بينما كان هاشتاق "حلب تحترق" يواصل التصدر،كان هناك سياسيون سوريون مشغولين بأمر آخر؛ وهو إعداد ما أسموه بـ"دستور سوريا المستقبل"
بينما كان هاشتاق "حلب تحترق" يواصل التصدر على موقع "تويتر"، في مشهد يعكس الاهتمام العالمي بما يدور في المدينة، التي تتعرض لمحرقة وصفها البعض بـ"هولوكست العصر"، كان هناك مجموعة من السياسيين السوريين في العاصمة النمساوية فيينا مشغولين بأمر آخر، وهو إعداد ما أسموه بـ "دستور سوريا المستقبل".
وأصدر السياسيون وعددهم 22 شخصية مساء أمس الأحد، بيانا في ختام اجتماعاتهم التي استمرت يومين، تضمن ثمان نقاط، قالوا إنها محددات لدستور سوريا المستقبلي، أبرزها، أن يكون شكل الدولة "ديمقراطية لا طائفية"، على أساس "اللامركزية في توزيع السلطات بين المركز والأطراف، ضمن وحدة الأراضي السورية"، "فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وضمان استقلال القضاء"، على أن "يضمن الدستور حقوقا قومية متساوية لكل المكونات القومية التي تشكل الشعب السوري"، وأن"الشعب السوري ذو تنوع قومي وديني وثقافي متوافق على العمل من أجل المصلحة العامة".
وعلى الرغم من أن هذه النقاط التي خرج بها الاجتماع لا تبدو مثيرة للاختلاف، إلا أن الجدل السياسي الذي أثير أخذ شكلا آخر؛ حيث ذهب ناشطون وإعلاميون سوريون، إلى أن الشخصيات التي حضرت هذا الاجتماع تلقت الدعوة له من روسيا وأمريكا، اللتين يوجه لهما السوريون أصابع الاتهام فيما يجري الآن في حلب، الأولى بأنها أعطت الضوء الأخضر للأسد بارتكاب المجازر الأخيرة في حلب وغيرها، والثانية بغض الطرف عن كل تلك الجرائم التي تحدث".
وتجاوزت انتقادات أخرى هوية الجهات الداعية للاجتماعات، وركزت على سؤال: "من أعطاهم حق صياغة دستور سوريا".
وشدد الائتلاف السوري، في بيان صدر عنه يوم السبت، على رفضه جميع أشكال الوصاية والتدخلات الخارجية في تقرير مستقبل سوريا وصياغة دستورها.
وقال الائتلاف إن إرادة السوريين الحرة ستتمثل خلال مؤتمره الوطني العام المنتخب، الذي هو الجهة الشرعية الوحيدة المخولة بتكليف لجنة تخصصيه منتخبة مهمتها إعداد مسودة الدستور الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة، ونظام الحكم وشكل الحكومة، وينظم عمل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، والذي يعرض بعد ذلك على الاستفتاء الشعبي لإقراره وفق الأصول القانونية.
وأكد محمد علوش، كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية بجنيف، على المعنى نفسه، الذي جاء في بيان الائتلاف، وقال على صفحته بموقع فيس بوك: "لا يحق لأحد مناقشة دستور سوريا بمنأى عن شعبها المشرد والمنكل به وتحت وقع القصف والقتل والحصار، وقبل تحريره من الاحتلال، ولذلك لا قيمة لما يتم مناقشته، ولا يمكن لأحد أن يضع محددات وتوصيات تخص دستور الشعب السوري الغارق بدمائه منذ خمسة أعوام، لا سيما في الأيام الأخيرة الماضية.. كما رأى الجميع ما يحدث في حلب".
ولم يبرح هذا الجدل السياسي المشتعل صفحات السياسيين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما توارى خجلا خلف "هولوكست حلب"، في الصفحات الأخرى المعنية بمتابعة أخبار الثورة السورية.
وتشهد الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المسلحة في محافظة حلب، منذ يوم 20 إبريل قصفا يوميا مكثفا من قبل القوات الحكومية ودعم جوي روسي، يكاد يكون الأعنف منذ بدء الحرب في سوريا.
ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير صادر عنها اليوم الأحد، بعنوان "الموت الأحمر"، أبرز الانتهاكات والمجازر والمراكز الحيوية التي تعرضت للقصف على يد القوات الحكومية وحلفائها في مدينة حلب في المدة الواقعة بين 20 و29 إبريل/نيسان 2016.
ويتحدث التقرير عن مقتل 148 مدنيا، بينهم 26 طفلا و35 سيدة، وعن جرح ما يقارب 415 شخصا أغلبهم من النساء والأطفال، جراء قرابة 281 غارة استهدفت جميع أحياء المدينة بمعدل 35 غارة يوميا، واستخدام 60 برميلا متفجرا رفقة عشرات قذائف المدفعية.
كما سجلت الشبكة السورية في تقريرها وقوع ما لا يقل عن 7 مجازر، ارتكبت القوات الحكومية أربعة منها، وثلاثة المجازر الأخرى كانت بيد الحليف الروسي، وسجلت أيضا تعرض ما لا يقل عن 13 مركزا حيويا مدنيا للقصف.
aXA6IDMuMTQzLjI0MS4yNTMg جزيرة ام اند امز