انتهت قبل يومين حكاية رئيسة البرازيل مع السلطة اجتمع البرلمان وأقر تجريدها من منصبها، رغم أنها كانت قررت خوض معركة مع أعدائها في المجلس
انتهت قبل يومين حكاية رئيسة البرازيل ديلما روسيف مع السلطة، اجتمع البرلمان وأقر تجريدها من منصبها، رغم أنها كانت قررت خوض معركة مع أعدائها في المجلس للبقاء في منصبها حتى انتهاء ولايتها، إلا أنها لم تتمكن من حشد أسلحتها التي كانت بالطبع غير كافية لخوض معركة البقاء، ومالت الكفة بعد ذلك لمصلحة خصومها، الذين اتهموها بقضايا فساد مالي.
قصة روسيف تأتي بعد حلم ساد أمريكا اللاتينية بوصول اليسار الذي عرف ب«اليسار المعتدل» إلى السلطة، وجاءت بعد رئيس شهد العالم بنزاهته، وهو لولا دي سيلفا، الذي ودع السلطة رغم المطالبات الشعبية ببقائه، بحكم أنه حقق إنجازات كبيرة لشعب البرازيل.
بإقالة روسيف تطوى صفحة 14 عاماً من حكومات حزب العمال التي وصلت إلى السلطة عام 2002، بدءاً مع الرئيس سيلفا الذي بقي في السلطة لمدة ثماني سنوات، عمل فيها الكثير للبرازيل، ونقلها إلى واقع مختلف عن واقعها الذي كانت تعيشه، فيما وصلت ديلما روسيف إلى السلطة بعد فوز على خصمها في انتخابات 2010، وبدت كأنها تواصل المسيرة التي بدأها سيلفا، إلا أن خصومها واصلوا الضغط عليها لكسر
هيمنة اليسار في أمريكا اللاتينية، وتمكنوا منها بعد أن جمعوا النسبة الكافية في البرلمان لإقالتها بتهمة فساد.
دور اليسار في أمريكا اللاتينية، وتحديداً البرازيل، بدأ ينتعش في الآونة الأخيرة بعد أن كان بدأ يخبو في مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي في تسعينات القرن الماضي، وهو انتعاش ارتكز على عوامل عدة، من أبرزها الدور الذي قامت به الولايات المتحدة للهيمنة على العالم، في ظل غياب القطب الثاني في المعادلة الدولية، المتمثل في معسكر الاشتراكية.
جاء صعود اليسار في أمريكا اللاتينية في مرحلة مهمة من مراحل الصراع الاجتماعي والسياسي في العالم، ووصول العديد من قواه وتحالفاته الواسعة الى الحكم بالتزامن مع انهيار التجربة الاشتراكية، التي شكلت وعاء لانضمام العديد من شعوب العالم إلى المعسكر الاشتراكي خلال مرحلة ما بعد الحربين العالميتين.
وقد بدأت انتصارات اليسار في أمريكا اللاتينية عام 1998 في فنزويلا لتستمر في تشيلي والسلفادور وبوليفيا والأرجنتين حتى بداية 2014، إضافة إلى البرازيل التي قدم رئيسها السابق دي سلفا تجربة رائدة تستحق التوقف عندها، إلا أن «الرأسمالية المتوحشة»، تربصت باليسار ونجحت في إقالة روسيف، وهي ضربة قاصمة له سيحتاج لوقت لكي يعود إلى طريقه القديم.
سيكون أمام البرازيل مهمة صعبة في السنوات القليلة المقبلة، والازدهار الصناعي والسياسي الذي تحقق خلال حكم دي سيلفا وروسيف سيكون في مهب الريح، بخاصة في ظل وجود رغبة جامحة في القضاء على إرث الشخصيتين، اللتين اتبعتا طريقة مختلفة ومبتكرة في معالجة الفقر في البلاد.
نقلا عن جريدة "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة