"نيويورك تايمز": "إحباط" أردوغان سبب إسقاط الطائرة الروسية
سياسة أردوغان الرامية للإطاحة ببشار الأسد وجدت موسكو حائط صد قويًّا
موسكو وأنقرة ترغبان في تهدئة الأمور بعد إسقاط القاذفة الروسية.
أبدى كل من الرئيس التركي طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين رغبتهما في وقف التصعيد، أمس (الخميس)، بعد إسقاط طائرة عسكرية روسية في تركيا، أحد حلفاء منظمة شمال الأطلسي، إلا أن الحادثة ما زالت تثير لدى البعض مجموعة من التساؤلات والتكهنات حول السبب الحقيقي الذي دفع الحكومة التركية إلى دخولها في مثل تلك المواجهة الخطيرة مع روسيا.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطابه، الثلاثاء، "أنه تم تحذير المقاتلة الروسية من طراز (سوخوي-٢٤) قبل دخولها المجال الجوي التركي عشر مرات، ولمدة خمس دقائق، الأمر الذي تم تجاهله تماما من الجانب الروسي، ليتم إسقاطها من قبل طائرتين تركيتين من طراز "إف-16، وذلك بموجب قواعد الاشتباك المعتمد عليها دوليًّا، الأمر الذي تم تجاهله تماما من الجانب الروسي"، و هو ما أكده في ما بعد متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون".
في المقابل، استدعى الرئيس التركي مرارًا وتكرارًا السفير الروسي، ليقدم له مذكرة احتجاج، بعد أن زعمت أنقرة تعرضها لاختراقات وغارات جوية من السلاح الجوي الروسي في سوريا بالقرب من الحدود التركية، رغم أن اختراق الطيران العسكري للمجال الجوي لبضعة أمتار يعتبر أمرًا شائع الحدوث، وعادة ما يتم التغاضي عنه في مثل تلك الحالات.
في السياق ذاته، قال وكيل وزارة الدفاع التركي إسماعيل ديمير في مقابلة صحفية: "أنا شخصيا أتوقع مثل ذلك الإجراء من الجانب التركي، لأنه في الأشهر الماضية كانت هناك حوادث كثيرة من هذا القبيل، كما أن قواعد الاشتباك لدينا واضحة أيًّا كانت الجهة التي تنتهك مجالنا الجوي، ومن حق تركيا الطبيعي حماية حدودها، والحفاظ على أمنها وسيادتها و الدفاع عن استقراها وحق شعبها".
وفي الوقت الذي تعتبر صحيفة "نيويورك تايمز" تلك التصريحات صحيحة من الناحية النظرية، ذكر محللون سياسيون أن الرئيس التركي طيب أردوغان لديه عدة أسباب ربما تكون أكثر دقة ووضوحا للسماح للطيارين الأتراك بفتح النار على المقاتلات الروسية، خصوصًا بعد أن طفح به الكيل ووصل إلى حالة من الإحباط -على حد وصف الصحيفة- مع روسيا بشأن مجموعة من القضايا انطلاقًا من سوريا، وحتى القصف الأخير الذي قامت به الطائرات الحربية الروسية، الأربعاء، على مواقع مقاتلي المعارضة المسلحة في الريف الشمالي، والشمالي الشرقي من محافظة حلب وفي ريف اللاذقية الشمالي قرب الحدود التركية، وبلدة تركمان ذات الأصول العرقية التركية.
وتعتقد الصحيفة أن الحكومة التركية قد بدأت بالغليان بهدوء منذ أن بدأت روسيا بعملياتها العسكرية ضد المتمردين السوريين قبل شهرين، والتي حطمت سياسة أنقرة الرامية للإطاحة بحكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
ويقول سونار كاجابتاي، أحد المحللين الأتراك في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط: "الأحداث السياسية الأخيرة دفعت بالرئيس التركي طيب أوردغان إلى خفض مستوى طموحاته وآماله من الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لمجرد الحفاظ على مقعد على طاولة المفاوضات مع القوى العالمية عندما يحين الوقت لذلك".
ويتطلب المشهد السياسي الحالي بين الجانبين الروسي والتركي، أن يتلقى المتمردون في سوريا الدعم الكافي من تركيا، في الوقت الذي تبدو فيه تركيا قلقة، خصوصا بعد أن قامت روسيا بقصف عدة مواقع يسيطر عليها المتمردون في شمال سوريا والمدعومة من تركيا التي سمحت لهم، بما في ذلك أولئك الذين تعتبرهم الدول الغربية إرهابيين ومتطرفين إسلاميين، بعبور حدودها إلى سوريا، مما سيؤثر سلبًا بالتالي على حصص تركيا في سوريا مستقبلًا، حسب ما ذكر المحلل السياسي كاجابتاي.
ويتابع: "كل ذلك سيسهم بشكل أو بآخر في تأزم الموقف التركي حيال الحرب في سوريا، والتي تريد أن تبقى سيطرتها على الأراضي السورية، وأن تبقى لها الكلمة الأولى والأخيرة حول مستقبل سوريا السياسي".
على صعيد آخر، رفض رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو تفسيرات الحكومة الروسية بأن الضربات الجوية التي تنفّذها استهدفت تنظيم "داعش" المتطرف ومجموعات إرهابية أخرى، قائلًا: "لا يمكن لأي أحد تشريع تلك الهجمات على إقليم التركمان في سوريا، والتذرع بمحاولة دحضه للجماعات الإسلامية هناك.
وشدد رئيس الوزراء التركي على ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية لإقليم تركمان في سوريا، والمناطق المتضررة الأخرى في سوريا، وتجنب أي موجة لجوء جديدة إلى بلاده.