد ولجأ للتجول في قطارات مترو الأنفاق لبيع أدوات منزلية ولكنه فشل في ذلك، وكاد أن يفقد حياته على قضبان القطار، حتى اضطر لخوض وتعلم حرف أخرى حتى استطاع إتقان تجديل البامبو بفضل زوجته هبة.
واقترض سمير 4 آلاف جنيه مصري من جمعية خيرية لشراء منشار يقطع الأخشاب، وتمكن من رد المبلغ بفضل عائدات بيع منتجاته من البامبو؛ حيث يسعى حاليا للحصول على قرض بقيمة 15 ألف جنيه لشراء ماكينة لجدل قشر الموز.
خلال الشهور القليلة الماضية التي زاد فيها الطلب على منتجات جابر بعد ترويج بعض أصدقائه لأعماله على موقع "فيس بوك"، أنتج الشاب الكفيف 4 أقفاص كبيرة للغسيل، 25 قفصا صغيرا متعدد الاستخدام، 3 طاولات متوسطة الحجم، و3 أرائكُ، ويعمل حاليا على توفير الخامات اللازمة لصنع 12 قفصا.
رغم تحقيق جابر وهبة ما قد يعتبره البعض مستحيلا بل وفرا حياة كريمة لهما ولأطفالهما، إلا أن أحلامهما لم تتوقف عند تصنيع المنتجات وبيعها، حيث يأمل كلاهما بإنشاء مركز لتعليم فن البامبو، خاصة بعد أن نجحت تجربة جابر في تعليم شقيقه الأصغر محمد الذي ينعم بالإبصار.