خبير عسكري لبناني لـ"العين": نحن في حرب شبه عالمية
قال رياض قهوجي: إن لبنان على خريطة أهداف داعش
قال الخبير العسكري اللبناني رياض قهوجي، في حوار خاص مع بوابة "العين" الإخبارية: "إن العالم يعيش الآن حالة حرب شبه عالمية".
قال الخبير العسكري اللبناني رياض قهوجي في حوار خاص مع بوابة "العين" الإخبارية: "إن العالم يعيش الآن حالة حرب شبه عالمية"، محذرًا من أن بلاده باتت على خريطة تهديدات تنظيم داعش المتطرف.
المدير التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري «إينجما» رياض قهوجي، تحدَّث عن تفجير منطقة برج البراجنة المزدوج في ضاحية بيروت الجنوبية معقل حزب الله، وقال: "الإرهابيون لم يوقفوا الهجمات على لبنان اختياريًّا"، إنما نتيجة للحملة الأمنية التي حصلت وأدت إلى توقيف هذه الخلايا إلى جانب الإجراءات الأمنية التي جرت على مداخل الضاحية. هذا دفع قيادات الإرهابيين إلى الشعور بالشلل، فلم يعد بمقدورهم التحرك، من هنا فإنهم لم يلغوا لبنان عن خريطة أهدافهم، إنما راحوا يبحثون على سبل جديدة محاولين التأقلم مع الإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها وخلق خلايا جديدة لتحل مكان الخلايا التي تم إلقاء القبض عليها. ويضيف: "للأسف تمكنوا من خرق الإجراءات الأمنية، وشاهدنا كيف دخلوا هذه المرة على دراجة نارية وراجلين إلى داخل الضاحية. وبالتالي لبنان كان دائمًا "في دائرة الاستهداف، ولكن الإجراءات الأمنية بدلت المشهد في البداية".
ويؤكد قهوجي أن لبنان هو ضمن ساحة المواجهة مع الإرهاب، وبالتالي نحن عُرضة دائمة لعمليات إرهابية، خصوصًا أن لبنان هو بلد متعدد، وهذه المجموعات تستهدف بشكل أساسي الدول التي يوجد فيها تعددية مذهبية مع استمرار التوتر المذهبي في المنطقة. ويضيف: "لذلك لبنان سيكون عرضة بشكل دائم لتداعيات هذا الصراع القائم في المنطقة، وفي أية لحظة لهجمات طابعها مذهبي .. ولكن هذه المجموعات لن تتحرك بسبب استحقاق ما أو حدث ما، ولكن ما يحصل هو أن لبنان ضمن ساحاتهم".
ويعود قهوجي ليؤكد أنه طالما أن الأجهزة الأمنية قادرة على اتخاذ إجراءات أمنية، والأهم من ذلك على القوى السياسية أن توحد مواقفها ووقف المشاحنات السياسية التي تؤثر في الشارع، هذا سيزيد من مناعة لبنان ضد هذه الأزمات وضد الإرهابيين.
بيروت - فرنسا
وعن القاسم المشترك ما بين كل من تفجير بيروت وتفجير فرنسا، يقول قهوجي: "ما حصل في فرنسا وما حصل في بيروت وما يحصل في سوريا والعراق وما يحصل في عدة أماكن تعرضت لهجمات من قِبَل هذه المجموعات، كله مرتبط ببعضه بطريقة أو بأخرى؛ نحن اليوم في حرب شبه عالمية، فالقوى التكفيرية تستفيد من الصراعات الإقليمية والمذهبية والصراعات الباردة ما بين القوى العظمى لتملأ الفراغات، وتستغل هذا الموضوع لتعمل مع فئات مقهورة ومظلومة لتسوق هذا الفكر؛ كي تزيد عدد المتعاطفين معها، وتتمكن من دعم أجندتها. ولكن مَن يدفع الثمن في النهاية هو القضايا العربية، سواء كانت القضية الفلسطينية، وأي من القضايا الأخرى التي تهم العالم العربي والإسلامي، الذي يظهر وكأن عقيدته هي التي تقف وراء انتشار هذا الفكر التكفيري".
تقييم داعش
وبما أن تنظيم داعش يُثبت مدى قوته وقدرته على خرق أي جهاز أمني، فالتساؤلات تطرح نفسها عن مدى تقدم هذا التنظيم في إرهابه. ويرد قهوجي على هذا السؤال قائلًا: "داعش هو حالة فكرية وليس دولة، طالما أن هذه الحالة الفكرية قادرة للوصول إلى مجتمعات، وتُحدِث خرابًا ودمارًا، هذا يعني أنه يحقق أهدافه ويصل إلى كل ما يريده. ولكن المشكلة أن كل جهة حاولت أن تستغل وجود داعش لتأجيج الصراع المذهبي، يعني تجاهل الوضع في سوريا والسماح له بالاستمرار كل هذه السنوات، وتجاهل الوضع في ليبيا والسماح له بالاستمرار كل هذه السنوات.
