السياحة العلاجية.. الأردن قبلتها الأولى والربح 1.2 مليار دولار
الأردن قبلة العلاج الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحسب البنك الدولي وبلغ دخلها عام 2015 1.2 مليار دولار
البحث عن بارقة أمل جعلت مريم أبو هدرة وزوجها يتوجهان من ليبيا إلى الأردن، لعلهما يجدان حلمهما الذي طال تحقيقه، فمريم متزوجة منذ 13 سنة وإلى هذه اللحظة لم تنجب طفلاً لأسباب طبية يعاني منها زوجها، والحزن والمعاناة النفسية تلاحقهما أينما يذهبان، تقول مريم: "أبلغ من العمر 35 سنة وقد نصحنا الكثير من الأطباء في ليبيا أن نتجه للأردن لوجود مراكز مهمة متخصصة في علاج العقم، وقد بدأنا في العلاج ويحتاج إلى فترة طويلة قد تتطلب إقامتنا بشكل دائم في الأردن، تكاليف العلاج في الأردن مقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، ميسرة، فالدول الأجنبية مكلفة وأيضاً لا نستطيع التفاهم معهم، كون الموضوع حساسا وبه خصوصية عالية، فاتجهنا إلى الأردن لتماثل الثقافة المجتمعية. وقد منحنا الاطباء أملا حقيقيا ولكن علينا الانتظار لعل الله عز وجل يفرج كربنا".
أما المهندس اليمني عبدالله إبراهيم فقد جاء بابنه "محمد" الذي يبلغ من العمر 8 سنوات، لتشخيصه في مراكز اللغة والنطق، كونه يعاني من تأخر لغوي وصعوبات ترافق تحصيله الدراسي، يقول عبد الله: "لقد جئت إلى الأردن بعدما وجدت أن كل أخصائي في اليمن يشخّص حالة ابني بشكل مختلف وقد بحثت على الإنترنت، الخوف أن يكون ابني مصابا بمرض التوحد، جعلني أن آتي إلى الأردن، وبعد الفحوصات الكثيرة التي أجراها المختصون تبين أن ابني مصاب بصعوبات تعلم، وتأخر في اللغة يعد طبيعيا كونه أصيب في نقص أوكسجين عند الولادة، الآن يأخذ جلسات مستمرة باللغة والتدريب عليها، وبالفعل تحسن، وتفاعله معي ومع أمه أصبح جيدا. عندما يريد أن يسافر أي أب ليعالج ابنه ويأخذ معه زوجته سيذهب إلى مكان آمن بعيد عن الحروب والاضطرابات، ومعظم الدول المجاورة أصبحت مضطربة، وأيضاً عامل نوعية العلاج المقدم مهم في عملية البحث عن وجهة علاجية".
العوائد
رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري أكد أن الأردن يعتبر قبلة العلاج الأولى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحسب دراسات البنك الدولي. حيث بلغ دخل السياحة العلاجية لعام 2015 ما يقارب 1.2 مليار دولار والذي شكل ما نسبته 3.5% من الناتج الإجمالي، وقد فاز الأردن بجائزة أفضل مقصد للسياحة العلاجية للعام 2014، ويقدر عدد المرضى العرب الذين عولجوا في المملكة عام 2015 نحو 250 ألف مريض يرافقهم 500 ألف مرافق، يستخدمون المرافق السياحية كالفنادق والشقق الفندقية والمرافق التجارية وغيرها من القطاعات.
ومن الجنسيات الأكثر طلباً للعلاج في الأردن: السعودية، ليبيا، العراق، اليمن، فلسطين، السودان، سوريا والبحرين. وأكثر التخصصات المطلوبة هي: القلب، العظام، أطفال الأنابيب وعلاج العقم، الكلى والمسالك البولية، العيون والعمليات التجميلية وطب الأسنان.
