حقق ليستر سيتي إنجازا تاريخيا بفوزه بمسابقة البريمير ليج على حساب المرشحين التقليديين
حقق ليستر سيتي إنجازا تاريخيا بفوزه بمسابقة البريمير ليج على حساب المرشحين التقليديين، وهو تتويج يحمل بصمة مدرب يدعى كلاوديو رانييري جعل من التواضع وروح المجموعة قوة ضاربة.
في هذا العالم "المجنون" الذي أصبح فيه الغرور شائعا، حافظ العجوز الإيطالي على تواضعه الأسطوري متمسكا باللقب الذي أطلقه على نفسه "النورمال وان"، في تناقض صارخ مع سقطات البرتغالي جوزي مورينيو الذي لا يفوّت أي فرصة دون تمجيد شخصه.
لعل محافظة كلاوديو رانييري على عاداته بالتحول إلى إيطاليا كل يوم اثنين من أجل زيارة والدته المسنّة (96 سنة) في أهم يوم من مسيرته التدريبية، تبرز حجم التزام الرجل وتمسكه بمبادئه.
ففي الوقت الذي كان فيه العديد من المدربين لا يترددون للحظة واحدة في تغيير جدول أعمالهم من أجل استثمار هذا الحدث بالتواجد في إحدى الفضائيات أو في أحد المواقع الإلكترونية العملاقة، فضّل رانييري إتمام التزاماته العائلية، قبل العودة إلى مقر إقامته لمشاهدة مباراة تشيلسي وتوتنهام إلى جانب زوجته وطاقم مساعديه، في بادرة تبين حجم تمسك الرجل بمبادئه التي جبل عليها.
وفي أول رد فعل بعد تأكد فوز فريقه بلقب البريمير ليج، اتصل رانييري بمدرب البلوز جوس هيدينك من أجل شكره على تمسك تشيلسي باللعب بجدية أمام توتنهام، وفي الحقيقة، فإن تشيلسي لم يكن مستعدا لإفساح الطريق أمام غريمه الأزلي لكي يرث اللقب الذي حققه البلوز الموسم الماضي.
فضلا على ذلك فإن جماهير الستامفورد بريدج تحمل تعاطفا خاصا لمدربها السابق كما أن حملة التعاطف مع "الثعالب" شملت كامل إنجلترا، لما يمثله من رمزية وضعت حدا لسطوة المال على كرة القدم العالمية.
صورة المدرب المتخصص في الفشل
حمل رانييري لفترة طويلة صورة المدرب المتخصص في الفشل، حيث لم ينجح في الفوز بأي دوري رغم مع كل الفرق الكبرى التي دربها مثل يوفنتوس، روما وإنتر ميلانو في إيطاليا، وتشيلسي مما جعل العديد من الخبراء يصنفونه ضمن المدربين القادرين على تحقيق إنجازات مع الفرق الصغرى فقط، على غرار ما قام مع كالياري الذي أسهم في صعوده من الدرجة الثالثة إلى دوري الدرجة الأولى في ظرف سنتين، أو كما قام به مع بارما في سنة 2007 عندما أنقذه من شبح الهبوط بمعجزة.
غير أن ما يتناساه الكثيرون أن رانييري قام بعمل رائع مع الفيولا في سنة 1996 عندما فاز معه بمسابقتي كأس إيطاليا والسوبر المحلي، قبل أن يترشح معه للدور نصف نهائي من كأس الأندية الفائزة بالكؤوس قبل أن يلاقي العملاق الكتالوني برشلونة.
وجاءت ملحمة 2016 لتعيد الاعتبار لهذا الأخير. فمن كان يتصور أن ينجح مدرب ما في صنع أبطال من لاعبين كانوا منسيين في إنجلترا على غرار فاردي، شلوب ودرينكواتر أو لم يسبق لهم اللعب في الدرجة الأولى على غرار محرز وكانتي.
سقطات مورينيو
نجح جوزي مورينيو في وقت قياسي في فرض نفسه كواحد من أفضل المدربين في القارة العجوز بفضل إنجازاته الكبرى مع بورتو البرتغالي وتشيلسي الإنجليزي وإنتر ميلانو الإيطالي.
ولم يفوّت "السبشيال وان" فرصة الاهتمام الإعلامي به من أجل التهجم على عدة شخصيات رياضية على غرار رانييري، ففي سنة 2010، انتقد المدرب الإيطالي بسبب عدم تطوره.
سر من أسرار نجاحي أني أبذل مجهودا خرافيا من أجل تحسين قدراتي، قبل قدومي لإيطاليا مثلا، درست اللغة الإيطالية بمعدل 5 ساعات يوميا.
لكن تصوروا مدربا مثل رانييري قضى العديد من السنوات في إنجلترا ويجد صعوبة بالغة في ترديد كلمات بسيطة.
لهذا السبب نجحت في الفوز بالعديد من الألقاب، في الوقت الذي فشل فيه هو في تحقيق إنجاز يذكر باستثناء بعض الكؤوس.
ليستر، إنجاز الحياة
هذا التهجم المجاني لم يحرك رغبة الانتقام لدى رانييري حتى بعد الطرد المهين الذي تعرض له مورينيو في الموسم الحالي من قبل إدارة "البلوز".
"لم أغير يوما ما قناعاتي، كنت متيقنا أنني سأفوز يوما ما بمسابقة الدوري، الحكمة التي خرجت بها من الفوز بهذا اللقب أنه في كرة القدم أو في الحياة ينبغي أن نؤمن بما نحن بصدد فعله".
نقلا عن مجلة فرانس فوتبول الرياضية الفرنسية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة