هدنة سوريا قيد الإنعاش ومخاوف من تعثر العملية السياسية
9 مواقع سورية تشهد مواجهات قتالية عنيفة
الموفد الدولي ستافان دي ميستورا يدعو المجموعة الدولية لدعم سوريا لاجتماع عاجل قبل انطلاق جولة جديدة من المفاوضات لإنقاذ الهدنة.
بعد أن شارفت مفاوضات جنيف بشأن سوريا على الانهيار في جولتها الأخيرة قبل أيام، على خلفية انسحاب وفد المعارضة السورية مع تصاعد العنف على الأرض، دعا الموفد الدولي ستافان دي ميستورا المجموعة الدولية لدعم سوريا إلى عقد اجتماع عاجل قبل انطلاق الجولة الجديدة من المفاوضات، في محاولة لإنقاذ الهدنة وتنشيط عملية السلام المتعثرة.
حيث أكد الموفد الدولي خلال مؤتمر صحفي في جنيف، أن الهدنة السورية "في خطر" ويجب "إنعاشها" وشدد على أن الانتقال السياسي في هذا البلد يجب أن "تشرف عليه حكومة انتقالية جديدة".
وخوفًا من انهيار الهدنة وسقوط العملية السياسية التي ستجبر روسيا على الانخراط قسرًا في الحرب السورية مرة أخرى، ومن شأنها أن تحدث بلبلة في الفترة المتبقية من ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحسب مراقبين، استبقت روسيا خطوة الموفد الدولي في الإعلان عن موعد الجولة التالية من المفاوضات على أن تكون في 10 مايو/أيار المقبل، في حين ردت المعارضة بأن تحديد موعد استئناف المفاوضات هي مهمة الأمم المتحدة.
وأكد جورج صبرا، نائب رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات، أن المعارضة لن تشارك في المحادثات ما لم يتم إجراءات حقيقية على الأرض وفي الداخل السوري.
ويحدث هذا غداة حشودات عسكرية لقوات الأسد وحلفائه في محيط مدينة حلب، بالتزامن مع تصعيد مكثف تتعرض له أحياء المدينة الخاضعة للمعارضة، في ضوء الحديث عن هجوم عسكري واسع بدعم روسي إيراني.
ولم يلتزم النظام السوري وحلفاؤه بقرار وقف الأعمال القتالية الذي بدأ في فبراير/شباط الماضي منذ دقائقه الأولى، وسجلت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في اليوم الـ45 من الهدنة نحو 1150 خرقًا منها 700 خرق قتالي.
وفي متابعة لحالة جبهات القتال في سوريا من درعا جنوبًا إلى حلب شمالًا، ومن اللاذقية غربًا إلى دير الزور شرقًا، نرى أن المواجهات القتالية في ظل الهدنة على أشدها في 9 مواقع.
مواقع خروقات للهدنة:
ولعل أكثر جبهات القتال سخونة والتي شهدت خرق الهدنة، هي جبهات طريق الكاستيلو ومنطقة الملاح ومخيم حندرات وتل رفعت وريف إعزاز وطريق أوتوستراد حلب - تركية في ريف حلب الشمالي، ومطار كويرس العسكري والقرى المحيطة به في ريف حلب الشرقي وبلدة العيس وتلّتها وبلدة الزربة وصوامع خان طومان، بالإضافة لتلال دلْبِش والمحروقات والدبابات والمقالع والصعيبية في ريف حلب الجنوبي.
ثم تليها في السخونة مدينة إدلب وماحولها، ثم جبل الأكراد وجبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي، ومدينة الرستن بالريف الشمالي لحمص، وتيرمعلة والغنطو وتلبيسة في الشمال الشرقي لحمص، وسهل الغاب في محافظة حماة، ومدينة دوما في غوطة دمشق، وقرية اليادودة جنوب درعا وأغلب المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.
خدعة لتمكين الأسد:
في هذا السياق، جمع العديد من المحللين السياسيين والخبراء العسكريين والكتاب الصحفيين على أن اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا هو مجرد خدعة تساعد الرئيس السوري بشار الأسد على التمسك بالسلطة.
فقد نشرت مجلة "نيوزويك" مقالًا كتبه فيصل عيتاني وحسام أبو ظهر وقالا فيه إن الهدنة في سوريا عبارة عن خدعة لمساعدة الأسد على البقاء في السلطة، وإنها سمحت لوسائل الإعلام الدولية بتجاهل الأزمة السورية وكأن الحرب قد انتهت.
وأضاف المقال أن استهداف النظام السوري للمدنيين والمعارضة يشير إلى أن الهدنة لا تحمل أي معنى من الناحية العسكرية ولا السياسية، وأن النظام السوري يستغلها للهجوم على المعارضة وبسط سيطرته على مناطق جديدة.
وتساءل الكاتبان: هل ستعلن الأطراف الدولية عن بطلان الهدنة في سوريا، وعن الوقت الذي ستتبع فيه هذه الأطراف استراتيجية جديدة لتجنب العيوب المتأصلة في الهدنة؟
من جانبها، نشرت مجلة "ذي ناشيونال إنترست" مقالًا للكاتب دانييل ديبتريس قال فيه إن اتفاق "وقف الأعمال العدائية" السوري يعد منهارًا وفي حالة الإنعاش، أو قد يكون ميتًا من الأصل.
وأشار ديبتريس إلى أن هناك انزعاجًا من المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا الذي يقود مهمة يمكن وصفها بالمستحيلة.
وأضاف أن دي ميستورا لا يريد التحدث عما سيحدث بعد فشل مفاوضات السلام السورية في جنيف، وذلك لاعتقاده أن بالإمكان الضغط بما يكفي للحصول على تنازلات من نظام الأسد واللجنة العليا للمفاوضات، وذلك بهدف التوصل إلى حل سياسي شامل من شأنه أن ينهي الحرب في البلاد.
وفي تصريح سابق للمحلل العسكري والاستراتيجي العميد المنشق أحمد رحال، بين أن النظام السوري وإيران -التي يعمل وفقا لأجندتها- هما على يقين تام أن أي حل سياسي سيطيح في مضومنه بنظام الأسد، مهما كان مجحفًا بحق قوى المعارضة، لذا يسعى النظام جاهدا لإفساد الهدنة والوقوف أمام الحل العسكري فقط لا غير والذي هو خياره الاستراتيجي للبقاء في السلطة، وخير دليل على ذلك اقحام اللواء 65 التابع للقوة البرية للجيش الإيراني في القتال في سوريا مطلع الشهر الجاري.