"حلب تحترق".. والمعارضة السورية تتنافس على كعكة لم تنضج
بينما يحرق النظام السوري حلب، تدور معارك بين فصائل المعارضة في الغوطة المحاصرة؛ بسبب خلاف على مقرات.
"إننا في الفصائل العسكرية كتلة واحدة من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب.. وإن الاعتداء على أي منطقة محررة يوجد بها فصيل، هو بمثابة اعتداء على المناطق جميعها".
جاءت هذه الكلمات الواضحة التي لا تقبل أي لبس أو تأويل، في بيان وضعه محمد علوش، القيادي بفصيل "جيش الإسلام"، وكبير مفاوضي المعارضة السورية في مفاوضات جنيف، على حسابه الرسمي بموقع "تويتر"، وقال إنه صدر عن الفصائل الثورية المجاهدة في سوريا؛ ردًا على العدوان الذي تتعرض له حلب من قبل النظام السوري.
إلى الآن، لا توجد أي مشكلة، فاتحاد فصائل المعارضة المسلحة في مواجهة بطش النظام السوري، لا جدال على جداوه، ولكن المفارقة التي قد تجعلك تشكك في صدق البيان، أنه وبينما يخبرنا أن الفصائل العسكرية كتلة واحدة من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، تفاجأ على الحساب الرسمي ذاته لعلوش، دعوة أطلقها الرجل لحقن الدماء في الغوطة الشرقية؛ حيث تدور معارك بين جيش الإسلام، الذي ينتمي إليه، وفيلق الرحمن.
وفيلق الرحمن، يوصف بأنه ثاني أكبر فصيل عسكري بعد جيش الإسلام في الغوطة الشرقية وريف دمشق، ويتنافس الاثنان على ضم تشكيلات عسكرية، في سباقهما نحو الانفراد بالزعامة والسيطرة.
وبينما كان ولا يزال النظام السوري يواصل قصفه لحلب، دارت ولا تزال تدور معارك بين الفصيلين، الأمر الذي أثار موجة غضب من قبل السكان، الذين طالبوا الطرفين بإيقاف القتال فيما بينهما، والالتفات إلى قتال نظام الأسد وحلفائه، خاصة بعد المجازر التي نفذها النظام السوري في حلب، وراح ضحيتها نحو 190 شخصًا.
وطالب خالد خوجة، الرئيس السابق للائتلاف السوري، الطرفين بوقف القتال، واصفًا المعارك التي تدور بينهما، بأنها "إجرام بحق الثورة".
وقال -في تغريدة على حسابه بموقع " تويتر"-: "القتال بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن في الغوطة المحاصرة إجرام بحق الثورة واستغلال لممتلكاتها بغير حق، إيقافه واجب واستمراره مدان بكل المعاني".
ولا يبدو أن دعوة خوجة وغيرها من الدعوات التي أطلقها سياسيون سوريون، ستجد صدى عند الفصيلين، كما يبدو من البيان الذي أصدره فيلق الرحمن، أمس السبت، والذي قال فيه إنه على استعداد لوقف إطلاق النار مع جيش الإسلام في الغوطة الشرقية، في حال التزام الأخير بعدة شروط، أهمها تسليم مقرات تابعة لهم، وتسليمهم أشخاص نفذوا حوادث اغتيالات بحق أعضائهم.
وإذا كانت هذه هي الحال الآن، خلاف على مقرات، كما يبدو من البيان، فكيف ستكون الحال إذا أصبحت سوريا دون بشار الأسد؟
أغلب الظن، أن ذلك لن يحدث في القريب العاجل، طالما تحولت القضية من تحرير وطن، إلى نزاع على كعكة السلطة، التي لا تزال عجينًا لم يخمر بعد.
ويجتهد النظام السوري في عدم تمكين المعارضة من مادة التخمر؛ فسياسيًا يلعب على ورقة انقساماتهم إلى ثلاثة أقسام "الرياض- موسكو- القاهرة"، وهو ما حدث في جولة مفاوضات "جنيف" الأخيرة؛ حيث كان دائمًا ما يهدد فريق الرياض، بأنه ليس الممثل الوحيد للمعارضة.
وعسكريًا، يضرب ويحرق في أماكن، كما يحدث في حلب الآن، بينما تقوم فصائل المعارضة المسلحة بهذه المهمة نيابة عنه في أماكن أخرى، كما يحدث في الغوطة الشرقية.
aXA6IDE4LjExNy4xMDMuMTg1IA== جزيرة ام اند امز