ويضيف الحموري: من أهم أسباب نجاح الأردن في السياحة العلاجية توفر الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة، والاستثمار في المستشفيات الخاصة التي تضاهي أفضل مستشفيات العالم المجهزة بأحدث التكنولوجيا الطبية وبأعداد كبيرة، مما جعل توفير الخدمات الطبية المتميزة يتم بيسر وبسرعة فلا يحتاج المريض للانتظار للحصول على الخدمة، وقد حافظنا على أسعار معقولة ومنافسة تعتبر الأقل مقارنة بالدول المنافسة.
وبين أن الجمعية قامت من خلال تحليل البيئة الداخلية والخارجية لقطاع السياحة العلاجية بتحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات لقطاع السياحة العلاجية. أن نقاط القوة التي يمتاز بها قطاع السياحة العلاجية في الأردن شملت الاستقرار الأمني والسياسي، وسهولة الدخول للأردن لكثير من الجنسيات، وأسعار الخدمات الطبية المنافسة والتي تقل عن أسعار الدول المستهدفة، وحصول عدد من المستشفيات الخاصة على شهادات الاعتمادية الدولية والمحلية وتطبيق برامج ضمان الجودة والاستثمار في توفير الأجهزة الطبية الحديثة، وعدم وجود فترة انتظار طويلة، والاستثمار في الكوادر البشرية الأردنية التي تميزت بمهارات عالية وسمعة طيبة.
وبخصوص نقاط الضعف التي تواجه القطاع بين الحموري أن ارتفاع التكاليف التشغيلية وفاتورة الطاقة أصبحت من أكبر المعيقات التي أصبحت تواجه المستشفيات الخاصة وأثرت بشكل سلبي على التسويق من خلال سياسات ضبط النفقات التي أصبحت تنتهجها المستشفيات بالتوازي أيضا مع عدم وجود أي دعم حكومي لقطاع السياحة العلاجية محلياً.
البحث عن تكلفة أقل
خبير الإدارة السياحية والأكاديمي الدكتور أسامة الفاعوري، من جامعة الزيتونة الأردنية، يعرف السياحة العلاجية في أنها انتقال المرضى من دول متقدمة إلى دول أقل تقدماً. وهذه الدول تمثل مقصدا علاجيا بالنسبة لهم. ومن أهم الأسباب التي تجعلهم يلجئون للدول الأخرى هي كلفة العلاج المرتفعة في الدول المتقدمة وأيضاً انتظارهم لمدة طويلة إلى أن يصل لهم العلاج، وبعض الحالات لا تستطيع الانتظار. ويوجد نسبة كبيرة من الأشخاص لا يوجد لديهم تأمين يغطي تكاليف العلاجات، ولا يستطيعون توفير المتطلبات المادية لتلك العلاجات، لهذا يتم البحث عن دول يتم توفير العلاجات بكلفة أقل.
فالمريض عندما يبحث عن العلاج يهتم بالدرجة الأولى في التكلفة ومن ثم في نوعية العلاج، وهذا التسلسل بحسب الدراسات. فكلفة الإجراءات الطبية في دول أقل تقدما تكون تكلفتها أقل من الدول المتقدمة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر: عملية قسطرة القلب في الولايات المتحدة تكلفتها تبلغ 50 ألف دولار، في حين تكلفتها في بريطانيا تبلغ 25 ألف دولار، وفي الأردن تبلغ 8 آلاف دولار. ومثل هذه العمليات يهتم المريض بأن تتم بشكل سريع وأن يكون الكادر الطبي سمعته جيدة ومؤهلا.
يضيف الفاعوري: العلاجات التي يحتاجها الأشخاص في السياحة العلاجية تنقسم إلى نوعين، العمليات المعقدة مثل جراحة القلب والأعصاب وجراحة المفاصل وغيرها من الجراحات الدقيقة. وثاني نوع هو العمليات البسيطة مثل شفط الدهون وربط المعدة وتجميل الأسنان وغيرها.
من أهم الأسواق المسيطرة في الحصة الأكبر في السياحة العلاجية السوق الآسيوي من تايلاند وماليزيا والهند وسنغافورة. والأردن ينافسه إسرائيل ومصر ولبنان.
aXA6IDMuMTM1LjIyMC4yMTkg جزيرة ام اند امز