كل هذه الأمور جعلت الغرب والمجتمع الدولي يظن أنه يستطيع حصرها في مكان معين ويستفيد منها في أمور أخرى كبيع السلاح وأسعار النفط والتلاعب في الدول، إلا أنها اليوم انقلبت عليهم وتبيَّن أن الحالة الفكرية هذه عابرة للحدود، فلا أحد يعلم متى سيصبح الجار المتزمت متأثرًا بفكر داعش والالتحاق بهم. هذا هو التحدي الذي تواجهه الدول اليوم، وهو الخشية من انتقال هذا الفكر إلى المواطنين.
ولا ننسى أن هذه المجموعات لها صلة بعالم الجريمة المنظمة، وهي بالتالي قادرة على التنقل والحصول على أسلحة، والمثال على ذلك عملية باريس التي نفذوها في أسلحة أوتوماتيكية ومتفجرات وغيرها حصلوا عليها داخل أوروبا. وهذا يُظهر أننا أمام تنظيم خطر قادر على تجنيد عناصر أينما كان لتحقيق الأهداف التي يريدها".
"كويرس" والنظام
شاعت -مؤخرًا- معلومات من قِبَل مصادر مقربة من النظام السوري بأن السيطرة على مطار كويرس سوف تغير الواقع الميداني في حلب، إلا أن قهوجي ينفي هذا الكلام، مؤكدًا "أن السيطرة على مطار كويرس لن تغير أي شيء على الإطلاق، والتدخل الروسي نتائجه محدودة جدًّا" وكل ما قام به الروس هو أنهم قاموا بتبرئة الطرف الأمريكي والغربي في سوريا، وتبين أن الروس هم وراء المشاكل وبقاء النظام.
كويرس هو عبارة عن مطار وحوَّله لعدد من القرى، مقارنة بحجم التدخل الروسي هو نتيجة مخيبة للآمال؛ فقد كان من المتوقع أن هذا التدخل سوف يقلب الأمور رأسًا على عقب، بعكس ما حدث.
ويضيف: "روسيا الدولة العظمى لم تسهم بنتائج كبيرة، ولكن كل ما تمكنوا منه هو أنهم ساعدوا النظام في الحفاظ على المناطق التي كان يسيطر عليها، ومكنوه من استعادة السيطرة على مناطق محدودة المساحة.
وكما قال وزير خارجية أمريكا جون كيري، فإن نجاح الحوار السياسي مرهون بالتوازن العسكري بين الأطراف؛ لذا فإن قوى المعارضة والنظام يجب أن تكون لديهم قوى متكافئة؛ حتى تمنع طرفًا من الشعور بالسيطرة على الطرف الآخر عندها يصبحان أكثر استعدادًا للتنازل والوصول إلى حلول عسكرية؛ لأنه عندما يشعر طرف من الأطراف أنه قادر أن يهزم الطرف الآخر عسكريًّا؛ لا يُعطي أية ليونة في المفاوضات السياسية. من هنا تبدو أهمية التوازن العسكري".
روسيا وسنجار
ولكن هل العراق سوف تستعين بروسيا على المدى البعيد للتعاون معها عسكريًّا، ومساندتها كما حصل في سوريا؟ يقول قهوجي: "على العراق أن تختار إما الأمريكي أو الروسي، وأتصور أن هناك مصالح اقتصادية مع الأمريكي. ولو اختار الروسي فإن العراق ستنقسم فورًا؛ لأن العراقيين لن يتخلوا عن الأمريكي".
أما عن تحرير سنجار، فإن هذا الإنجاز بحسب قهوجي يُثبت أن القوات الكردية، التي لا مشاكل مذهبية فيها وهناك وحدة في صفوفها، قد نجحت على عكس سوء الحال في العراق؛ حيث إن القوات الأساسية هي قوات ميليشيات مذهبية؛ فالقوات العراقية تخضع لتدخلات إيرانية، مما يفقدها نسيجها الوطني الصافي، وهي تجعل هجماتها عشوائية في بعض الأحيان، من هنا صعوبة تقدمهم. حجم الأراضي التي حررها الأكراد أكبر بكثير من الجيش العراقي الذي يفترض أن يكون لديه قدرات برية وجوية"، حسب قول قهوجي.
اليمن
أما بالنسبة لمشكلة اليمن، فيعتبر قهوجي أنها داخلية قبل أن تعطي التدخلات الإقليمية الصراع فيها بُعدًا إقليميًّا. "على المدى البعيد سيحصل حل سياسي داخلي بين القوى الأساسية على أساس نظام كونفدرالي أو فيدرالي، وواضح أن إيران فشلت في تحقيق أهدافها، ولم تتمكن من السيطرة التامة على اليمن، من هنا فإن تدخل التحالف العربي أفشل التدخل الإيراني في اليمن. والحل سيكون سياسيًّا" وعليه أن ينتهي على شكل مصالحة وطنية داخلية بين اليمنيين؛ ليحدد مستقبلهم، وسيكون هذا لصالح المصالح العربية واليمنية في آن واحد"، حسب قول قهوجي.