اللهجة الإماراتية لهجات متلونة متنوعة بتنوع الإمارات وغناها بالبيئات الأربعة المختلفة وما تحمله من تنوع قبلي في كل منها
اللهجة الإماراتية لهجات متلونة متنوعة بتنوع الإمارات وغناها بالبيئات الأربعة المختلفة وما تحمله من تنوع قبلي في كل منها، للهجة الإماراتية أيضا مرونة تجعلها تتشرب مفردات جديدة تغنيها وتلونها، أصول اللهجات الإماراتية وغناها هو ما عالجته جلسة "اللهجة الإماراتية: هوية وطن" التي نظمها "ملتقى متحف زايد الوطني" مساء الأربعاء في منارة السعديات في المنطقة الثقافية في جزيرة السعديات بأبوظبي، وذلك ضمن برنامج الجلسات والحوارات وورش العمل الفنية والتعليمية الخاصة بمتحف زايد الوطني.
وتحدث في هذه الجلسة كل من سلطان العميمي "مدير أكاديمية الشعر"، والكاتب والباحث أحمد محمد عبيد وأدار الجلسة الدكتور موسى الهواري رئيس قسم تطوير المحتوى التعليمي.
وناقش الحوار أيضاً أكثر من 20 لهجة محلية تتواجد في أرض الإمارات فقط، وإلى يومنا هذا يستمر الباحثون في التراث الإماراتي بإيجاد المزيد من الفروق الدقيقة في التعبيرات الشائعة، والتقاليد الشعرية المحلية، وسبل الحديث والتواصل بين أبناء الإمارات.
وركزت الجلسة على جماليات اللهجة الإماراتية ومرونتها وقدرتها على استيعاب مفردات جديدة ومعرفة القدرات التي تمكن متحدثي اللغة من التواصل مع بعضهم البعض والتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم، كما ناقش الحوار أيضا التغييرات اللغوية داخل الإمارات وتطرق المتحدثون إلى الأنماط الفريدة من نوعها مثل تطور اللهجات المحلية بفعل التأثيرات الأجنبية التاريخية واستخدام اللهجة الإماراتية في التقاليد الشعرية المحلية، حيث كشف الملتقى عن الإرث الغني والأصيل لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وشرح الكاتب والباحث الدكتور أحمد محمد عبيد مفهوم ارتباط اللهجة بمعايير تتضمن قانون الاستسهال والقرب الجغرافي للقبائل العربية وتفاعل الجيل الجديد، إذ تطرق إلى ظاهرة الإبدال، وارتباطها المباشر بقوانين الصوت، كإبدال العين ألفاً فيقال "ألي" بدلا من "علي" و "أليكم" بدلا من "عليكم" في لهجات قبائل الشحوح والحبوس والظهوريين وأهل الرمس.
وذكر أن الارتباط الزمني مع تطور الأفراد في كل منطقة، ساحلية كانت أو جبلية أو صحراوية، وطالب بضرورة مراقبة أشكال ومشروعات جمع مفردات اللهجة المحلية، لما لها من بعد تاريخي مؤثر في مجال البحث التوثيقي.
فيما ناقش العميمي في حواره حول اللهجات المحلية في مختلف بيئاتها الأربعة وهي البيئة البدوية والساحلية والجبلية والزراعية، وأشار أن الموقع الجغرافي والتنوع القبلي في هذه المناطق أحد أهم الأسباب في اختلاف اللهجات بينهم، فالمنطقة الغربية "البادية" في إمارة أبوظبي فقط تضم أربع لهجات مختلفة في مناطق السلع والختم ومدينة زايد والرويس، ويعود هذا التنوع أيضا إلى تزاوج أبناء القبائل حيث تختلط اللهجات بين القبيلتين لتكتسب لهجات جديدة أخرى.
وتطرق العميمي إلى بعض المفردات الإماراتية في كثير من اللهجات المحلية ليبرز فيها التنوع الغني وثراءها، ليظهر تمكن متحدثي اللغة في التواصل مع بعضهم البعض، وذكر على سبيل المثال "فلان عده في الدار" وهي تعني فلان "بعده" أي ما زال في الدار.
وانتقل حوار العميمي في جلسة النقاش إلى المفردات التي سماها "الدخيلة" في اللغة العربية وبالأخص اللهجة الإماراتية، حيث ذكر أن نسبة المفردات الدخيلة قليلة جداً لا تتجاوز الـ 2%، ويعود ذلك إلى حجم المفردات العربية في اللهجة الإماراتية القديمة كبيرة جدا بل أكبر مما نتخيل.
وقال العميمي: "هناك مفردات قديمة تعود إلى 1400 سنة وتم توارثها من جيل إلى آخر وهي موجودة حتى اليوم مثل كلمة "خندريس" التي تعني التمر الجديد وهي كلمة فارسية".
واعتبر أن "المفردات الدخيلة غير عربية دخلت في المجتمع الإماراتي مع الاستعمار الأجنبي في المنطقة ومع التبادل التجاري ووصول الجاليات الغير عربية للعيش في البلاد، كالمفردات الإنجليزية والهندية والتركية والفارسية، ولكن الأكثر تأثيرا هي الإنجليزية والهندية، وأقلها الفارسية والتركية".
وأشار العميمي إلى ذكاء أهل الإمارات في استخدام هذه المفردات بطريقتهم الخاصة، وتجلى هذا الذكاء في تحويل بعض الكلمات الأجنبية إلى مفردات محلية ليتكيف بها المجتمع الإماراتي حسب احتياجه لها بطريقته الخاصة، وذكر كلمة السيارة فهي باللغة الإنجليزية تعني "موتور" فتم تعريبها إلى اللهجة المحلية بكلمة "موتر".
وفي سؤال لأحد الحاضرين حول اهتمام الدولة باللهجة الإماراتية على مستوى التعليم ومخاوف الآباء باختفائها لدى الأجيال القادمة التي تأثرت وستتأثر بالمفردات الدخيلة الأجنبية، أجاب العميمي أن هناك اهتماما كبيرا في غرس اللهجة المحلية من قبل الدولة، وذكر أن أكاديمية الشعر قدمت اقتراحا لوزارة التربية والتعليم حول منهاج محلي إماراتي وعربي، وذكر الدكتور موسى الهواري أن هناك اهتماماً في اللهجة المحلية وتم ذلك عبر أنشطة تراثية للطلاب، معتبراً "أنه لا يوجد نشاط للطلاب إلا ويتضمن جزءا خاصا بالمفردات المحلية القديمة ولها تفسير خاص بها".
ويختتم الموسم الثاني من السلسلة بجلسة تحت عنوان "البيئة الطبيعية في الإمارات عبر العصور" في الأول من يونيو المقبل والتي ستلقي الضوء على أعمال التنقيب المستمرة والبحوث الأثرية والدلائل الأحفورية التي عاشت على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة.
يذكر أن متحف زايد الوطني يهدف إلى استعراض الموروث التراثي والحضاري لدولة الإمارات، ويسرد مسيرتها نحو الحداثة في سياق محيطها العربي والعالمي متيحا بذلك الفرصة لزواره بالاطلاع على مجموعة من المقتنيات الأثرية والفنية من الثقافة الإماراتية والعربية.
aXA6IDE4LjIyMi43OC42NSA= جزيرة ام اند امز