وزير سابق يشعل الجدل بالجزائر حول استغلال الدين في السياسة
يطوف بالمساجد للقاء المواطنين.. والبرلمان يستجوب وزير الأوقاف
وزير سابق أشعل الجدل مجددا بالجزائر حول استخدام الدين في السياسة، فبعد عودته عقب سنوات من الفرار، أصبح يظهر بكثافة في الزوايا الدينية.
وزير الطاقة السابق في الجزائر شكيب خليل أشعل الجدل هناك من جديد حول استخدام الدين لأغراض سياسية، وذلك بعد عودته للبلاد مؤخرا، بزياراته المتكررة إلى المساجد التي تحظى بتغطية إعلامية واسعة، وتظهره في ثوب المرشح لمنصب هام في الدولة، مما جلب عليه سخط سياسيين في المعارضة رأوا في خطوته استغلالا للدين في السياسة.
وخلال مدة قصيرة من عودته للجزائر، طاف شكيب خليل بأكثر من 10 زوايا بكل أنحاء الجزائر، يلتقي فيها بالمواطنين، ويقدم تحليلاته لهم خاصة حول تطور سوق النفط باعتباره خبيرا دوليا في هذا المجال، حيث يقدم في العادة رسائل طمأنة بأن الأسعار ستعود لنصابها ابتداء من العام القادم.
ورغم أن شكيب خليل يؤكد في كل مرة على أنه ليس له طموح سياسي من وراء هذه الزيارات، إلا أن كثيرا من المتابعين لا يصدقون ما يقول، لا سيما وأنه يدرس تحركاته بعناية فائقة، ويحرص على تغطية إعلامية واسعة لها، ويتكلم مع المواطنين بخطاب سياسي مبسط يتحسس فيه رؤيتهم لمستقبل الجزائر.
وفي هذا الصدد، يقول عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم، إن تحركات شكيب خليل باتجاه الزوايا ليست بريئة، فهو يقوم بحملة مركزة يستعمل فيها أموال ووسائل الدولة من خلال زيارته للزوايا، بما يشبه منهج السياسيين الأمريكان في حملاتهم الانتخابية، مضيفا في تصريحاته للصحافة الجزائرية أن "شكيب خليل معروف عنه تأثره بما يجري في الولايات المتحدة الأمريكية التي قضى فيها جل عمره، مشتغلا في قطاع النفط وفي البنك الدولي".
غير أن زيارات شكيب خليل إلى الزوايا طرحت مشكلة أخرى في الجزائر يتعلق باستغلال الدين في السياسية، الذي يمنعه الدستور الجزائري، وهو ما دفع أحد نواب البرلمان إلى مساءلة وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى حول ما يقوم به هذا الوزير السابق ومدى مطابقته للقوانين الجزائرية.
وقال النائب جلول جودي عن حزب العمال المحسوب على اليسار، في نص سؤاله الكتابي إلى الوزير، إن "استعمال الدين لأغراض سياسية "قد كلف مأساة وطنية لا تزال مخلفاتها وآثارها مستمرة حتى الآن، وعلى الصعيد الدولي يستعمل في تشتيت وتفكيك المجتمعات من المشرق إلى المغرب، تطبيقا لمخططات خارجية تهدف إلى تفكيك الأمم والشعوب".
واعتبر النائب جودي أن ما يفعله الوزير "يعد خرقا لمبدأ دستوري في بلادنا بعدم استعمال الدين لأغراض سياسية وانحرافا باستعمال أماكن العبادة، خاصة الزوايا".
والأخطر من ذلك بحسب النائب أن "الزوايا تستعمل من طرف مسؤول سياسي ووزير سابق، سبق أن كشفت سلطات القضاء الجزائرية تورطه في قضايا فساد، وبترويج إعلامي غير مسبوق، وبتورط مديريات الشؤون الدينية بعدة ولايات في تحضير وتنظيم هذا النشاط السياسي المخالف للدستور"
وأضاف جودي أن طواف الوزير السابق بالزوايا، "أحدث توترات في عدد منها عبر عدة مناطق من الوطن ترفض هذا الاستغلال للزوايا، وهو ما قد يؤدي إلى نشوب صراعات واشتباكات يكون سببها إقحام الدين في أغراض سياسية".
ودعا النائب وزير الشؤون الدينية، إلى إجابته على سؤالين، الأول: "لماذا لم تتدخل الوزارة لوقف هذا الانحراف باستعمال الزوايا لأغراض سياسية خاصة أنكم صرحتم بأنكم على دراية بكل النشاطات التي تنظم هناك؟"، والثاني : "ما هي التدابير التي تنوي الوزارة اتخاذها لوضع حد لهذه الممارسات التي تتناقض مع أحكام الدستور؟".
وكان وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، قد عاد إلى الجزائر في مارس الماضي، بعد سنوات من الإقامة خارج البلاد، إثر اتهامه عام 2013 بالفساد واستغلال النفوذ، فيما عرف وقتها بقضية "المجمع البترولي الجزائري سوناطراك".
وذهب محللون ومنهم المحامي والحقوقي مقران آيت العربي، إلى حد اعتبار أن الوزير شكيب خليل المقرب من محيط الرئيس بوتفليقة، يجري تحضيره حاليا ليكون مرشحا للانتخابات الرئاسية سنة 2019، خاصة في ظل الوضع الصحي للرئيس الذي لا يسمح له بتولي ولاية خامسة.
ويقول المدافعون عن شكيب خليل إنه كان ضحية تقارير مغلوطة أعدها ضباط دائرة الاستعلام والأمن "جهاز المخابرات السابق" عن تورط الأول في قضايا فساد تتعلق بمجمع سوناطراك، بغرض النيل منه واستهداف الرئيس بوتفليقة شخصيا بالنظر إلى أن الوزير يعد من أقرب مقربيه.
وكان اسم الوزير خليل وعائلته ورد في قائمة تتضمن تسعة متهمين أصدر قاضي التحقيق بمجلس قضاء العاصمة مذكرة دولية بتوقيفهم، في أغسطس/آب 2013، بعد اتهامه بتلقي رشاوى تصل إلى 200 مليون دولار في صفقات أبرمها مجمع سوناطراك مع شركة سايبام الإيطالية.
لكن الوزير السابق لم يظهر أبدا في لائحة المطلوبين للشرطة الدولية، وتثار حتى اليوم علامات استفهام عن سبب سماح السلطات الجزائرية لشكيب خليل بالمغادرة، على الرغم من أنه كان محل تحقيق.
ويعد شكيب خليل أحد الخبراء الدوليين في سوق النفط، وشغل عدة مناصب في هيئات دولية مثل البنك العالمي، كما ترأس في فترة إشرافه على وزارة الطاقة، منظمة الدول المصدرة للنفط أوبيك، وعمل جاهدا على إنشاء تكتل مشابه للدول المصدرة للغاز.
aXA6IDE4LjExOS4xMjUuMjQwIA==
جزيرة ام اند امز